لا يستبعد ان تصبح المشروبات الكحولية قريبا سلعة تباع في السوق السوداء بعد ان أعلن عمدة مدينة فاس (وسط المغرب) عزمه على إغلاق الحانات والنوادي الليلية اضافة الى مقاهي استهلاك الشيشة. واثار القرار الذي تداوله مجلس المدينة خلال اجتماعه الشهري جدلا واسعا على الصعيدين المحلي والقومي كما ولد تخوفا لدى النشطاء السياحيين، بالمدينة التي تعد من اقوى الوجهات المغربية لزوار المملكة، من تأثير سلبي على حجم الاقبال على خدمات الفنادق والمطاعم. وبرر العمدة المثير للجدل حميد شباط هذه الخطوة المندرجة في اطار شعار "فاس، مدينة بلا خمور" باعتبارات دينية واجتماعية، في اشارة الى الطابع التاريخي الرمزي لمدينة يعتبرها المغاربة عاصمتهم الروحية التي تحتضن اقدم جامعة في التاريخ الاسلامي، وهي جامعة القرويين. ورغم ان السلطات المحلية ابدت تحفظا تجاه مبادرة العمدة الذي ينتمي الى حزب الاستقلال الذي يقود الحكومة على اعتبار ان منح تراخيص محال بيع الكحوليات من اختصاص مصالح وزارة الداخلية، فإن العمدة الذي اعتاد وصف فاس ب "المدينة المقدسة" شرع قراره في لقاء صحفي مع المجلس المحلي للسياحة بالصلاحيات التي يخولها له القانون في مجال الحفاظ على الصحة والسلامة العمومية. غير أنه حدد بالمقابل "مثلثا ذهبيا" ينوي جعله منطقة محظورة كليا على تسويق المشروبات الكحولية، وهو عبارة عن مجال في قلب المدينة العتيقة يربط جامعة القرويين بضريح شيخ الطريقة التيجانية وضريح ادريس الثاني مؤسس المدينة. وشكل إعلان الحرب على الحانات حديث الرأي العام بالمدينة، بمن فيهم أرباب محلات بيع الخمور. وقلل مدير متجر شهير في وسط المدينة من أهمية القرار الذي يبقى محتاجا الى القوة التنفيذية قائلا لCNN بالعربية بلهجة ساخرة "دعه يعلن الجهاد علينا. نحن ننشط علانية منذ أزيد من عقدين ونتوفر على كل التراخيص القانونية لمزاولة نشاطنا، ولا نخشى شيئا." وأضاف "أنا متأكد أن السلطات لن تجاري مجلس المدينة في قراره وأولى أن تنصرف جهود المسؤولين الى محاربة انتشار المخدرات في أوساط المدارس". وبينما اتهم الخصوم السياسيون العمدة بالشعبوية واتخاذ قرار "سياسي" في اشارة الى مغازلته حزب العدالة والتنمية (الاسلامي المعارض)، حذر عزيز اللبار، الرئيس المنتدب للمجلس المحلي للسياحة من تداعيات مثل هذا القرار على قطاع شديد الهشاشة، رغم حصول المجلس على تطمينات من العمدة بأن القرار لا يستهدف الا المحلات العشوائية الخارجة على القانون. وقال اللبار، في تصريح لCNN بالعربية، ان الأبعاد التي اتخذها الموضوع والتناول الاعلامي الواسع ليس من مصلحة المجهود الذي نقوم به من أجل النهوض بالسياحة في المدينة موضحا أن الفاعلين في القطاع ليسوا ضد مفهوم السياحة النظيفة التي تنسجم مع مكانة فاس كمدينة روحية عريقة.