العدل والإحسان ليست مجرد فزاعة طيور يتم نصبها في الحقول من أجل إفزاع العصافير، التي تقتات من المحاصيل... ولو كان الأمر كذلك لقلنا ليس هناك أي داع للتهويل، ولما ارتفعت أصلا الدعوات التي تدعو إلى فك الارتباط بين جماعة الشيخ عبد السلام ياسين وحركة 20 فبراير. العدل والإحسان تنظيم، ليس تنظيما مسلحا كحزب الله في لبنان، ولكنها تنظيم قد يكون أخطر إذا ما أتيحت له فرصة ذلك، وعثر عن حاضنات تغلف أجندته، وقد راهنت الجماعة من أجل أن تكون حركة 20 فبراير بمثابة الرحم الذي يشرئب منه رأس "القومة"، غير أن النطفة تحللت في منتصف الطريق، بعد أن رفض شباب متحمس أن يكون مجرد وعاء للإنجاب، فشرعوا في الانسحاب الواحد تلو الآخر. وبالرغم من أن العدل والإحسان حرصت على التظاهر بالطابع السلمي، فقد سقطت في هفوات تفضح العنف الثاوي وراء الملامح التي تشي بالهدوء سواء من خلال الاعتداءات التي تعرض لها شباب 20 فبراير أنفسهم أو والي أمن الدارالبيضاء السابق، وقبل ذلك الاختطاف الذي تعرض له محامي بفاس، أو من خلال زلات اللسان التي تصدر، في لحظة انفعال، عن هذا القيادي أو ذاك. ويقترن هذا المظهر بمظهر آخر يتجلى في ما ينخر الجماعة من فساد أخلاقي، يمارس في العواصم العالمية تحت يافطة المؤتمرات، أو في المخيمات الصيفية تحت غطاء العطل الصيفية، أو في البيوت بذريعة عقد حلقات النصيحة، وكل ذلك بهدف ضمان البعد عن أعين الناس. لقد راهنت جماعة العدل والإحسان على الحراك الشعبي الذي عرفه المغرب، ولم تكن تهمها طبيعته الاجتماعية بقدر ما كان يهمها تحويل الشباب إلى حطب يغذي عنف الشوارع، لكن ذلك لم يتحقق، لذلك كان طبيعيا أن تنطوي إلى الوراء، وأن تفقد الكثير من أتباعها بعدما تسربت بعض فضائحها للرأي العام، ولم تقدم على ذلك أي تكذيب أو جواب...