قبل أن يقدم اللص على السرقة يقوم بتداريب مكثفة تمكنه من السطو بنجاح على ما يراه مفيدا بالنسبة إليه ،واللص في تكوينه غالبا ما يبتعد عن المغامرة ،إذ لا يقوم بسرقة ما بحوزة الغير إذا خامره ادنى شك بأن عمليته ستبوء بالفشل ،ويمكن أن تسقطه في يد من يشددون الحراسة على ممتلكاتهم تفاديا لأي مفاجأة غير سارة ،ففي بداية الامر يحوم اللص حول الشيء المراد سرقته لاكتشاف كل الثغرات التي تسهل عليه العملية ،وحين يكون له ذلك يقوم بتنفيذ عمليته، وهذا ما أصبح عليه حالنا. ليست السرقة وليدة اليوم بل هي نتاج تراكمات تاريخية مرت بها البشرية منذ الازل و إلى اليوم،حيث لم يتغير جوهرها ،بل تعددت أشكالها،فمن السرقة المادية،إلى السرقة الأدبية والفنية،إلى سرقة أموال الشعب،انتهاء بالسرقة السياسية التي تتخذ كذلك أشكالا عدة،ولا يمكن لأي كان احترافها،حيث من تقاليد السرقة بشكل عام أن يكون محترفها قد تدرج في إتقان أنواع عديدة منها، لا يهم أن تكون صغيرة أو كبيرة بالنسبة للصوص عاديين،أما لصوص السياسة فهم متخصصون في أنواع محددة من السرقة قد لا تكون في متناول العاديين منهم، وبهذا يمكنهم أن يصبحوا مرجعا لكل أنواع اللصوصية لأنهم ظلوا يطورون أداءهم باستمرار،حتى أصبحت ممارساتهم في المجتمعات التي تفتقد مؤسساتها وتنظيماتها وأفرادها إلى حس المقاومة، وتنزع نحو الاستسلام والخنوع والتعايش مع جميع أنواع الفساد،أمرا عاديا ، تنتقد باحتشام ولا يبذل أي مجهود لاستئصالها. بل ويتم قبول كل ما يصادر الإرادة الشعبية ويشرعن سرقة الأمل من عيون كل من ظل الامل زادا له على تحمل قساوة الحياة. مناسبة الحديث عن السرقة الموصوفة في مجال السياسة ، هو قيام محترفيها من خريجي مدارس التدليس والنصب والاحتيال والريع بجميع أنواعه ،الذين تصنعهم وترعاهم الأنظمة غير الديمقراطية باستمرار لتأبيد استبدادها،وفرض وصايتها على شعوبها ،بسرقة أمل شعوبها في الانعتاق والتحرر ورهن مصيرها بمؤسسات أريد لها أن تظل رمزا للفساد،لا يخرج منها اللصوص إلا ليعودوا إليها وشهيتهم مفتوحة للقيام بذلك الدور القذر الذي يتقاضون مقابل القيام به رشاوى تخرج من جيوب دافعي الضرائب،أو عقارات تنزع من مالكيها الاصليين أو امتيازات تمكنهم من "لبن العصفور" على حد تعبير إخواننا المصريين ،ليظلوا متيقظين دائما للسطو على أمال المواطنين كلما راودهم حلم العيش بحرية وكرامة في ظل مساواة وعدالة اجتماعيه حقيقيتين،فمن "إكس ليبان"،إلى الدساتير الممنوحة، إلى سرقة الفرحة من الشعب المغربي في فترات مختلفة من تاريخ المغرب ، والسطو على المطالب العادلة لحركة 20 فبراير. إن هذه الجريمة التي لازال مجرمون محترفون يقترفونها،هي سرقة موصوفة سلاحها يختلف باختلاف الزمان فقط ،أما المكان فثابت لا يتغير،فتارة تقترف بواسطة العنف وتارة بواسطة المال القذر وفي أحايين أخرى بواسطة الدِّين. إن هؤلاء اللصوص يفرضون على الشعب أن يناديهم بألقاب عديدة،ك... الحاج ،سيدي ،مولاي ،الأستاذ أو الرفيق في حالات ناذرة.....