يتوقع الإسلاميون في المغرب، تحقيق الفوز في الانتخابات المبكرة المقررة في 25 نوفمبر، غير أن هذه الثقة يقابلها ظهور معطيات جديدة، في الأسابيع الأخيرة، قد تكون وراء فقدان حزب العدالة والتنمية الكثير من أصوات الناخبين. يخوض حزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، الحملة الانتخابية في المغرب، وهو كله ثقة في الظفر بالمرتبة الأولى في الاستحقاقات المبكرة، التي من المقرر إجراؤها في 25 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري. ويبدو أن الحزب الإسلامي المعارض يسير بثبات نحو تحقيق فوز مماثل لحزب النهضة التونسي، بعد أن كان اكتفى، في انتخابات سنة 2007، بالمركز الثاني، رغم أنه كان الحزب الأوفر حظا للظفر بالمرتبة الأولى. ويتوقع قياديو الحزب، الذي ظل في المعارضة منذ سنة 1997، الحصول على ما بين 70 و80 مقعدا برلمانياً، من أصل 395، في حالة ما إذا مرت العملية الانتخابية بشكل نزيه. ويستمد العدالة والتنمية ثقته في الفوز من كونه أنه يرى في نفسه “الأمل الأخير للمغاربة من أجل الحفاظ على الاستقرار، وحماية وطنهم، وحماية الملكية”، حسب ما أكده الأمين العام للحزب، عبد الإله بنكيران، في أول يوم من الحملة الانتخابية. ويحظى الحزب بشعبية كبيرة في المغرب، حيث برز في عدد من المواقف التي شغلت الرأي العام، كما أنه دخل في عدد من “المعارك السياسية”، التي خرج منها أقوى من ذي قبل، خاصة بعد الربيع العربي، الذي أكسب العدالة والتنمية الكثير من النقاط. وفي هذا الإطار، قال عبد الإله بنكيران، في تصريح له، “نحن نتوقع أن نفوز بالمرتبة الأولى، ولكن إذا انهزمنا ديمقراطيا فليس هناك مشكل”، مشيرا إلى أن العدالة والتنمية “حزب معروف برجاله، ومواقفه، وديمقراطيته....”. وأوضح القيادي السياسي أن “الحزب يتوفر على برنامج محترم ومتقدم، غير أن هذا البرنامج يبقى فقط مكون من المكونات، إذ أن الجزء الأكبر من الأصوات سنحصل عليه من خلال معرفة المواطنين لنا، ولتاريخ الحزب ونضالاته”. غير أن هذه الثقة يقابلها ظهور معطيات جديدة، في الأسابيع الأخيرة، قد تكون وراء فقدان العدالة والتنمية الكثير من أصوات الناخبين. ومن بين هذه المعطيات، يوضح سعيد لكحل، المحلل السياسي والمختص في شؤون الجماعات الإسلامية، “قرار التنسيقيات الأمازيغية بالدعوة إلى مقاطعة العدالة والتنمية، وعدم التصويت لمرشحيه عقابا له على تصريحات بعض قيادييه، وخاصة أمينه العام، في موضوع دسترة الأمازيغية كلغة وطنية رسمية”، مبرزا أن “هذه الدعوة ستلقى صدى لها في صفوف الناخبين الأمازيغ، ما سيدفع غالبيتهم للتصويت على خصوم الحزب، وفي مقدمتهم الحركة الشعبية، وحزب التجمع الوطني للأحرار”. معطى آخر قد يؤثر على الحزب، يوضح سعيد لكحل، يتجلى “في استقطاب النهضة والفضيلة لشريحة واسعة من السلفيين الذين كان من المتوقع أن يصوتوا للعدالة والتنمية لمواقفه المساندة لمعتقلي هذا التيار، وكذا لاحتمال ترشيح بعض رموزهم، لكن دخول النهضة والفضيلة على الخط واتصاله برموز هذا التيار قصد تزكيتهم لخوض انتخابات 25 نوفمبر الجاري، سيغير من موقف نسبة مهمة من هذا التيار لصالح النهضة، الأمر الذي سيفقد العدالة والتنمية أصوات التيار السلفي التي كان يراهن عليها”. كما يرى المحلل السياسي أن هناك نقطة أخرى قد تؤثر على الناخبين وتتمثل في “تشكيل تحالف 8، الذي يضم أحزابا ذات مراس في تدبير الشأن العام واستقطاب الأعيان، فضلا عن تقديم برنامج واقعي قابل للتطبيق بعيدا عن المزايدات السياسية مقارنة مع باقي أحزاب الأغلبية الحكومية، خاصة أحزاب الكتلة التي تسببت طريقة تدبيرها للشأن العام في خلق تذمر لدى المواطنين”. وذكر أن “العدالة والتنمية سيتنافس على المواقع المتقدمة إذا اتسعت ظاهرة العزوف ومقاطعة الانتخابات، على اعتبار أن الكتلة المقاطعة هي عادة من المتعاطفين مع الأحزاب الديمقراطية. وهذا من شأنه أن يحافظ على تماسك الكتلة المتعاطفة مع العدالة والتنمية لالتزامها الديني والأخلاقي بالحزب، ما سيضمن له مردودية انتخابية مهمة تسمح له بالتنافس على الصدارة”. لكن العدالة والتنمية، يشرح سعيد لكحل، “يراهن على العامل الخارجي المتمثل في فوز حزب النهضة الإسلامية في تونس، ويتوقع أن يكون له صدى في المغرب فيتعاطف الناخبون مع العدالة والتنمية. غير أن هذا الرهان غير مضمون لاختلاف السياقين التونسي والمغربي. وقد يخسر العدالة والتنمية بعض مواقعه، خاصة تلك التي عرفت فضائح في التسيير، مثل ميدلت، ومكناس”. وخاض حزب العدالة والتنمية معارك عديدة أشهرها معركته ضد ما سمي آنذاك بالخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية، والتي تصدى لها بقوة وحزم، كانت أقوى لحظاتها مشاركته الواسعة في مسيرة المليونين بالدار البيضاء، بتاريخ 12 مارس 2002، ما جعل الحكومة تسحب خطتها وتدخل الملك محمد السادس على إثرها وشكل لجنة وطنية من العلماء، والقضاة، والمفكرين أعدت مدونة الأسرة التي عرضت لأول مرة على البرلمان.