مشكل العري واللباس الفاضح بشواطئنا المغربية تخطى جانب الحرية الشخصية وتعداها إلى المساس بحرية الآخرين لأنه من حق جميع المغاربة الإستمتاع بالبحر في ظروف سليمة ولا تخدش بشروط الحياء ومراعات مشاعر أولائك الذين يختارون قضاء يومهم بالشاطئ مع عائلاتهم ولتفادي الوقوع في الإحراج أمام تلك المناظر يفضل أغلب الشباب ارتياد البحر والمسابح دون عائلاتهم...ثم أنه ليس في استطاعة أغلب العائلات الوصول إلى المناطق البعيدة بحثاعن شواطئ تساير رغباتها المحافظة مما يتطلبه ذلك من مصاريف إظافية قد يجعلهم مكرهين على عدم الذهاب نهائيا للبحر وبالتالي نكون قد استصدرنا حريتهم وحقهم في الولوج للشواطئ كجميع المغاربة... محمدية بريس محجبات يسبحن بحجابهن في شاطئ المحمدية تجد العديد من الأسر "المحافظة" بالمغرب كل فصل صيف صعوبات كبيرة في العثور على مصايف تتسم بالحشمة في اللباس خاصة، بعيدا عن "مصايف" المدن الساحلية التي تعرف انتشارا للآلاف من مرتاديها وهم بلباس البحر العاري. وأكد كاتب متخصص في الشأن الديني أنه يجب على الدولة أن توفر أماكن خاصة بالعائلات المحافظة، وجانبا خاصا بالشباب وثالثا بالفتيات، وفضاء آخر لمن أراد أن يتعرى في إطار الحرية للجميع باعتبار أن الفرد يظل مسؤولا عن اختياراته الطوعية. معاناة " أسرة البعض يذهب صباحا قبل أن يمتلئ المصطاف بالشباب والشابات وتبحث أسرة مصطفى الغليمي، موظف في الأربعين من عمره كما صرحت لمحمدية بريس الالكترونية ، عن شاطئ يساير رغباتها "المحافظة" في المناطق البعيدة عن الشواطئ المعروفة، حيث يقل عدد المصطافين ويمكن للنساء أن يسبحن بحجابهن أو بملابسهن كاملة بعيدا عن أعين الرجال، كما هو الحال في شواطئ "طماريس" بالدار البيضاء، و "المنصورية" بالقرب من مدينة المحمدية، و"كرام الضيف" بمدينة الوليدية. لكن رغبات "الغليمي" في الاصطياف في هذه الشواطئ النائية تصطدم بمشاكل عديدة، من قبيل غياب التجهيزات الأساسية الواجب توفرها في كل شاطئ، وضعف المراقبة والحراسة الأمنية، وصعوبة التنقل إليها لمن لا يتوفر على وسائل نقل خاصة به. ويستغرب الغليمي من اهتمام السلطات بالشواطئ التي تضج بالاختلاط وملابس البحر (البيكيني) وبإقامة المهرجانات الترفيهية فيها، في حين أنها تهمل الشواطئ البعيدة التي تؤمها الأسر "المحافظة" اضطرارا وفق رؤيتها الخاصة للاصطياف وشروطه. وقال عبدلاوي لخلافة الإعلامي المتخصص في الشأن الإسلامي إن هناك فئات اجتماعية محرومة تلقائيا من حق في التنعم بالبحر وأجوائه، خاصة في وقت الحرارة المفرطة، مضيفا أن هذا ما يجعل الكثيرين من أولياء الأسر المحافظة محتارين بين تلبية نعمة الاصطياف "الحلال"، وبين الوقوع في اختلاط وتعري فاضح يذهب التنعم بهذه النعمة. وقال لخلافة في حديث للعربية.نت: من خلال تجربة بعض أولياء الأسر المحافظة، بعضهم يفضل ارتياد الشواطئ العامة يوم الجمعة بعد الصلاة مباشرة أو الذهاب صباحا قبل أن يمتلئ المصطاف بالشباب والشابات الذين لا يقيمون وزنا للوازع الخلقي وذلك لطبيعة المرحلة العمرية التي يمرون بها. وزاد المتحدث بأنه كما يحرص المسؤولون على ترويج ضرورة نظافة الشواطئ المغربية من النفايات، يجب أيضا أن تنظف من السلوكيات التي تتنافى وأعراف المغاربة المتسمة بالحشمة والوقار. ويرى لخلافة أنه ينبغي الضغط على المسؤولين لتوفير فضاء خاص بالأسر "المحافظة"، وجانب خاص بالشباب، وثالث بالفتيات، وآخر لمن أراد أن يتعرى في إطار الحرية للجميع، باعتبار أن الفرد يبقى مسؤولا عن اختياراته الطوعية". وبالنسبة لمن يدعو إلى إقامة مخيمات صيفية إسلامية وما قد تشكله هذه الدعوات من تقسيم للمجتمع بين فئات تذهب للمصطاف الإسلامي وأخرى للمصطاف "غير الإسلامي"، أجاب المتحدث بأن الإشكال يكمن في حرمان طرف والسماح لطرف آخر أن يهيمن على الشاطئ في إطار شعار الحرية، مضيفا أنه مادامت الحرية جزء لا يتجزأ ولا يميز بين فرد وغيره، فأولى أن يتوافق المجتمع على مصطافات محافظة وأخرى غيرها، ويكون الإنسان حرا في اختيار المكان الذي يناسبه شريطة وضع إجراءات تنظيمية تكفل نظافته المادية والمعنوية". شواطئ "بديلة" وأكد من جانبه فتح الله أرسلان لمحمدية بريس الالكترونية، الناطق الرسمي باسم جماعة العدل والإحسان الإسلامية، في اتصال مع العربية.نت أن جماعته كان لها السبق عامي 1998 و99 في تنظيم شواطئ "بديلة" لما هي عليه حاليا، حيث دأب حينها المصطافون في هذه الشواطئ على الصلاة جماعة، وكانت المخيمات الصيفية الستة آنذاك تتميز بتقسيمها إلى أماكن بعضها خاص بالأسر، وبعضها خاص بالعزاب، وفضاءات خاصة لسباحة النساء. وتأسف القيادي في الجماعة على منع السلطات لهذه المخيمات الإسلامية عام 2000 بدعوى أنها "ممارسة فئوية تثير بذور الانقسام في المجتمع المغربي"، مضيفا أنها كانت تجربة ناجحة حيث شهدت إقبالا منقطع النظير تضمن حوالي 120 ألف مصطاف، مما يبرز رغبة المغاربة في الاصطياف والترفيه لكن بشروط شرعية تقتضي الحشمة وعدم الاختلاط المائع. وشدد أرسلان على أن إسلامية الدولة تعني أنه عليها الحرص على شيوع الحشمة في الشواطئ، مردفا أنه ينبغي على الدولة أيضا أن تكفل حرية الناس في ممارسة حياتهم بالطريقة التي يرتاحون لها سيما في الاصطياف خلال الصيف.