،وقد أظهر انحطاط الممارسة السياسية التي تعتبر الانتخابات واجهة من واجهاتها،عودة هؤلاء لارتكاب سرقات موصوفة، سلاحها المال القذر ، و الدين والوعود الكاذبة، والمحفز على ارتكابها غياب المحاسبة والإفلات من العقاب، و عدم ربط المسؤولية بالمحاسبة. فالتسخينات على اشدها لسرقة آمال المواطنين،والسطو على ما تبقى من أحلامهم من خلال انتخابات حددت نتائجها سلفا من خلال اللوائح الانتخابية والتقطيع الانتخابي،و الاستعمال الواسع للمال في الشوط الأول من هذه العملية، بدءا بانتخاب المرشحين عن الغرف المهنية، وصولا إلى تشكيل مكاتب الجهات والتي تحدثت مصادر صحفية "جريدة الصباح "عن ثمن بيع الذمم الذي بلغ 20 مليون سنتيما بأحد الأقاليم ،لتتم سرقة نزاهة العملية الانتخابية بأكملها.وكما تابعنا بميدلت من خلال الصحافة الالكترونية،و انطلاقا من تصريحات وكلاء بعض اللوائح فإن حملة انتخابية سابقة لأوانها تم القيام بها أياما قبل التاريخ المحدد لها وبهذا يكون الحزب المتهم قد تعمد سرقة أياما من الحملة الانتخابية قبل بدء موعدها ، وتمت كذلك سرقة المراتب الأولى من اللوائح الانتخابية ،لبعض الأحزاب من أصحابها الشرعيين المنتمين إليها منذ سنوات ،من قبل أصحاب المال ،كما تمت محاولة سطو على التراكم النضالي للإطارات المناضلة بالمدينة للمتاجرة به ،وتوظيفه توظيفا انتخابيا،و قام بعض الذين يتخذون من شعار "أنا ومن بعدي الطوفان " ذريعة لتبرير كل ممارسة مذمومة،تزكية الدخول لانتخابات 2015 من أحزاب لم يكونوا ضمن المنتمين إليها قبل هذا التاريخ ،بدلا عن الأعضاء المعروفين على الاقل محليا بانتمائهم لهذه الأحزاب ،مبررهم في ذلك،"رد الصاع صاعين" بعد تعرض حزبهم للسرقة أيضا،وقد سبقتها سرقات موصوفة لتزكيات من أحزاب أخرى تم تفريخ مكاتبها بهدف خوض الانتخابات المذكورة. إننا أمام سرقات موصوفة،سرقات لا يتوقف الجناة عن ارتكابها في حق شعب هذا الوطن كلما سنحت الفرصة لهم بذلك فغدا الجمعة الرابع من شتنبر، سترتكب أكبر جريمة سرقة، تمس مستقبل الأجيال القادمة وحقهم في مؤسسات ذات مصداقية تعبر عن طموحاتهم،من خلال عملية لن تختلف عن سابقاتها، نظرا للشروط التي تمر فيها ،ونظرا لطبيعة الأغلبية المشاركة فيها أيضا،وفي نفس الليلة ستحمل المسروقات إلى الدهاليز المظلمة التي "لاتصل إليها" عيون وزارة الداخلية، لاقتسامها تحت جنح الظلام،وسنظل ننتظر من يعيننا على توقيف اللصوص ومحاسبتهم....وسنظل على قلتنا نردد مادمنا أحياء، سلام على من صمد أمام هذا الإعصار الجارف ،الذي يحاول اجتثات ما تبقى من مبادئ وقيم،وعلى من حرص على ألا يسرق منه أعز رأسمال،المبدأ .وعلى من اختار مواصلة المواجهة والصراع،بدل الخنوع والاستسلام.