الخنوثة hermaphroditism حالة مرضية تصيب كلاً من الذكر والأنثى، وتقسم قسمين الخنوثة الحقيقية والخنوثة الكاذبة: الخنوثة الحقيقية true hermaphroditism: هي تعريفاً الإنسان الذي يحوي جسده كلاً من الأقناد الذكرية male gonad والأنثوية female gonad بآن واحد (نسيج مبيضي ونسيج خصوي)، وقد يكون ذلك مشتركاً في القند الواحد، أو أن يحوي أحد الجانبين مبيضاً (أنثوي) ويحوي الجانب الآخر خصية (ذكري) وقد يوجد في هذه الحالة قرن رحمي وحيد مع بوق واحد يناسب هذا القرن. وهذه الحالة من الخنوثة الحقيقية نادرة جداً، وتكون الصبغيات في خلايا هذا الإنسان على شكل فسيفساء mosaic أي إن بعض الخلايا تحوي كلاً من الصبغيين (XX) وهما علامات الأنوثة في حين تحوي بقية الخلايا الصبغيY مع الصبغي X، وهي الخلايا التي تدل على الذكورة لوجود الصبغي . الخنوثة الكاذبة pseudo hermaphroditism: وفيها تحوي خلايا الإنسان صبغيات ذكرية (XY) أو أنثوية (XX) في حين تكون الأعضاء التناسلية الظاهرة للجنس المعاكس، فإذا كان الإنسان المصاب أنثى (XX) من الناحية الصبغية تشبه أعضاؤه التناسلية الظاهرة الأعضاء الذكرية. وأما إذا كان المصاب من الناحية الصبغية ذكراً (XY) فإن الأعضاء التناسلية تشبه الأعضاء الظاهرة للأنثى. وعلى هذا هناك خنوثة كاذبة ذكرية male pseudo hermaphroditism وخنوثة كاذبة أنثوية female pseudo hermaphroditism. ومن الأمثلة على الخنوثة الذكرية الكاذبة ما يسمى بمتلازمة التأنث الخصوي testicular feminizing syndrome وفي هذه الحالة يكون الإنسان من الناحية الصبغية ذكراً (XY) ولديه أقناد ذكرية (خصية)، ولكن بدون رحم أو مهبل مع صفات جنسية ثانوية أنثوية (نمو الأثداء مع نمو أشفار مقبول)، وقد يلفت النظر من ناحية الجمال، فهو أنثى من ناحية الشكل ولكنه غير قادر على ممارسة الجنس مع الطرف الآخر لغياب المهبل، فالمنظر العام لهذا الإنسان هو أنثى بكل معنى الكلمة أما من الناحية الصبغية فهو ذكر (XY) ولديه خصيتان. إن هذه الأقناد gonads معر�'ضة للإصابة بالأورام السرطانية لذلك ينصح باستئصالها جراحياً وقايةً من هذا التحول الخطير. إن هؤلاء المرضى (التأنث الخصوي) قد يتعرضون للزواج من ذكر وعلى هذا يكون عقد الزواج قد حصل ما بين ذكر وذكر آخر، وقد أدى ذلك إلى حوادث قانونية وشرعية تتعلق بحقوق الميراث والدراسة بالمدارس الداخلية للإناث. ويعود السبب في هذه الظاهرة إلى عدم الحساسية التام لفعل الأندروجين الخلقي، وهو مرض عائلي ينتقل عبر الصبغي X الجنسي الوالدي بمورثة مقهورة recessive gene. وتعد هذه الظاهرة السبب الثالث الأكثر شيوعاً لانقطاع الطمث البدئي primary amenorrhea، وهي المثال الواضح والجلي للخنوثة الذكرية الكاذبة. ويجب الانتباه إلى وجود هذه الظاهرة حين فحص المولودين حديثاً في كل طفلة يكون لديها فتق أربي فغالباً ما يكون هذا الفتق هو الخصية المتوضعة في الفوهة الظاهرة للقناة الأربية، وتقدر نسبة وجود الفتق الأربي ب 50% من الحوادث. لا تكشف هذه الحالة المرضية غالباً إلا حين البلوغ. حينما تراجع المريضة وذووها طبيباً لانقطاع طمث بدئي. يكون نمو هؤلاء المرضى طبيعياً وجيداً وبجسم رشيق، ويكون الثديان كبيران ولكنهما لا يحتويان إلا قليلاً من النسيج الغدي وتنجم ضخامتهما عن توضع شحمي فقط. تكون أشعار الجسم معدومة أو أنها رقيقة ومبعثرة تحت الإبط والعانة sparse scanty and meager pubic and axillary hair، وحلمة الثدي صغيرة والهالة (اللعوة) areolae شاحبة وتكون الخصيتان بالبطن أو في القناة الأربية. ولا تشكل هذه الأقناد الذكرية حيوانات منوية، لكنها تكون قادرة على إفراز التستوستيرون الذكري الذي فقد أثره المحيطي لغياب مستقبلات receptors له في الخلايا المستهدفة وعلى هذا يكون مستوى تركيز الهرمون المذكر عادياً أو قليل الارتفاع مع زيادة تركيز الهرمون الملوتن L.H. التدبير الطبي لهؤلاء المرضى صعب لا يحقق الغاية المرجوة منه إن كان طمثاً أو حملاً لفقدان الرحم والمبيض والمهبل. ويلجأ عادةً إلى خلق مهبل