"سكت دهرا ونطق كفرا" ربما تنطبق على بلاغ حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي أصدره المكتب السياسي ليقول لا شيء، أو أنه لم يأتي بجديد في قضية التعديل الحكومي. البلاغ الذي أصدره حزب الحمامة ليعلن فيه عن أن توصل إلى اتفاق مع غريمه السابق وشريكه المستقبلي العدالة والتنمية لتشكيل أغلبية جديدة، بعد انسحاب حزب الاستقلال. ولم يحمل البلاغ أي جديد عن تفاصيل الاستوزار، أو عدد الحقائب التي حصل عليها حزب الحمامة، على الرغم من أنه اشتكى كثيرا من تخمينات وسائل الإعلام، التي كانت متلهفة لكشف "خريطة" استوزار الأحرار. ولا يعتبر الحديث عن توافق بين مزوار ورئيس الحكومة جديدا، ويبقى التساؤل مطروحا بحدة عن الأسماء التي زكاها الحزب لتدخل التشكيلة الحكومية الجديدة. بعض المصادر المقربة من حزب الحمامة، والتي رفضت الكشف عن هويتها، قالت إن الأسماء المرشحة بقوة للظفر بحقيبة وزارية هي رشيد الطالبي العلمي وأنيس بيرو وأمينة بنخضرا ومباركة بوعيدة، فيما يرى البعض أن محمد أوجار يبقى بعيدا عن الاستوزار رغم خرجاته الإعلامية الأخيرة. المصادر ذاتها تحدثت عن كون النقطة التي يمكن أن تفيض كاس التوافق تتجلى في دخول منصف بلخياط التشكيلة الوزارية الجديدة، ويكمن جوهر الانتقاد لبلخياط في كونه هتم على مسيرة وزارية تميزيت بإثارته لكثير من الجدل، وورود اسمه في ملفات أضرت بصورة الحزب. وحسب المصدر ذاته، فإن رئيس الجمع الوطني للأحرار، صلاح الدين مزوار نجح في رفع حصة الحزب من الحقائب من ستة إلى 8 ن على حساب التقدم والاشتراكية، كما أنه مارس ضغوطا كبيرة لإعادة هيكلة الهندسة الحكومية. الحديث عن توافق مع العدالة والتنمية لم يمنع حزب الأحرار من توجيه سهام الانتقاد اللاذع لنظام المقايسة، معتبرا بأنها "مبادرة معزولة" وأن الهاجس المالي الصرف هو الذي طغى على هاته المقاربة، وذلك في علاقة مع ما يمارسه صندوق النقد. بعض المتتبعين يرون أن هذا الانتقاد يندرج في رغبة التجمع في دفع حكومة بنكيران إلى مراجعة البرنامج الحكومي برمته، لان الانتقادات تندرج في إطار الانتقادات التي كان مزوار يوجهها للحكومة الحالية. وتساءل بعض الملاحظين، هل بإمكان التجمع الوطني للأحرار التوفر، إذا ما تحمل حقيبة المالية، على خيار آخر غير المضي في اتجاه تفعيل آليات للضوبطة، للحيلولة دون تفاقم نسب العجز التي تعاني منها ميزانية الدولة. ويرى المراقبون ذاتهم، أن هاته الانتقادات لا تعدو أن تكون مجرة مزايدات موسمية وتمويهية، لإعطاء الانطباع بأن حزب الحمامة، يريد أن يقدم نفسه كالمدافع الشرس عن المواطن وقدرته الشرائية، وذلك في أفق استمالة عطفه وتلميع صورته لدى الرأي العام، خاصة وأن صورة الحزب تضررت مما يمكنه تسميته "شظايا الحروب" تلقاها التجمع من غريم الأمس وشريك اليوم، في ما بات يعرف بقضية تبادل العلاوات بين مزوار والخازن العام للمملكة.