باتت لائحة الرباح التي نشرت مؤخرا قائمة من المستفيدين من رخص النقل فيما يسمى ب”لكريما” والتي تضمنت اسماء وشخصيات سياسية ورياضيين وفنانين، واسماء عائلات عريقة،وجنرالات، ...الخ، موضع نقاش ساخن في الشارع المغربي وعلى المواقع الاجتماعية بين مثمن لهذه الخطوة ومشكك في الغايات التي يرنو اليها الرباح من وراءها،ومن بين الذين جاءت اسمائهم ضمن اللائحة صاحب الفتوى المشهورة التي اجاز فيها ممارسة الجنس مع الجثث، لكن الاهم في هذا هو تعليقه على هذه اللائحة التي وصفها ب “العمل الغوغائي والعبثي” قائلا: الملك هو الذي يسلم هذه الرخص. . ان هذا القول من الخطورة بمكان، بحيث انه يجعلنا امام اسئلة عدة، اذ انه ورغم ان حزب العدالة والتنمية الذي نشر هذه اللائحة، كان قد اعلن على لسان امينه العام قبيل الاصلاحات الدستورية انه سيصوت “بلا” على اي دستور سيحرم الملك من الاختصاصات التي يكفلها له دستور 96، وفي نفس الوقت تصويت الحزب بالإيجاب لدستور 1 يوليوز الذي ينص بشكل صريح على ان الملك فوق المحاسبة، هذا بالاضافة الى كون المذكرة التي تقدم بها حول الاصلاح الدستوري تنص على نظام سياسي يكون فيه الملك متمتعا بحصانة كاملة في ممارسة مهامه ولا تثار مسؤولياته ولا تنتهك حرمة شخصه، الا انه يفاجئنا بنشر لائحة تعود بالاساس على مسؤوليات الملك، حسب ما صرح به الزمزمي، فهل يعني هذا انهم يريدون جعل افعال الملك موضع محاسبة –وهذا مستحيل وفق الدستور الذي مدحوه كثيرا-، ام انه مجرد اثارة للعواطف ومحاولة للتغطية على الاحداث الاخيرة التي شهدتها مختلف مدن المغرب من قمع للمعطلين واحتجاجات الساكنة ،و....الخ. ام انه ثمة تصفية حسابات بين البيجيدي وجهات اخرى ،بالكشف عن اسمائها، ولو ان امر حسمها يبدو انه لا يرتبط بشكل مباشر بارادة بنكيران، نظرا لكونها تعود لسنوات تصل الى عهد حكم الحسن الثاني، فهل يستطيع صاحب اللائحة “الرباح” ان يواجه المؤسسة الملكية اذا ما تبين حسب ما قاله الزمزمي انها هي الذي يقف وراءها، وهذا غير ممكن لانهم لطالما رددوا نهم لم يؤتو لمنازعة الملك في الملك، انما للتعاون معه. اذا كان الجواب “بلا” فلنكف عن هذا الاستمناء الفكري الذي تمارسه العدالة والتنمية على حساب انتظارات المواطنين في خطوات جريئة، تجيب عن اسئلة واقعهم المعاش واليومي، لا بالاكتفاء بنشر لائحة اسماء اغلبها كان معروفا سلفا،واشغال الراي العام بها دون الحديث عن الاسباب الحقيقية التي تقف وراءها، والمتمثل في تنازلات البيجيدي إبان الاحتجاجات الشعبية التي كانت قد دعت اليها حركة 20 فبراير في مستهل العام الماضي. ان اللائحة بمثابة الشجرة التي تخفي ورائها الغابة، من المستفيدين الكبار من اقتصاد الريع، واراضي الدولة، ورخص الصيد في اعالي البحار والمقالع الرملية التي تستغلها بعض شركات جرف الرمال، ورخص النقل، ورخص الاستيراد والتصدير....الخ، والحديث هو حديث المعالجة، واسترداد ما اخذ بغير حق واستحقاق، لا بنشر لائحة لا تغير من الواقع شيئا، اكثر مما تفعل مع دغدغة العواطف ومشاعر المواطنين.