تنبىء المؤشرات السياسية أننا دخلنا مرحلة العد التنازلي لإرساء الأركان المؤسساتية لمغرب دستور 2011 ، خاصة بعد أن ألح خطاب العرش "على ضرورة حسن إقامة وسير المؤسسات في أقرب الآجال" وأن كل تباطؤ من شأنه " رهن دينامية الثقة وهدر ما يتيحه الإصلاح الجديد من فرص التنمية والعيش الكريم " . والمنطق يفرض احترام منطوق الدستور على الأقل فيما يتعلق بالفصل الذي يحدد افتتاح الدورة البرلمانية من طرف الملك في الجمعة الثانية من شهر أكتوبر، مما يستوجب إجراء انتخابات تشريعية في السابع من الشهر المذكور على أبعد تقدير .ولذلك لا بد من تسريع الآليات والقوانين المؤدية إلى تحقيق هذا الموعد التشريعي قبيل الأسبوع الأخير من شهر غشت الجاري وتفعيل مشاريع القوانين المتعلقة بالأحزاب والقانون التنظيمي لمجلس النواب وآلية المراقبة الانتخابية . ومن غير شك فان الحسابات الحزبية تسهم في إحداث بعض التعثر أمام عجلة الحركية السياسية ،خاصة وأنها تتلكأ في مواقفها وتعجز على الخروج بآراء موحدة حتى داخل الأحزاب ذات التوجهات السياسية المتقاربة، وذلك فيما يهم قضايا العتبة والتقطيع الانتخابي وتمويل الأحزاب واللائحة الوطنية مع ما يترتب عن ذلك من إقرار تمثيلية منصفة للنساء والشباب والمهاجرين . وإذا كان من حق الهيئات الحزبية أن تسعى إلى تضمين القوانين السالفة ما يتماشى وسياساتها ومبادئها فانه عليها في ذات الوقت أن تبرهن على أن توجهاتها تسير في اتجاه تحقيق الصالح العام وتغليب المصلحة المجتمعية على المصلحة الحزبية الضيقة . لقد حظيت مسألة المراقبة الانتخابية بالمصادقة في المجلس الحكومي وهي المتعلقة "بتحديد شروط وكيفيات الملاحظة المستقلة والمحايدة للانتخابات طبقا للمعايير المتعارف عليها دوليا، واعتماد الملاحظين الانتخابيين من طرف لجنة خاصة تحدث لدى المجلس الوطني لحقوق الانسان " ، وتجسد هذه الآلية التزام من الدولة بتوفير مناخ الثقة والنزاهة في الاستحقاقات التشريعية المقبلة والتصدي لمظاهر الفساد الانتخابي ، خاصة وأن أمرها موكول لهيئة حقوقية ارتقت إلى الدسترة ،مما يعزز من ثقلها المؤسساتي ويسمو بمسؤولياتها تجاه ضمان السير الأمثل للمواعيد النيابية، أضف إلى ذلك ماهو مشهود لرئيس المنظمة وكاتبها العام من كفاءة وتجربة حقوقية وبالأخص تاريخ النضال السياسي للرجلين.