فاجأ عباس الفاسي، أمين عام حزب الاستقلال، أعضاء المجلس الوطني، المنعقد مساء (السبت) بالرباط، بمقترح إجراء انتخابات تشريعية مبكرة مباشرة بعد تعديل الدستور. وقال الفاسي، أمام أعضاء المجلس الوطني، الذين حضروا بكثافة في الاجتماع، إنه يقدر شخصيا أن تجرى الانتخابات البرلمانية المقبلة مباشرة بعد التصويت على الدستور الجديد الذي انتهت اللجنة الاستشارية المكلفة بتغييره من مهمة الاستماع إلى كافة الأطراف السياسية والجمعوية والحقوقية والنقابية والنسائية. واعتبر الفاسي أنه، بعد تعديل الدستور الحالي، لا يمكن انتظار 2012 لإجراء انتخابات تشريعية، بل لا بد من الإسراع في تنظيم انتخابات مبكرة لبدء مرحلة جديدة في تاريخ البلاد، في إشارة إلى استباق الزمن، وإلى اتخاذ خطوة من شأنها أن ترد على أولئك الذين يطالبون بحل الحكومة والبرلمان، كما هو وارد في شعارات حركة 20 فبراير منذ أن خرجت إلى الوجود. وفي الكلمة التي ألقاها الفاسي، أوضح أنه لا بد من التجاوب مع الحركية التي عرفها الشارع المغربي، ومع مطالب مختلف الفئات المجتمعية، وهي مطالب، سبق أن طرحت من قبل القوى الديمقراطية في البلاد، وبالتالي، فإنه درءا للمزايدات السياسية، يعتقد الفاسي أن تنظيم انتخابات برلمانية سابقة لأوانها يمكن أن يعفي البلاد من عدد من التوترات. كما أوضح الفاسي أمام أعضاء المجلس، أن الخطاب الملكي لتاسع مارس يشكل مرجعية ويتطلب التفاف الجميع من أجل تجاوز الحسابات السياسية الضيقة في أفق بناء مغرب ديمقراطي. كما ألمح الفاسي في كلمته المطولة إلى استعداده مغادرة منصب الأمين العام للحزب. وبعد أن توقف مليا على ضرورة رص الصفوف الداخلية، والتأكيد على وحدة الحزب، توجه إلى أعضاء المجلس الوطني، موضحا أنه على استعداد لمغادرة منصب الأمانة العامة. وبعد أن رد بطريقة غير مباشرة على الاستقلاليين الذين ينادون بعقد مؤتمر وطني استثنائي للحزب من أجل تغيير القيادة، قال إنه بمجرد أن يعفى من مهامه وزيرا أول، فإنه سيغادر منصب الأمين العام، وسيترك الحزب لمن أراد تسييره وتدبيره في المستقبل. وخلف مقترح الفاسي ردود فعل متباينة بين الاستقلاليين أعضاء المجلس الوطني، الذين منهم من اعتبر كلام الفاسي «عين الصواب»، وأنه لا بد من التحلي بالشجاعة لإجراء انتخابات قبل موعدها من أجل فتح صفحة جديدة في البلاد، ومن له وجهة نظر مغايرة تتمثل في أن تعديل الدستور يتطلب القيام بإصلاحات سياسية مواكبة، وأنه سيكون من الصعب إجراء انتخابات في ظل دستور جديد، لكن بدون قوانين انتخابية جديدة. إن تعديل الدستور يحتاج إلى إصلاحات سياسية، وهذا يحتاج، على حد قول مصادر استقلالية، إلى من سيهيئ ويصوت على القوانين، علما أن الانتخابات البرلمانية المقبلة تتطلب عددا من التغييرات سواء في تحديد العتبة أو التقطيع الانتخابي أو اللوائح وغيرها من القوانين التي سيصعب، حسب البعض، سنها في وقت وجيز. كما تساءل البعض عن الدور الذي ستلعبه وزارة الداخلية التي مازالت بصمتها حاضرة بقوة في الانتخابات، وبالتالي، فإن محاولة التغيير، تعني ضرورة تقليص حضور الداخلية في ملف الانتخابات، الشيء الذي يحتاج أولا وقبل كل شيء إرادة سياسية، ثم المرور بمرحلة انتقالية تؤمن الدور التقني للداخلية خلال المحطة الانتخابية، للوصول إلى تكليف لجنة مستقلة تشرف على الانتخابات وتتبعها.