لست بصدد كتابة تظلم لوزير التعليم حول حرماني من نقطة التفتيش منذ ألفين وأربعة ، ولا أستعطفه لأجل الانتقال أو الترقية ، لأنني لا أستسيغ الخطابات التسولية على أعتاب الوزير لحقوق لي أعتبرها تحصيلا حاصلا،لكنني أكتب تحت وقع استفزاز لمشاعري كامرأة طالني من قبل الوزير . فقد شاهده الشعب المغربي في دردشة مع مجموعة من المشاركين في مؤتمر حزبه ،وشاهد كيف خرج الوزير فجأة عن سياق مكالمته الهاتفية بحشو حديثه بمزحة ذكورية ، استجدى بها ابتسامات المحيطين به (فلاشئ في الوعي الذكوري يثير الضحك أكثر من السخرية على النساء )وهذا ما قد جعل الوزير يضيف لاواعيا جملة "المدير وصاحبتو" للائحة الموارد البشرية لمؤسسة تعليمية إمعانا في إظهار "خفة ظله" ،لكن ما اعتقده خفة ظل كان ثقيلا جدا على نساء التعليم اللواتي اعتبرنه إهانة لهن و تلميحا إلى أن دور كل كاتبة مدير أو امرأة تعليم هي عشيقة للمدير أيضا وهو أمر مهين للنساء ولمديري المؤسسات التعليمية في الان نفسه. وفي موقف اخر تداولته وسائل الإعلام يشعل الوزير الحمرة في وجه طفلة صغيرة قائلا "ماذا تفعلين هنا أنت لا ينقصك غير الزوج"ملمحا لكبر سنها مقارنة مع زملائها في الفصل ،لم يكن يتحدث الوزير "التربوي" مع الطفلة بقدر ماكان لا وعي الرجل هو الذي رأى أن الفصل لا يبدو المكان الطبيعي لفتاة بقدر ما يبدو مطبخ منزل الزوجية،ففي تماهٍ مع ماهو سائد ،مارس وزير التعليم على تلميذة عنفا رمزيا متنكرا في مزاح ،ومارس عليها تمييزا على أساس الجنس ،إذ لم ير في الطفلة سوى مشروع زوجة ، موحيا لها بوضع البحث عن الزوج في أولى أولوياتها باختزال أحلامها كإنسان وكامرأة وكتلميذة أولا في حلم مرتبط أساسا بكونها أنثى ... كان الأمر سيبدو مألوفا ،مادام المجتمع مأزوم ومطبع مع هذا النوع من الخطاب الذكوري، لو أن صاحب المزحة كان شخصا اخر غير مسؤول على قطاع التعليم ،أي لو لم يكن مسؤولا على أحد أهم مؤسسات إنتاج قيم المجتمع ،هذا المجتمع الذي تأمل المرأة أن يحارب التمييز على أساس الجنس في مؤسساته التربوية ، ليس على صفحات المذكرات والتوصيات فقط بل على الأرض ، بدءا باشتغال مسؤولي التربية والدولة في الان نفسه على الحسم مع ذواتهم في كل ما يتعلق برواسب وشوائب الفكر الذكوري المنفلت في كل مرة من عقاله ممتطيا صهوة مزاح ثقيل تارة وتارة صهوة تشبيهات سخيفة (بن كيران ونساء الحمام مثلا) مما يجعلهم يروجون للصور النمطية المحقرة للمرأة في تناقض مع مذكرات وزارية هم من وقع عليها تتضمن توجيهات بتكريس المساواة و السلوك المدني واحترام حقوق الإنسان .وفي كشف واضح للنفاق السياسي الذي بدا زيفه في المسافة بين الخطاب الرسمي والممارسة . الوزير الذي احتكر الحديث من بدايته لاخره مكررا لمخاطبه الذي من المرجح أنه يشتغل في سلك التعليم: "اسمعني ايوا اسمعني" ،وكأن الوزير هو من يحتاج لمن يسمعه ،لم يكتف ب"المزاح" بل حاول استعراض عضلة لسانه على الجميع من الأساتذة إلى النواب ،الذي تحدث عن أحدهم قائلا "قلت لو غادي نصفطك لطاطا" .وكلمة الإرسال التي استعملها طبعا تحمل أكثر من دلالة أقلها أن وعي المسؤولين لازال يحكمه التفكير المخزني الذي يجعله لا يرى في موظفيه سوى عمال في ضيعته (نرفض بالمطلق الإساءة التي قد يمارسها حتى رب ضيعة في حق عماله) فعملية الإرسال التي تحدث عنها الوزير تبدو عملية لا يحكمها منطق قانوني وتبدو غير محكومة بمعايير قانونية ولا تخضع إلا لمزاج سيادة الوزير ولدرجة استفزاز موظفيه له وهم يشخصون له مشاكل قطاع يتحمل مسؤوليته. بعدإعادة بنية المؤسسة موضوع المكالمة على مسامع الحضور اكتمل شعور الوزير بالزهو ،فالتعليم بالمغرب بألف خير بدليل قدرات وزير التعليم التواصلية . قبل الختام أتساءل لماذا يعمد السيد الوزير تحت أضواء الكاميرا إلى تكرار كل جمل المتصل به عبر الهاتف مذكرا إياه بإطاره في الوزارة في مستهل المكالمة : "نعم أ الكاتب العام ..." ،لم أجد من باب الحديث العفوي أن يذكر مسؤول موظفيه بإطارهم في كل عملية تواصل معهم ،فهل كان ذلك جزء من الاستعراض وإعطاء نوع من المصداقية للمعلومات الواردة عليه في الهاتف حول بنية المؤسسة التعليمية التي "لا يملك أوباما مثلها..."؟(سيجد مترجم السفارة الأمريكية بالمغرب صعوبة في ترجمة الجملة التي ورد فيها اسم رئيس دولتهم على لسان وزير مغربي للتعليم : أوبامازفاضر ضازنت هاف دو سايم سكول .....سيتساءل أوباما طبعا ما الذي حشر والده في جملة الوزير ....) .