يبعث فوز القوى المؤيدة للغرب في الانتخابات اللبنانية على الارتياح لدى المسؤولين الأمريكيين إذ يوفر عليهم اتخاذ قرارات مثيرة للضيق بشأن كيفية التعامل مع ائتلاف يقوده حزب الله المدعوم من سوريا وإيران. وفي تطور مفاجئ أعلن وزير الداخلية اللبناني ان تكتل سعد الحريري المناهض لسوريا حصل على 71 مقعدا في البرلمان المؤلف من 128 عضوا مقابل 57 مقعدا لتحالف المعارضة الذي يضم حزب الله وحركة أمل الشيعيين والزعيم المسيحي ميشال عون. وقبل انتخابات يوم الأحد أوضح مسؤولون أمريكيون من نائب الرئيس جو بايدن فما دونه انهم سيعيدون النظر في المعونة الأمريكية ولاسيما للقوات المسلحة اللبنانية إذا فاز حزب الله وحلفاؤه. وتعتبر الولاياتالمتحدة حزب الله رسميا جماعة إرهابية أجنبية وهو وضع يمنع واشنطن من تقديم مساعدات إلى الجماعة أو الاتصال بأعضائها. وقال بلال صعب وهو خبير في الشؤون اللبنانية في معهد بروكنجز ويقدم المشورة للحكومة الأمريكية بشأن لبنان: النبأ الطيب لواشنطن هو انه لا حاجة لتغيير السياسة لا شكلا ولا موضوعا. واضاف: لن يقيموا احتفالات ولكن من المؤكد أنهم سيتنفسون الصعداء. وقال مسؤول رفيع بوزارة الخارجية الأمريكية طلب الا ينشر اسمه للصحفيين: هناك اشياء كثيرة تبعث على السرور، ولا شك اننا نرحب بحقيقة أن أغلبية 14 آذار استطاعت أن تسود. وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما ان الولاياتالمتحدة ستواصل دعم سيادة لبنان واستقلاله" وهو تصريح يلمح فيما يبدو إلى ان المساعدة المالية الأمريكية من المرجح أن تستمر. غير ان المسؤولين الأمريكيين قالوا انهم لن يتخذوا مثل تلك القرارات إلى ان يتم تشكيل حكومة جديدة وتتضح سياساتها وأولوياتها للمعونات. وأعطت الولاياتالمتحدة القوات المسلحة اللبنانية أكثر من 500 مليون دولار منذ اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري عام 2005 في مسعى لبناء مؤسسة تآكلت بفعل عقود من الصراع الطائفي والنفوذ الأجنبي. وأثار اغتيال الحريري استنكارا دوليا دفع سوريا إلى إنهاء وجودها العسكري الذي استمر 29 عاما في لبنان وادي إلى بروز ائتلاف (14 آذار) المناهض لسوريا بقيادة سعد الحريري نجل رفيق الحريري. ويمهد فوز تكتل 14 آذار الساحة لمساومات بين كل الإطراف بشأن تشكيل حكومة وفاق وطني وبشأن الاستجابة لطلب حزب الله أن يكون له حق النقض المعطل فيها. ويرى محللون انه من المرجح ان يحصل حزب الله على ما يريده قائلين انه إن لم يحصل عليه فقد يكون ذلك نذيرا بأزمة طويلة وعنف محتمل. وقالت منى يعقوبيان من معهد السلام الأمريكي- وهو مؤسسة بحثية- سيكون من الصعب المضي قدما دون تشكيل حكومة وفاق من نوع ما، وهو ما يعني ضمنا ان حزب الله سيريد حق النقض. إحساسي ان ذلك سيكون ضروريا لجذبهم إلى الحكومة. واضافت: إن لم يحدث ذلك فاعتقد اننا سنعود إلى نوع من الشلل الخطير. وقال ايليوت ابرامز المحلل في مجلس العلاقات الخارجية- وهو مؤسسة بحثية- وكان عضوا في مجلس الأمن القومي للبيت الابيض في عهد الرئيس السابق جورج بوش، أرى اننا في لحظة خطرة. وبين ان حزب الله بعد خسارته في الانتخابات سيجد نفسه مضطرا إلى الاعتماد على قوته كجماعة إرهابية والخطر يتمثل في انه سيفعل شيئا ما لتذكرة اللبنانيين بانه ما زال أقوى كيان منفرد في لبنان. وقال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله انه يقبل بنتائج الانتخابات البرلمانية التي فاز فيها التحالف المدعوم من الولاياتالمتحدة. وقال نصر الله في حديث على شاشة تلفزيون المنار التابع لحزب الله: نحن نقبل النتائج المعلنة من قبل وزير الداخلية بكل روح رياضية وديمقراطية ونقبل أيضا ان الفريق المنافس فريق الموالاة حصل على الأغلبية النيابية. وحذر عدة محللين من تصوير فوز تكتل 14 آذار واسمه هو تاريخ مظاهرة ضخمة ضد الوجود العسكري السوري في عام 2005 على انه انتكاسة كبيرة لإيران وسوريا. وقال جون اولترمان مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية بواشنطن: ينبغي الحرص على تفادي المبالغة في تفسير ذلك، اعتقد انه لا يعدو مجرد نهاية جولة وليس هزيمة حاسمة لأحد القدس العربي