لم تعرف الشعوب العربية هذا القدر من الحريّة الّتي تجتاحها اليوم، على الرغم من أن الثورات في غالبيتها لم تقدّم الاصلاح والتغيير في الأنظمة، وإذا ما استرجعنا باقة من الثورات لتأكّدنا أن غالبيتها بدأت بشعارات رنّانة من أجل الشعوب وانتهت بالعودة الى زمن القمع والاذلال وتقويض الحريّات العامة لتعود وتتصدّر مصالح الرؤساء الخاصة الأولويّة. إنّ الشعب العربي الّذي لم يعرف للديمقراطية معنًى ولا للحريّة طعمًا طيلة العقود الماضية، بدت ثوراته تطلّ لتطحن رؤوس المستبدّين تحت أقدام الشعوب على أمل التغيير واصلاح ما يمكن اصلاحه، أو البدء بعملية تأهيل مجتمعيّة حتى لا تتكرّر مثل هذه الأنظمة القمعيّة، الّتي جيّشت شرطتها وقوى أمنها لتصبح ميليشيا فاشيّة تنصب وتقتل مواطنيها لتخدم رئيس جمهوريتها أو ملكها، وهذا ما رأيناه في الشارعين التونسي والمصري، وقد صُدم الناس بكميّة الاجرام الكبيرة التي تختزنها هذه القوى لا سيّما اننا رأينا كيف ارتكبت قوى الأمن المصريّة مجازرها بحق الشعب المصري بشكل لا يمكن تصوّره اطلاقا، إذ أنّها كانت عدو الشعب الأوّل. زين العابدين بن علي الرئيس التونسي الهارب، الّذي سُحق جبروته تحت أقدام شعبه الّذي لم يهنأ الا وهو خارج البلاد، تتكرّر تجربته في مصر الّذي اعتقد رئيسها حسني مبارك أنه فرعونها الإله الّذي لا يموت والّذي على شعبه عبادته لأنه يفكّر ويأكل عنهم وهو بعيد كل البعد لا يسمع أنينهم. إحذروا يا شعب مصر، فلا ترموا 30 سنة من العذاب والقهر والذلّ في قُمامة الوعود، وتذكّروا أن أدولف هتلر لم يعِشْ ليرى أن ألمانيا تحرّرت والشعب الألماني، فهو رحل الى غير عودة أما ألمانيا فبقيت. إحذروا يا شباب مصر من أن يتمّ التلاعب بمشاعركم عبر المجيء بشخصيّات تقليدية لأنكم تستحقّون الأفضل، فالتغيير آت لا محالة لأن الطغيان لا يستمر ويبقى. تذكّروا أن لبنان قام بعد 400 عام من القهر العثماني ليتحرّر، فما بالكم ب30 سنة. احذروا يا شعب مصر من يحاول أن يركب موجتكم من أجل مصالح شخصيّة وبعضهم أغبياء وفاشلون، واتحدوا مسلمين ومسيحيين لمواجهة أمثال هؤلاء. أيها الشباب انتم من دفع الثمن باهظًا لتتحرر جمهوريتكم، وليس أمثال الفاشل عمرو موسى الّذي يحاول اللحاق بِرُكَبِ الثورة المصرية.