إن العبادة التي شرعها الله سبحانه وتعالى تنبني على أصول وأسس ثابتة تتلخص فيما يلي : أولا : أنها توقيفية ** بمعنى أنه لا مجال للرأي فيها ** بل لابد أن يكون المشرع لها هو الله سبحانه وتعالى كما قال تعالى لنبيه : { فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ} .. ( هود ) ، الأية : ' 112 ' . وقال تعالى : { ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } .. ( الجاثية ) ، الأية : ' 18 ' . وقال عن نبيه : { إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى } .. ( الأحقاف ) ، الأية : ' 9 ' . ثانيا : لا بد أن تكون العبادة خالصة لله تعالى من شوائب الشرك ، كما قال تعالى : { فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} .. ( الكهف ) ، الأية : ' 110 ' فإن خالط العبادة شيء من الشرك أبطلها ، كما قال تعالى : { وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } .. ( الأنعام ) ، الأية : ' 88 ' . وقال تعالى : { وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ. بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ }..(الزمر) ، الآيتان:'65 66' ثالثا :لابد أن تكون القدوة في العبادة والمبين لها رسول الله " صلى الله عليه وسلم " كما قال تعالى : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} .. ( الأحزاب ) ، الأية : ' 21 ' . وقال تعالى : { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} .. ( الحشر ) ، الأية : ' 7 ' . وقال النبي ، " صلى الله عليه وسلم " (( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ))الحديث رواه مسلم . .. وفي رواية (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) متفق عليه .. وقوله ، " صلى الله عليه وسلم " (( صلوا كما رأيتموني أصلي )) متفق عليه .. وقوله ، " صلى الله عليه وسلم " (( خذوا عني مناسككم )) . رواه مسلم .. إلى غير ذلك من النصوص . رابعا : أن العبادة محددة بمواقيت ومقادير ، لا يجوز تعديها وتجاوزها ، كالصلاة مثلا ؛ قال تعالى : { إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً } .. ( النساء ) ، الأية : ' 103 ' . وكالحج قال تعالى : { الحج أشهر معلومت } .. ( البقرة ) ، الأية : ' 197 ' . وكالصيام ، قال تعالى : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} .. ( البقرة) ، الأية :'185' . خامسا : لابد أن تكون العبادة قائمة على محبة الله تعالى والذل له ، وخوفه ورجائه ، قال تعالى : { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ } .. الاسراء ) ، الأية : ' 57 ' . وقال تعالى عن أنبيائه : { إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} .. (الأنبياء ): ' 90 ' . قال تعالى : {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ. قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} .. ( ال عمران ) ، الآيتان : ' 31 32 ' . فذكر سبحانه علامات محبة الله وثمراتها أما علاماتها :: فاتباع الرسول " صلى الله عليه وسلم " ، وطاعة الله ، وطاعة الرسول أما ثمراتها :: فنيل محبة الله سبحانه ومغفرة الذنوب والرحمة منه سبحانه سادسا : أن العبادة لا تسقط عن المكلف من بلوغه عاقلا إلى وفاته ، قال تعالى : { ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون } .. ( ال عمران ) ، الأية : ' 102 ' . وقال تعالى : { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} .. ( الحجر ) ، الأية : ' 99 '