لايزال غضب الشارع العام بميدلت يغلي بدرجة غير مسبوقة، على خلفية فضيحة نائب وكيل الملك الذي عمد إلى تعريض المواطن الشاب هشام حيمي لأبشع أساليب الإذلال والتنكيل، وإرغام هذا الأخير على تقبيل حذائه لأكثر من مرة بصورة وصفها أحد المعلقين ب"جاهلية القرن الواحد والعشرين". وفي هذا الصدد شهدت ساحة ابتدائية ميدلت، بعد زوال اليوم الأربعاء 20 فبراير 2013، وقفة احتجاجية استجابة لنداء فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بميدلت، هذا الأخير الذي دعا في بيانه عموم المناضلين والفاعلين والجماهير الشعبية، والمدافعين عن حقوق وكرامة الإنسان، إلى المشاركة بكثافة في هذه المحطة الاحتجاجية. وفي السياق ذاته، توصل الشاب الضحية ، يوم الاثنين 18 فبراير 2013، باستدعاء من شرطة ميدلت تدعوه للحضور عاجلا، حيث رافقه أعضاء من فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ليطلب منه أفراد الشرطة ما إذا كان سيتقدم بشكاية في موضوع قضيته، فرد عليهم أعضاء الجمعية أن المعني بالأمر لن يتوقف عن رفع شكايته إلى الجهات المسؤولة، وفي مقدمتها وزير العدل والوكيل العام، وما على الشرطة إلا قول الحقيقة في ما جرى تحت سقفها على يد نائب وكيل الملك. وبينما يتداول الشارع المحلي صلة النائب بانتهاكات سابقة خارج الإقليم، ينتظر حلول لجن مركزية للتحقيق في فضيحة الرجل التي هزت حاضرة جبل العياشي. وكان فرع ميدلت للجمعية المغربية لحقوق الإنسان قد عقد اجتماعا طارئا، يوم السبت الماضي 16 فبراير 2013، فور علمه بنبأ فضيحة نائب وكيل الملك (ف.س)، وإجباره الشاب هشام حيمي على تقبيل حذائه، بعد أن كال له وابلا من السب والقذف، وصفعه وبصق على وجهه لحظة إحضاره من قبل عناصر من الأمن بزي مدني إلى المخفر بواسطة سيارة خاصة، إذ لم يفت الفرع الحقوقي الاستماع للشاب الضحية ولشهادات بعض المواطنين المجاورين لورشة المطالة التي يعمل بها هذا الشاب. وبما أن ما تعرض له هذا المواطن من تعنيف لفظي وبدني بحضور عناصر من الأمن، يعتبر سابقة خطيرة تضرب في العمق ما تنص عليه العهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والقوانين الداخلية للمغرب، لم يفت فرع الجمعية الحقوقية التعبير عن تنديده الشديد بفعلة المسؤول القضائي، وقرر مكاتبة وزير العدل ووزير الداخلية والوكيل العام لدى استئنافية مكناس ووكيل الملك لدى ابتدائية ميدلت، وفق مضمون بلاغ حصلت "الاتحاد الاشتراكي" على نسخة منه.. وبالنظر لانتماء الضحية لقطاع المهنيين، عقد فرع النقابة الوطنية للتجار والمهنيين اجتماعا استثنائيا، يوم الأحد الماضي 17 فبراير 2013، وأصدر بيانا للرأي العام المحلي والوطني إزاء ما وصفه ب"السلوك الذي يندى له الجبين"، وب "السابقة الخطيرة التي تضرب عرض الحائط كل ما تنص عليه المواثيق الدولية، والتصرف الذي اعتقد الجميع أنه ولى إلى غير رجعة لولا هناك من يحن إلى زمن الشطط في استعمال السلطة". وبينما دعت الجهات المسؤولة إلى فتح تحقيق نزيه في الموضوع، لم يفت النقابة دعوة كافة التجار