اصطناعي أي تصنيع مهبل غايته القدرة على العمل الجنسي مع الذكر فقط. ويجب أن يعاملوا كإناث من النواحي النفسية والاجتماعية والعملية، كما يجب أن تكون تربيتهم منذ الطفولة على أساس أنهم إناث وليس لهم أي علاقة من ناحية السلوك والتصرف والقوام بالذكورة. ومن الأمثلة للخنوثة الأنثوية الكاذبة الداء المسمى فرط تنسج قشر الكظر الولادي (CAH) congenital adrenal hyperplasia، وهو مرض خلقي وراثي ينتقل عن طريق صبغي جسدي مقهور (صاغر) autosomal recessive trait وتتظاهر الأنثى فيه عقب الولادة بأعضاء تناسلية محيرة (ملتبسة) ambiguous genitalia (intersex) لا هي ذكرية ولا أنثوية. وينجم هذا المرض الخلقي عن خلل بخمائر قشر الكظر ولا يؤدي هذا الخلل الخمائري إلى بلوغ مبكر معاكس للجنس فحسب بل إلى ضخامة الأعضاء التناسلية الظاهرة الناجمة عن زيادة إفراز الأندروجين androgen الذي يبدأ منذ الحياة الرحمية للأنثى المصابة. وتتصف الأنثى ذات الصيغة الصبغية (XX) بحدوث بلوغ مبكر مع ظهور الأشعار بوضوح على الوجه والذقن والصدر وحول الأعضاء التناسلية الظاهرة مع نمو البظر clitoris والتحام الشفرين labia، ويصبح المنظر وكأن هنالك كيساً للصفن والأعضاء التناسلية الظاهرة هي أعضاء ذكرية مع أن المريضة هي أنثى (XX) من الناحية الصبغية ولديها كل الأعضاء التناسلية الباطنة من مهبل وعنق رحم وبوقين ومبيضين. قد تكون هذه الظاهرة المرضية خلقية (داخل الرحم) تبدو مباشرة عقب الولادة، وسببها خلل خمائري خلقي، وقد تكون مكتسبة تتظاهر مع تقدم السن، وتكون ناجمة إما عن فرط تنسج hyperplasia الكظر أو عن ورم في قشر الكظر. يتظاهر الشكل الولادي الخلقي بأن تظهر الأعراض عقب الولادة بأيام، فالوليد يرفض الرضاعة مع حدوث إقياءات مع أعراض اضطراب شوارد الدم فهنالك ضياع للأملاح، ونقص الصوديوم وفرط تركيز بوتاسيوم الدم مع احمضاض وإن التشخيص السريع والمعالجة السريعة واجبان لأنهما ينقذان الحياة. يعود الخلل في هذه الحالة الولادية غالباً 90% إلى نقص خميرة (hydroxylase-21) وتعد هذه الحالة المرضية من أكثر الأسباب لظاهرة الأعضاء التناسلية المحيرة عند الولدان. يمكن كشف هذه الظاهرة المرضية في أثناء الحمل، وذلك بإجراء بزل سائل السلى (الأمنيوسي) amniocentesis أو أخذ خزعة من المشيمة. أما التشخيص حين الولادة فيعتمد على وجود الأعراض والعلامات السريرية من تشوه للأعضاء التناسلية الظاهرة مع الفحوص المخبرية الآنفة الذكر والفحص المخبري الواسم في هذه الحالة هو معايرة تركيز هرمون (hydroxy progesterone-17) في دم الوليد الذي يزداد 40 إلى 400 ضعف على الحد الطبيعي. ويكون تدبير هذه الحالة إعطاء مركبات الكورتيزون أو prednisone، ويلجأ جراحياً إلى استئصال جزء من البظر الكبير الذي يشبه القضيب، ويجب أن يجري ذلك قبل حدوث الوعي والإدراك الكامل عند الطفلة. وكذلك قد تصاب الأجنة الإناث بمثل هذه الظاهرة في أثناء الحياة الرحمية، وذلك في الأمهات اللواتي تناولن في أثناء حملهن مركبات الأندروجين المذكرة أو مركبات البروجسترون ذات الأثر الأندروجيني، فيؤدي ذلك إلى نمو الأعضاء التناسلية الظاهرة بشكل ذكري محير (intersex) ambiguous مع صفات استرجال (تراجل) virilization لذلك ينصح بعضهم بعدم إعطاء مثل هذه المركبات البروجسترونية لعلاج التهديد بالإجهاض وخاصةً في الأشهر الأولى من الحمل. كما يمكن أن تحدث مثل هذه الظواهر التراجلية عند الإناث المصابات بأورام المبيض المفرزة للهرمون المذكر androgene وفي أعمار متقدمة من الحياة، كما في الورم المبيضي المسمى ورم الأرومات المذكرة (androblastoma) arrhenoblastoma فترى الأنثى بهذه الحالة قد ضمرت أثداؤها وظهرت الأشعار القاسية بوجهها وذقنها وأنحاء جسمها كافة وتغير صوتها وصار مائلاً للخشونة كصوت الرجال، مع تغير بالبنية الجسدية التي تصبح من ناحية الكتلة العضلية شبيهة بالرجال (تذكير) masculization مع ضخامة البظر. تدبر هذه الحالة المرضية الكسبية باستئصال الورم المبيضي المفرز لهرمون الأندروجين.