الرباط حسن الأشرف : استبعد خبير إعلامي معروف أن يشكل موقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت فيسبوك" أداة ضغط سياسي واجتماعي في المغرب، نافيا ما يزعمه الكثيرون بأن المنخرطين فيه "أكبر حزب سياسي بالبلاد". ووصف الخبير ما يروج حالياً من أطروحات ومقالات إعلامية تفيد بأن "فيسبوك" أضحى قوة ضغط على السلطة بالمغرب بكونه مجرد "كلام مزايدات"، لعدة اعتبارات منها أن فضاء "فيسبوك" ينقصه التنظيم الذاتي الصارم والخلفية السياسية، كما ينقصه المستوى المؤسساتي الذي يتيح تصريف قوى الضغط. وجدير بالذكر أن عدد المغاربة المنخرطين في ''فيسبوك'' يبلغ أكثر من 1.8 مليون شخص بحسب دراسة حديثة لوكالة ''سبوت أون بابليك رولايشنز'' المختصة في دراسة الرأي العام والتسويق التي يوجد مقرها بمدينة دبي الإماراتية.
وأفاد الخبير المغربي في الإعلام والاتصال الدكتور يحيى اليحياوي أنه ليس ممن تستهويهم العبارات والادعاءات كثيراً، من قبيل القول بأن الإعلام بات سلطة رابعة بالمغرب، أو أنه صار يشكل "معارضة جديدة" بسبب ترهل الأحزاب وتراجع دور النقابات والمثقفين وغيرهم. ونفى اليحياوي أن يكون "فيسبوك" وفضاء التواصل الاجتماعي قوة ضغط وسلطة مضادة، واصفاً هذه الأقاويل في حديث ل "العربية.نت" بأنها كلام مزايدة عندنا في المغرب حتى إذا سلمنا بأنه ربما يكون حقيقيا في الغرب. وتابع اليحياوي: "القائلون بما سبق ليسوا دقيقين في الطرح لسبب بسيط هو أنه لا توجد دراسات تبين هذا الأثر، أو تلامسه أو تحاول تتبع أثره النوعي على الأفراد والجماعات تعاملاً وسلوكاً. واستطرد المتحدث: "صحيح أن "فيسبوك" والإعلام "الجديد" عموماً قد ساهم في توسيع مجال التعبير والتواصل، وقد يكون ساهم في خلق مجموعات ذات انطباعات أو حاجات وتطلعات متشابهة، لكنه من المبالغة القول بأنها باتت "أكبر حزب سياسي بالمغرب". وشرح الخبير بأن هذه الأدوات التكنولوجية المتطورة قد تمارس بعضاً من الضغط على هذه الجهة أو تلك بدليل إحراج فضاء "يوتوب" مثلاً للسلطة في المغرب عندما وثق لوقائع الرشوة أو المحسوبية أو الابتزاز، الشيء الذي أجبر السلطة على اعتماد تدابير زجرية سريعة. لكن الأمر يضيف الخبير ينحصر في حالات محددة ولم يتحول بعد إلى بنيان متراص له توجهه وآلياته في تصريف الضغط ومسلكيات مواجهة السلطة عندما يطال التجاوز سلوك بعضا من مكوناتها. وبرر اليحياوي نفيه أن يكون "فيسبوك" بهذه القوة بالمغرب بأنه فضاء ينقصه التنظيم الذاتي الصارم والخلفية السياسية، وينقصه المستوى المؤسساتي الذي من شأنه أن يثوي خلف تصريف قوى الضغط، كما لا يتوفر على القدرة التجنيدية التي نجدها مجتمعة عند الحزب كبنية قائمة ولا نجدها في فضاءات سواها. وعاد الخبير ليؤكد أنه ينبغي أن نتجاوز الأحكام والادعاءات العابرة، ونحكم على الظواهر بالاحتكام إلى مدى قدرتها على تصريف الضغط وتحويله إلى منجز، مبرزاً أنه لكي يكون للقول بأن "فيسبوك" قد بات الحزب الأول بالمغرب بعض من المصداقية، يجب أولا إعادة الاعتبار للأحزاب كفاعل حقيقي في المشهد السياسي المغربي.
حملات فيسبوكية
وكانت قد راجت في الفترة الأخيرة مقالات وأطروحات لإعلاميين وكتاب مغاربة يؤكدون من خلالها أن "فيسبوك" أضحى أكبر حزب سياسي بالمغرب بحكم العدد الهائل من المنخرطين في هذا الموقع العالمي، وأنه صار قوة ضغط ذات تأثير بالنظر إلى الحملات التي ينظمها أصحابها انطلاقا من "فيسبوك" للاحتجاج أو التعبير عن مطالب اجتماعية أو سياسية معينة. ومن آخر هذه الحملات المنظمة على صفحات موقع "فيسبوك" الحملة التي طالب فيها منظموها بتحرير مدينتي سبتة ومليلية السليبتين، فأنشأوا صفحة حظيت بدعم الآلاف للمطالبة بحرية المدينتين باسم "الحرّية لسبتة ومليلية"، وأدت حركية الصفحة ومحتوياتها إلى حذفها من طرف إدارة الموقع، بحسب ما جاء في منطوق الدعوى القضائية التي رفعها أصحاب الحملة ضد الموقع العالمي. وشهدت صفحات "فيسبوك" أيضاً حملة آنية قام بها ناشطون مغاربة دعوا إلى استبعاد مجندة سابقة بالجيش الإسرائيلي من الغناء في مهرجان "التسامح" السنوي الذي أقيم يوم 16 أكتوبر المنصرم بأكادير، بالإضافة إلى عشرات الحملات الأخرى التي تتخذ طابعاً اجتماعياً أو سياسياً محضاً. وخاض نشطاء قبل أسابيع خلت حملة على "فيسبوك" للدفاع عن سمعة المرأة المغربية ضد كل الإساءات التي تتعرض لها في وسائل الإعلام، فضلاً عن حملة فيسبوكية سابقة كان هدفها دعوة الحكومة إلى تجريم استغلال الفتيات القاصرات كخادمات في المنازل. وعرف "فيسبوك" أيضاً حملات لجمع توقيعات بالآلاف من قبيل الحملة التي طالبت السلطات بالمغرب والجزائر إلى فتح الحدود بين البلدين الشقيقين، وحملة أخرى رمت إلى جمع 100 ألف توقيع ضد مقاهي الشيشة بمدينة مراكش، علاوة على عريضة إلكترونية غايتها جمع ألف توقيع، تندد بأوضاع النقل العمومي وبرداءته ومشاكل الاكتظاظ الذي تسببه للمواطنين