والمهنيين إلى التضامن المكثف مع الضحية هشام حيمي. ولم يكن نائب الوكيل يتوقع أن فضيحته ستقلب عليه الدنيا، وأن انتماءه لقطاع العدل سيحمي فعلته، حتى أن المجلس الإقليمي لحزب وزير العدل نظم، مساء الأحد الماضي، وقفة تضامنية مع الشاب هشام حيمي، ولعل الوزير مصطفى الرميد يكون قد أصيب بالحرج الشديد في خروج نائبة برلمانية من حزبه بتصريح لموقع "فبراير كوم" أكدت فيه أن نائب الوكيل اعترف لها بالحادث، قائلا بالحرف "أنا بْغيت نْربيه باش يعرف كيفاش يتعامل مع الناس وما يعاودش بحال هاديك المعاملة لناس آخْرين"، مضيفة النائبة البرلمانية "إنها سعت لإجراء صلح بين الطرفين، إلا أن نائب وكيل الملك، أقر بتقبيل رجليه من طرف المعني بالأمر، ولم يقبل بالصلح للأسف"، على حد قولها للموقع المذكور. ويشار إلى أن الشاب هشام حيمي كان قد تعرض لأبشع أساليب الإذلال والتنكيل على يد نائب وكيل الملك (س. ف)، بصورة كان بديهيا أن تعود بأذهان الكثيرين عصور الرق والعبودية، وكم كان الفعل رهيبا عندما اختار تعذيب ضحيته ب"الكوميسارية" على طريقة رجال الجنرال أوفقير، حيث ما إن مثل الشاب أمامه حتى فاجأه بوابل من الصفع والشتم والبصق، قبل أن تزداد عنتريته قساوة لما أمر هذا الشاب بتقبيل حذائه لأكثر من مرة، في مشهد أثار كل من كان حاضرا بالذهول والاندهاش، حتى أن رجال الشرطة الذين بقدر ما يقال إن قلوبهم جامدة فقد رقوا لحال الشاب.
الشاب هشام حيمي، الذي لم يتجاوز عمره الثلاثين، يعمل كمستخدم بورشة مطالة ب بحي "آلمو" بميدلت من أجل سد قوت يومه، وهو متزوج وأب لطفلة، وخلال عصر السبت الماضي 16 فبراير 2013، كان كعادته منهمكا في إصلاح سيارة أحد الزبائن ليفاجأ بقدوم شخص أنيق يستفسره عن مالك الورشة لأجل إصلاح سيارته، فتعامل معه الشاب كبقية الزبناء، حين أجابه بهدوء وبراءة بأن "المعلم" غير موجود لحظتها، وبإمكانه الانتظار قليلا إلى أن يصل دوره، ولم يكن الشاب هشام يعتقد أن الشخص الواقف أمامه من "العيار الثقيل"، هذا الأخير الذي لم يستسغ جواب الشاب، ليشتعل غضبا قبل أن يأخذ في إمطار المعني بالأمر بوابل من الشتم والقذف والبصق، متوعدا إياه بتأديبه على احترام الأسياد. وبعد دقائق قليلة حل رجلا أمن بزي مدني بالورشة، وطلبا من الشاب هشام مرافقتهما على متن سيارة خاصة بنية اللون (من نوع رونو 19) نحو مخفر شرطة ميدلت، وهنا ظهر الرجل صاحب السيارة، وتمت تحيته بحركات رسمية، قبل أن يدرك أنه أمام نائب وكيل الملك الذي حاول تربيته على طريقته الخاصة. وأثناء ذلك حل صاحب الورشة بمفوضية الشرطة، مرفوقا بأحد إخوة الضحية، وتقدما إلى جناب نائب الوكيل يلتمسان منه الصفح والعفو عن الشاب، الموقف الذي "نفخ" في صاحبنا الكثير من جنون الفرعونية، ولم يخجل من مد حذائه للشاب الضعيف، آمرا إياه بتقبيله وهو ساجد، الأمر الذي لم يجد في الشاب إلا الطاعة والإذعان طمعا في الصفح والغفران، وكلما استقام الشاب أمره الرجل بتكرار "البوسان" للحذاءين الأيمن والأيسر، قبل الأمر بالإفراج عنه دون تهمة أو محضر.