تحتضن الجزائر الإثنين القادم اجتماعا لوزراء خارجية اتحاد المغرب العربي بدعوة من الحكومة الجزائرية. وأعلن الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية، عبد القادر مساهل، أن هذا الاجتماع سيخصص لبحث إشكالية الأمن بمنطقة المغرب العربي مبرزا أنه ينعقد طبقا لقرار مجلس وزراء الخارجية المنعقد في الرباط في فبراير الماضي. وأضاف الوزير ''لقد اتخذت الجزائر مبادرة توجيه دعوة لعقد هذا الاجتماع الأول من نوعه على المستوى المغاربي لمعالجة القضايا الأمنية" إجتماع وزراء خارجية الاتحاد المغاربي سيكون مسبوقا بلقاء على مستوى الخبراء بعد غد الأحد بالعاصمة الجزائرية كما أنه يمهد للقمة المغاربية الأولى من نوعها منذ قرابة العقدين و التي من المقرر أن تحتضنها العاصمة التونسية شهر أكتوبر القادم . و بالنظر الى جدول أعمال دورة وزراء الخارجية و التي سيحضرها الأمين العام الاتحاد و الذي سيقتصر خصيصا على دراسة و تقييم التهديدات الأمنية المحيقة بمنطقة المغرب العربي و تحديد المحاور الكبرى للتعاون في هذا المجال يمكن تصور أن الجزائر باعتبارها أكثر دول الفضاء المغاربي تضررا من شظايا الارهاب المتنامي بمنطقة الساحل الافريقي الذي تشترك الجزائربألاف الكيلمترات من الحدود الصحراوية المشتركة مع العديد من دوله ستكون في وضع لا يحسد عليه أحد . و بغض النظر عن كون نقاط جدول أعمال اللقاء المغاربي الروتيني محددة مسبقا فإن هذا الأخير ينعقد ضمن ظرفية إقليمية حساسة و منذرة تتداخل و تتقاطع ضمنها العديد من الضغوط الاقليمية و الدولية بدءا من معضلة الارهاب بالساحل الافريقي و الذي ظلت الجزائر تحتكر منذ سنوات لنفسها مجهود و أدوار التعامل السياسي و العسكري معه. الجزائر تدرك أن مقاربتها المتعمدة باحتكار تنظيم و قيادة جهود إجتثات جذور الارهاب بمنطقة الساحل بتفويض من حكومات دول الساحل و بعض العواصمالغربية قد بائت بالفشل الذريع و أثبتث فشلها الميداني في معالجة التهديدات الأمنية المتطرفة التي أضحت تحاصر الحدود الجزائرية من جهات متعددة , و بالتالي فإن حرص الخارجية الجزائرية على إدماج الاتحاد المغاربي في مشروع المعالجة الجماعية بعد أن كانت قبل سنوات قد تعمدت بتبريرات لا تستقيم لمنطق عاقل إقصاء الرباط من لقاء تجمع دول الساحل خصص لمعالجة نفس التهديدات الأمنية التي سيتداول في شأنها بداية الأسبوع رؤساء الديبلوماسيةالمغاربية . الخطوة الجزائرية و بالقدر الذي تعكس فيه بجلاء تناقض المواقف الجزائرية فإنها تنضح بحقيقة الورطة العميقة التي وضعت الجزائر نفسها فيها و خاصة فيما يرتبط بالتعامل مع الملف المالي الحارق , بعد أن وجد ساسة الجزائر المناهضين لأي شكل من أشكال التدخل العسكري بشمال مالي أنفسهم معزولين بين تجمع دول غرب إفريقيا الداعي الى الاسراع باستصدار قرار أممي للتغطية السياسية على تدخل عسكري لاعادة الأمور الى نصابها بشمال مالي بتزكية من باريس العضو الدائم بمجلس الأمن و سعي الجزائر بتوافق غريب و ظرفي مع واشنطن لاجهاض أي مشروع يندرج في هذا الاتجاه . الخارجية الجزائرية و قبل أن تعمد الى إستدعاء وزراء خارجية الاتحاد المغاربي للتشاور في موضوع مالي أجرت مشاورات مع سفراء الدول الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن المعتمدين بالعاصمة الجزائرية (الصين , روسيا , الولاياتالمتحدة) في محاولة لاقناعهم باستعمال حق النقض في مواجهة أي قرار أممي محتمل من شأنه منح الضوء الأخضر للتدخل العسكري بمالي . الرباط التي ستكون حاضرة باجتماع الاثنين , بدورها عضو غير دائم بمجلس الأمن و بصفتها هذه فإن مواقفها من تداعيات وإرتدادات الوضع الأمني بالصحراء الكبرى سيكون له تأثير ووقع على مشاورات لقاء الجزائر و المطلوب من الديبلوماسية المغربية إستعمال ورقة الضغط هذه بما يكفي من الكفاءة و النجاعة للدفاع عن المصالح الوطنية العليا أولا . منطق الأمور يفترض أن لا نسعى الى الانتقام من تعمد الجيران في أكثر من مناسبة الى وضعنا خارج حسابات التسوية السياسية لملف الارهاب و لكن هذا لا يمنع من أن ندخل إجتماع الجزائر الاثنين المقبل بمنطق المصالح الديبلوماسية المتبادلة و هو الدور الذي ظلت الجزائر تبتزنا به لعقود و ربما قد أتى الأوان لنحتكم اليه دفاعا عن قضايانا المبدئية و مصالحنا الوطنية العليا بغض النظر عن إكراهات السياقات الدولية و الاقليمية . المغرب يمتلك فيما يرتبط بالوضع الاقليمي الحساس بجنوب الصحراء أكثر منورقة ضغ و مقايضة و يجب أن يتقن إستغلالها و إستعمالها في الظرف المناسب .