احتدمت شدة المنافسة بين كبريات الشركات التقنية والمعلوماتية، إذ سعت كل مؤسسة الى المراهنة على تفوقها بقدر ما تنجح في اجتذابه من العقول الموهوبة في هذا المجال، ولاقت الترجمة الفورية لتلك الظاهرة ارضاً خصبة في المنافسة بين عملاق البحث العالمي "غوغل"، وموقع التعارف الاوسع انتشاراً "فايسبوك".
واشنطن: يبدو أن الصراع سيكون على أشده خلال الفترة المقبلة بين كبريات الشركات المتنافسة على الصعيدين التقني والمعلوماتي، والتي يتمركز أغلبها في منطقة وادي السيليكون في الولاياتالمتحدة، من أجل الظفر بأصحاب العقول الموهوبة في هذا المجال.
هي الحقيقة التي أبرزتها اليوم صحيفة "لوس أنغلوس تايمز" الأميركية بعدما قالت إن الخطوة التي لجأت بموجبها مؤخراً عملاقة محركات البحث الأميركية "غوغل" لرفع رواتب جميع موظفيها ( البالغ عددهم 23300 ) بمقدار 10 % اعتباراً من العام المقبل، بالإضافة إلى منحة قدرها ألف دولار، ما هي إلا أحدث حلقات الحرب التي أضحت حرباً شاملة من أجل الاحتفاظ بأبرز الموهوبين في وادي السيليكون. نقص بالمهندسين وفي ظل النقص الذي يعانيه السوق في أعداد المهندسين ذوي الكفاءات، بدأت تتنافس الشركات التكنولوجية في ما بينها من أجل التعاقد مع الموظفين المؤهلين والقادرين على كتابة البرامج اللازمة للمنتجات والخدمات الجديدة. ولم تخجل أي من هذه الشركات أن تلجأ إلى الأساليب الملتوية في سبيل تحقيق تلك الغاية، كإقدامها خلسةً على التعاقد مع هذه الكفاءات سراً. ومضت الصحيفة تقول إن أكثر الشركات المهددة في هذا الصراع المعلن والخفي على حد سواء هي شركة "غوغل"، المعروف عنها منذ فترة طويلة حرصها الدءوب على الاستعانة بالأشخاص ذوي القدرات العقلية المبدعة في هذا المجال. وأوضحت الصحيفة أن الشركة مُحَاصرة الآن من جانب شبكة التواصل الاجتماعي الأشهر على الإنترنت "فايسبوك" وغيرها من الشركات التي تحاول إغراء تلك الكفاءات. ولم تجد الصحيفة مثالاً تدلل به على هذا التنافس الشرس، أبرز من القرار الذي اتخذه قبل بضعة أسابيع لارس راسموسين، المؤسس العبقري الذي شارك في وضع خدمة "خرائط غوغل" وأحد أبرز خبراء الشركة على مدار ستة أعوام، بالرحيل إلى الفايس بوك، والانضمام إلى أكثر من 200 موظف سابق ب "غوغل" يعملون الآن بأكثر مواقع التواصل الاجتماعي شهرةً وجماهيرية على الشبكة العنكبوتية. وحرصاً من جانبه على إتمام تلك الصفقة، قالت الصحيفة إن مارك زوكربيرغ، المؤسس والرئيس التنفيذي لموقع فايسبوك، تدخل بشكل شخصي من أجل مخاطبة ود راسموسين، وإقناعه بتحويل واجهته من مكتبه في شركة غوغل بمدينة سيدني الاسترالية إلى المقر الرئيسي لشبكة الفايس بوك في مدينة بالو ألتو الأميركية.
وفي الوقت الذي يدير فيه فايسبوك، الذي يعمل لديه ألفين موظف، أعمالاً تقل في حجمها بكثير عما تقوم به غوغل، إلا أن واحداً من بين كل خمسة موظفين قد سبق لهم العمل في غوغل، بما في ذلك رئيس العمليات التنفيذي، شيريل ساندبرغ، والطاهي التنفيذي، جوزيف ديسيموني، الذي يقوم بإعداد وجبات طازجة لموظفي فايس بوك. رفض الاتهامات من جانبه، رفض فايسبوك تلك الاتهامات التي تتحدث عن استهدافه للعاملين ب "غوغل"، وأكد ان ادارة الموقع تسعى إلى التعاقد مع أبرز الموظفين أينما كانوا. ونقلت أنغلوس تايمز في هذا السياق عن توماس أرنولد، مدير التوظيف بموقع فايسبوك قوله: "من الضروري بالنسبة لنا أن نعثر على أفضل المواهب. لكن إن أتت تلك المواهب من غوغل، فسيكون هذا أمر عظيم. وإن أتت من شركة هيوليت باكارد، فسيكون أمر أعظم. وإن أتت من شركة مبتدئة لم تسمع عنها، فهذا أمر عظيم أيضاً".
وبينما تثار الآن رزمة من التساؤلات حول مدى القدرة التي تتمتع بها غوغل للاحتفاظ بمستوى المواهب العاملة لديها، في ظل تمتعها بالإمكانات الهائلة، وما تواجهه من منافسة سوقية شرسة، أكدت الصحيفة أن المناوشات الدائرة الآن من أجل الاحتفاظ بالمواهب، أدت إلى دفع تعويضات وظهور سيل من العروض والعروض المضادة.
واستشهدت الصحيفة على ذلك بهذا العرض الذي تصدت من خلاله شركة غوغل لعرض تقدم به فايسبوك، للتعاقد مع أحد مطوري البرامج العاملين في عملاقة محركات البحث، حيث تعهّد مسؤولو الأخيرة بزيادة راتبه الذي يقدر ب 150 ألف دولار بنسبة 15 %، وزيادة فوائد الأسهم التي يتحصل عليها بمقدار أربعة أضعاف، ومنحه مكافأة نقدية تقدر ب 500 ألف دولار من أجل البقاء في الشركة بصورة سنوية.
وفي غضون ذلك، قال موقع"Dice.com " المهتم بأخبار التكنولوجيا ومهنة الهندسة على شبكة الإنترنت إنه وبالرغم من بلوغ معدل البطالة في كاليفورنيا نسبة قدرها 12.4 %، إلا أن قوائم الوظائف التكنولوجية قد ارتفعت بنسبة 62 % العام تلو الآخر في منطقة وادي السيليكون، التي شهدت نمواً على مدار أحد عشر شهراً متتالياً. وقال باتريك بيشيت، المدير المالي بشركة غوغل: "نعتقد أن هذا الاتجاه سيتسارع في غضون ال 18 أشهر المقبلة. ونحن نعتقد بقوة أن الفرق بين الفائزين والخاسرين في صناعتنا سيتم تحديده إلى حد كبير بمن يمتلك القدرة على الاستمرار في جذب أفضل العقليات والمحافظة عليها". بينما قال الرأسمالي، مارك آندرسن، إن سوق التوظيف تعتبر أصعب تحد في وادي السيليكون. وأضاف: "إنه يمكن للمهندس الجيد أن يحصل بسهولة على 10 عروض للالتحاق بوظائف جديدة