فيروز لم تكسر " المزهرية " التي اهداها اهالي القدس لها حين عصرت صوتها الماً ووزعته على الأمة العربية املاً يمحي النكسة والأنكسار ويفرش " زهرة المدائن " ظلاً مقدساً ، يحرر ما تبقى من وجع الأحتلال ، وتبشر ان " الغضب الساطع آت .. آت " وكان الأنتظار حتى مل الأنتظار من الأنتظار . لانريد ان نحمل تاريخ مدينة القدس ونصعد به الى سقف الحق والعدالة لأن السقف يسكن الوجدان والمشاعر ، ولا نريد ان نعلق فوق الجروح كفاحاً يصطدم بجدار من الحديد والتهويد ، لكن نريد ان نفتح خنادق الدفاع عن القدس وننشرها على ابواب الفضاء ، ونعد الوجوه ونحصي الأرقام والميزانيات والصناديق المالية الداعمة لصمود اهالي القدس وعزيمة القادة والرؤساء العرب الذين وضعوا مدينة القدس فوق فوهة الدفاع والدعم . القدس عاصمة الثقافة العربية لعام 2009قطعة حلوى ينخرها السوس والرصاص ، كيف هي "العاصمة" وفي ذات الوقت هي مكبلة ، تخضع للتهويد وهدم البيوت والمصادرة والحواجز واهلها يعيشون على فتات الأنتباه العربي . لأن القدس عاصمة للثقافة العربية تقام في بعض الدول العربية نشاطات وفعاليات ، ادبية ، فنية ، موسيقية ، سينمائية ، ووسائل الأعلام تنقل هذه النشاطات وتبثها مفتخرة بهذه الأنجازات التي تذكرنا بالشمعة التي وضعها احد الخلفاء على رأس الجبلً قائلاً لجحا الذي طلب منه ناراً لكي يتدفأ من البرد ، يكفيك نور الشمعة البعيدة لكي تتدفأ . (مؤتمر دولي للقدس) في عمان و(منتدى القدس الدولي) في المغرب ، وتناقش هذه المؤتمرات تاريخ القدس بمشاركة باحثين من العرب والأجانب ثم يتمخض عن هذه المؤتمرات دراسات وانشاء صناديق لدعم صمود اهالي القدس ثم يشكر رئيس وزراء الأردن نادر الذهبي الذين اشتركوا في المؤتمر ويشكر ملك المغرب محمد السادس رئيس لجنة القدس الذين شاركوا في المنتدى وتصفق (جامعة الدول العربية) لنجاح المؤتمر وتزغرد منظمة المؤتمر الأسلامي لأن بصماتها قد وصلت نعومة ملمس جسد الملك محمد السادس ثم يرجعون الى" فيلاتهم" وقصورهم وينامون الليل الطويل . هذه هي مدينة القدس التي تخونها النخوة العربية والأسلامية ، تركيا تطالب اسرائيل بالأفراج عن معتقلي الأقصى , ولم نسمع او نرى أي رئيس عربي يستدعى السفير الأسرائيلي في بلده ويطلب منه الكف عن هدم البيوت وارسال اخطارات التهديد الى اصحاب البيوت الذين يعيشون بين لحظات الطرد والهدم ، او حتى الأحتجاج على ما يجري في المسجد الأقصى والسماح لشعوبهم بالتظاهر ، ان اسرائيل تصول وتجول في المؤتمرات الأقتصادية في دول الخليج دون ان يرف لها جفن ، وهل يعقل الأزهر، الثقل الديني في العالم العربي يصلي صلاة الجمعة دون التطرق الى مأساة الأقصى وصمود الذين يدافعون عنه وينشغل المجتمع المصري بالنقاب بينما ستار الأحتلال يتدلى فوق القلب الفلسطيني متوحشاً مغتصباً كل شيء ، ان أي حفلة غنائية لمطرب او مطربة من الدرجة العاشرة تتمخض عن المئات والآف وتكون بالبث المباشر ورعاية الشركات والمؤسسات، مظاهرة في مدريد ضد الأجهاض يشترك فيها اكثر من مليون شخص بينما مظاهرة ضد الذي يجري في الأقصى يشترك فيها العشرات فقط ؟؟ثم اين دور الفنانين والممثلين الذين هرعوا عند غناء ( اوبريت الحلم العربي) وشكلوا تنظيماً فنياً للدفاع عن احلام العرب . مدينة القدس وحيدة ، موجودة على الخريطة ، موجودة على اجندة التصريحات والكلمات ، من شعر وخطابات واقوال ، نسبح في محبرة الحروف ولا نرتقي الى استحضار الحصاد . مقولة ( دعم صمود اهالي القدس ) يواجه بسيل من الكذب التاريخي الذي انحدر من مزاريب الكلمات ، حيث يتساءل اهالي القدس عن اشكال الدعم وكيف يكون ؟ من يتلقى ؟ من يقبض ؟ وهل هناك جهة تحمي ظهور اصحاب البيوت المهددة بالمصادرة للدفاع عنهم، انهم يرتجفون لأن ظهورهم عارية ولايملكون الأموال، يملكون فقط خيمة الأحتجاج التي ستنصب ، حيث سيتقاطر الناس عليهم لمواساتهم والتخفيف من ألمهم الذي اصبح قضائهم وقدرهم . رائحة التصريحات لاتشبع جائعاً ، وتعثرنا بالمؤتمرات التي تعقد لأجل مدينة القدس اصبح مثل تعثر الطفل في العابه ، نراها امامنا اعلامياً وتضخيماً لفظياً ,الذين يريدون دعم مدينة القدس الكف اولاً عن المتاجرة بقدسيتها وتاريخها العربي وايقاف شلالات التفاخر المجدولة مع الأنكسار ، وسحب فكرة (العاصمة الثقافية) وجعلها ( عاصمة الجرح العربي ) الذي ينز دماً ووجعاً ، الشعر سينتظر والبحث سينتظر والفلم والرواية واللوحة والقصة دائماً في حالة انتظار ، لكن نريد ان نجرب لغة البعث والأنتصار لعل الأجيال القادمة لا تلعن اصواتكم التي امتلئت بفهارس الأقوال وابتعدت عن قوة الأفعال . ثم من قال ان (القدس في قلوب هؤلاء).