ما إن بدأت تلوح في سماء ليبيا بشائر سقوط نظام معمّر القذافي، حتى توالت تعليقات المراقبين حول الجهات الأكثر تضرراً مما يحدث. وأشار المراقبون إلى أن جبهة البوليساريو ستكون ضمن لائحة المتضررين من هذا السقوط، مع التوقعات أن تزيد عزلتها، بعدما قلب الثوار الطاولة على القذافي. وقال البشير الدخيل، أحد المؤسسين السابقين للبوليساريو، إن "هذا الانهيار سيكون درسًا كبيرًا للوطن العربي، بصفة عامة"، مبرزاً أن "المتضرر الأكبر من هذا السقوط هي الأنظمة المتوازية أو المشابهة لنظام القذافي، ويتعلق الأمر، على سبيل المثال، بجبهة البوليساريو، التي يوجد على رأسها عبد العزيز المراكشي، الذي يعد أقدم واحد على رأس هذا النظام". وأوضح البشير الدخيل، في تصريح ل "إيلاف" أن "المخيمات يقع فيها الشيء نفسه"، مؤكدًا أن الإطاحة بنظام القذافي له الأثر المباشر على الجبهة والجزائر". وأضاف المؤسس السابق للبوليساريو، الذي يعيش حاليًا في المغرب، "البوليساريو سيتأثر، لكنني لا أظن أنه قادر على أن يتعلم الدرس". وحول احتمال وقوع "انتفاضة" في تيندوف، قال البشير الدخيل إن "الوضع في تيندوف لا يمكن أن يؤثر مباشرة على النظام، لأن هناك أقلية فقيرة يحكمها نظام عسكري تقف خلفه الجزائر"، مشيرا إلى أنه "مهما كان نوع الانتفاضة، إلا أنه لا يمكن أن يكون لها تأثير". وكان موقع "بوليساريو كونفيدونسيال"، المهتم برصد تطورات ملف الصحراء وتأثيراته على دول الجوار، كشف أن قرابة مائة من المحاربين المحسوبين على البوليساريو، الذين قاتلوا إلى جانب كتائب العقيد القذافي في ليبيا، عادوا، الجمعة الماضي، برًا إلى صحراء تندوف. وأكد أن السلطات العسكرية الجزائرية سهلت عملية عبور المرتزقة الذين قضوا زهاء الشهرين في خدمة كتائب القذافي، مقابل ما لايقل عن 500 دولار يوميًا كأتعاب خدمة. وكانت أولى الأسلحة التي وصلت إلى قياديي البوليساريو التي صوبوها ضد المغاربة آتية من ليبيا، كما احتضن نظام القذافي الجبهة داعماً إياها مادياً وعسكرياً وديبلوماسياً. يذكر أن المغرب وجبهة البوليساريو يجريان مفاوضات مباشرة برعاية الأممالمتحدة في ضاحية مانهاست الأميركية منذ حزيران (يونيو) 2007. وكان من يسمّى بوزير الدفاع في جبهة البوليساريو، محمد لمين البوهالي، هدد، أخيرًا، بالعودة إلى حمل السلاح ضد المغرب، حيث صرح بأن "جيش البوليساريو في أكمل الجاهزية، ويمتلك تجربة غنية تؤهله لمواجهة أي طارئ في المنطقة"، وذلك بفعل "تأهيله تقنيًا وعسكريًا وزيادة ميزانيته والتحاق أعداد كبيرة من الشباب به"، على حد قوله. تأتي التهديدات الجديدة للبوليساريو بحمل السلاح من جديد في وجه الجيش المغربي، بعد فشل الجولة الثامنة من المفاوضات غير الرسمية بين المغرب والبوليساريو، وذلك في أفق تدشين المفاوضات الرسمية الخامسة بين الأطراف المتنازعة حول قضية الصحراء.