من بين الكثير من الازمات التي يعيشها التلميذ المغربي ازمة التوجيه، وتتجلى هذه الازمة في كون التلميذ يدرس وهو لا يعلم الى اين يمضى و اين ستنتهي به الامور، حيث يصبح هاجسه الوحيد هو النجاح في نهاية كل عام دراسي بدون ادنى علم عن ما ينتظره في السنوات المقبلة والافاق المستقبلية الممكنة ، كثيرون هم من اختاروا المسار الخاطئ لمشوارهم الدراسي رغم تفوقهم بسبب هذا الجهل.فلو كان توجيههم صحيحا منذ البداية لما وقعوا في هذا المأزق و لاختاروا المسار المناسب لكفاءاتهم و قدراتهم،ما هي الاسباب الكامنة وراء هذه الازمة ؟ وهل من حل ينقذ التلميذ المغربي من خطر هذا الانحراف ؟ لنأخذ على سبيل المثال واقع الطلبة الجامعيين، فبعد مرور بضعة أشهر عن انطلاق السنة الدراسية يكتشف عدد منهم أنهم لم يوفقوا في اختيار الشعبة الدراسية المناسبة وأنهم يعيشون عددا من المشاكل الدراسية.منهم من يقع في براثن الإحباط والاكتئاب وهو يرى نفسه يمشي في طريق شبه مسدود، نهايته المؤكدة الفشل والرسوب خلال هذه السنة الجامعية.عندما يصل الطالب إلى هذه الحالة ويتأكد أنه عاجز عن مواصلة الدراسة بالشعبة التي اختارها هو بنفسه أو وقع توجيهه إليها رغما عنه أو يكون أحد والديه وراء اختياره لها دون رغبة منه، فإنه بالتأكيد لن يكون طالبا عاديا.سوف تختفي جذوة حبه للدراسة الجامعية.في كل الحالات فإن هناك عددا من الطلبة يقررون السير قدما في دراسة هذه الشعبة دون هدف معين و لا رغبة واضحة. هناك من يقرر إعادة التوجيه محاولا إعادة ترتيب أموره الدراسية واقتناص فرصة جديدة توصله إلى النجاح الدراسي. وفئة ثالثة تنقطع عن الدراسة. من جهة اخرى نجد فئة من المتفوقين فشلو في اختيار المسار الصحيح بسبب جهلهم لوجود مدارس ومعاهد تلائم مستواهم المعرفي. تعتبر الاسرة المسؤول الاول فهي من يقرر مصير التلميذ في اغلب الاحيان بدون مراعاةميولاتهوتطلعاته. إذ تجبره على تتبع ما تريد ظنا منها انها تعرف مصلحته اكثر منه. وبالتالي فإن التلميذ سيفقد حبه للشيء الذي يفعله لأنه مجبر على القيام به. وقد لا يناسب قدراته وكفاءاته، والمعلوم في المغرب ان اغلبية الاسر امية وغير واعية بالواقع التعليمي المغربي خصوصا في المناطق الجبلية والمهمشة وهذا واقع الحال. للأستاذ ايضا دور لا يقل اهمية عن دور الاسرة، فهو ان قام بعمله على احسن وجه و اخبر التلاميذ عن الافاق المستقبلية والامكانيات المتاحة وزرع فيهم حب العلم و ساعدهم على تنمية مهاراتهم فسيكون قد ساهم ولو بشكل جزئي في توجيه التلميذ. بالنسبة للموجهين المعتمدين من طرف الدولة فأرى ان عملهم غير كاف ولا يِؤتي أكله بأي صورة من الصور، فهم يحضرون مرة كل عام و هذا ليس كافيا لترسيخ كل ما يحتاج التلميذ معرفته حول افاقه المستقبلية. إذن هي مشاكل عديدة تواجه التلميذ المغربي و تستوجب وقفة تأمل واعادة نظر. تعتبر الجمعيات المتخصصة في مجال التوجيه، وهي نادرة جدا، حلا ناجعا لتجاوز هذه الازمة. وعلى سبيل المثال، نجد جمعية امل للعلم وتنمية المكتسبات بتونفيت التي فكرت في تنظيم جلسات فكرية منها التوجيه بالمثال حيث يتبادل الاساتذة و الحاصلون على شهادات عليا تجاربهم مع التلاميذ والطلبة الجدد. ويضعونهم في صورة حقيقية عن ما ينتظرهم مستقبلا. كما تنظم أنشطة تقدم فيها اهم المعاهد والمدارس والجامعات الموجودة في المغرب وكذا مقدمات في الدروس التي تدرس في الكليات. مشاكل بالجملة يعيشها التلميذ والطالب المغربي على حد سواء والمنظومة التعليمية. ربما نحتاج سنوات ضوئية لنصل الى ركب المتقدمين في جميع المجالات وخصوص في هذا المجال ( التعليم ).الى هنا اكون قد افرغت ما في جعبتي حول هذا الموضوع الشائك .