هي ظروف عربية ودولية فريدة شهدها العالم العربي، أيقظت فتيل حركة الاحتجاج لذا الشباب، والمغرب بدوره شهد ميلاد حركة 20 فبراير التي ضخت الدماء من جديد في السياسة المغربية وحققت مجموعة من المكتسبات كانت تبدو بعدية المنال ولا يمكن تحقيقها على أرض الواقع.
وبالتالي فلا يجب أن نتناسى ونغظ الطرف على إنجازات استطاع شباب وفي فترة وجيزة القيام بها من وجهة نظر سياسية ولقد كررتها عدة مرات في هذه الصفحة أن أهم استحقاق للحركة هو القدرة على التعبير وسقوط جدار الخوف لدى الرأي العام، فهذه الحرية في الرأي والتعبير تبقى أفضل ضمان للنجاح الذي يمكن أن تقدمه لانتقال ديمقراطي حقيقي في ظل عصر عنوانه استخدام الأنترنت لإسماع صوت دون رقابة ودون ضغط. من الجانب الدستوري شكل خطاب 9 مارس نقطة مفصلية تجاه التغيير، فكثيرة هي الأشياء التي قيلت حول أعضاء اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور وحول الجدول الزمني الضيق للأعمال المنوطة للجنة، لكن من جهة أخرى لا يجب أن نحجب أهمية هذا الدستور الجديد الذي سيشكل خطوة متقدمة بالنسبة لبلدنا حتى لو كانت رياح الحرية التي تهب على الحركة لا يبدو حتى الآن أن لها آثار إيجابية على الأحزاب السياسية يمكننا أن نتفاءل في حجم المناقشة التي همت مختلف المجالات، فالديمقراطية الحقة لا يمكن بناءها بدون أحزاب فالآن أصبح ضروري أكثر من أي وقت مضى على الأحزاب من أن تنظر وبعين ثاقبة لانتظارات الشباب المغربي. وفي الجانب الإعلامي لا يمكننا إلا أن نرحب بالنقاشات التي قامت بها كل من Medi1 وSNRT وكذا مساهمة الصحافة الإلكترونية هذه الأخيرة التي شهدت طفرة، بداية مع "لكم"، "كودا" و"الغد" التي من خلالها الصحافي علي المرابط يوقع باسمه دون أي عائق بالرغم من الحظر المفروض بالمنع لمدة عشرة سنوات من طرف العدالة. لنعد الآن إلى أشياء أكثر واقعية، فالهيئة المركزية للوقاية من الرشوة ومجلس المنافسة والتي بفضل وجودهم في الوثيقة الدستورية كمؤسسات مدسترة ما جعل سلطتهم تتقوى فمحاربة الفساد لا يمكن أن يتم إلا من خلال وجود ترسانة قانونية ومؤسساتية جذيرة، فلهذا فأعتبر أن التغيير الذي طرأ في طرق تدبير هذه المؤسسات يبقى انتصار للحركة. الإفراج عن الكونيل قدور درهاز يبدو أن الإفراج صار قريبا لمحمد جلماد، هذا الأخير الذي كان يعمل مفتشا للشرطة بمدينة الناظور، والذي قام بحملات جد مقدامة لمحاربة لوبيات المخدرات، والذي انتهى به الأمر بالسجن نتيجة لاتهام مبني على مكالمة هاتفية، جلماد الآن بالسجن لمدة سنة. نقطة أخرى تبدو تافهة ولكن ذات دلالة رمزية قوية تظهر في الجهد الغير المسبوق لتنظيم مهرجان موازين حيث نلمس مدى مبدأ الشفافية والتواصل في مثل هذا المهرجان. أنا على علم بأن كل هذه الانتصارات يمكن أن يعارضها العديد ولكن لابد أن يكون إما بسوء نية ليست جيدة فهي ترى النصف الفارغ من الكأس وتبقى عدم مدركة لأهلية وجوهر المكتسبات لحركة 20 فبراير. ويبقى السؤال الجوهري والذي يطرح نفسه بإلحاح ماذا نفعل مع هذه الانتصارات؟ أولا يجب الوعي بأن كسب المباراة الأولى قد تحقق الآن وجب التكيف مع المعارك القادمة والسير مع الطفرة التي حصلت على أرض التغيير وتجنب الانزلاق في بعض المتاهات والتخطيط لانتخابات التشريعية 2012.