بالرغم من الوضع الحزبي في بلادنا وصورة المشهد السياسي المتسمان بالرتابة، فإن هناك مؤشرات على أن الدخول السياسي المقبل سيكون مختلفا عن ما سبقه، لسببين على الأقل، أولهما أنها ستكون أول انتخابات في ظل الدستور الجديد. أما السبب الثاني فهو تحركات الأحزاب السياسية لخلق تكتلات تقوي وضعها ومصداقيتها لدى المواطن المغربي و تدفعها للمشاركة بفعالية في المعركة الأساسية المقبلة و التي تتجلى في'الانخراط في الإصلاحات التي باشرها المغرب، ومنها تنزيل مضامين الدستور الجديد. في هذا الاطار يأتي إعلان الأحزاب السياسية عن "التحالف من أجل الديمقراطية" متكون من 8 أحزاب وهي "التجمع الوطني للأحرار" و"الحركة الشعبية" والأصالة والمعاصرة" و"الحركة الشعبية" و"الاتحاد الدستوري" و"النهضة والفضيلة" و"الحزب العمالي" و"اليسار الأخضر" و"الحزب الاشتراكي"، خطوة تستحق الوقوف عند اهميتها و رصد ايجابياتها على مشهد سياسي مغربي متسم بضعف التحالفات و البلقنة التي شكلت سمة مسيطرة على الخارطة السياسية المغربة لعقود مضت، خاصة في ظل التحركات العميقة التي يعرفها المجتمع المغربي و التي تستوجب من جميع الفاعلين السياسيين الانخراط الكلي في فهم الاحتياجات الديناميكية والوقوف أمام الإرهاصات والفتاوى غير المجدية. "فالبلقنة "التي تشهدها الساحة السياسية المغربية غير صحية بتاتا. فهي تجعل من التمثيلية مسألة متعلقة بالأشخاص لا بالمؤسسات، مما يؤدي إلى وجود نقاش سياسي عقيم لا ينبني على برامج سياسية تستجيب للحاجيات الحقيقية للمواطن المغربي. هذه العوامل أدت إلى شبه انقراض للديمقراطية المحلية الحزبية، وأصبحنا نرى مجموعة من الأحزاب تفتقر للهياكل التي هي العمود الفقري داخل الأحزاب الفعالة. فالمعطيات السياسية الراهنة والإكراهات المستقبلية تستوجب عقلنة وترشيد العمل السياسي الحزبي، من خلال خلق تكتلات عقلانية جديدة تؤسس لأقطاب سياسية يكون إظفاء الطابع المؤسساتي عليها ذا معنى وجدوى، تؤدي بالضرورة إلى عقلنة الحقل السياسي من خلال إشراك جميع مكونات المجتمع في نقاش فعال هو أسمى قيم الحداثة السياسية، هذه الأخيرة يجب أن تكرس لوجود أقطاب من خلالها يكون التموقع داخل الساحة السياسية مبنيا على برامج محكمة التدبير و الإعداد وأهداف تكون حلولا للأسئلة المطروحة على غرار ما يجري في الدول العريقة في الديمقراطية . من هذا المنطلق يأتي تكتل هذه الأحزاب ليعلن ميلاد مشهد حزبي جديد، يهدف حسب إعلان الرباط إلى إتمام البناء المؤسساتي الوطني بالتنزيل الديمقراطي للدستور الجديد و التنزيل الجيد لمشروع الجهوية والتسريع باعتماد كل الآليات القانونية والمؤسساتية اللازمة لنجاحها، ومواصلة النهوض بحقوق الإنسان تحرير كافة الديناميات المهيكلة قصد الرفع من وثيرة النمو الاقتصادي، علاوة على تدعيم وسائل انفتاح المغرب على المحيط الخارجي بمواصلة الالتزام ببناء الفضاء المغاربي وتمتين الشراكة المغربية والاورومتوسطية. فعملية خلق الأقطاب والمضي قدما نحو تحالفات مهيكلة على أسس وأهداف واضحة وبرامج عمل دقيقة تجمع كافة القوى الديمقراطية، عملية لابد منها و بالأهمية بمكان تمتينا للمشهد السياسي المغربي و تحصينا له من العبثية و البلقنة.