في جو حميمي يطبعه الإخاء والمحبة، بفضاء قدسي أبى جمهور عريض، إلا أن يشارك القاص "محمد الشايب" هذا الحفل الفني احتفاء بالمجموعة القصصية "هيهات"، من تنظيم الراصد الوطني للنشر والقراءة بشراكة مع مندوبية وزارة الثقافة للقنيطرة، وذلك يوم السبت 08 فبراير2014 بالخزانة الجهوية للقنيطرة، بمشاركة ثلة مهمة من المبدعين على رأسها القاص الدكتور مصطفى يعلى الذي عود الجميع على دعمه لإبداعات الشباب الناشئ، وعلى تقديم مداخلات قيّمة تقارب قضايا أدبية بمناهج أكاديمية تنبني على أساس وضوابط علمية دقيقة. احترم المنطق، في أمسية احتفائية بفارس من فرسان القصة القصيرة بالمغرب، بصم اسمه في الساحة الإبداعية منذ مطلع التسعينيات من القرن الماضي بمجموعة من الإسهامات القصصية نشرت أغلبها في جرائد وطنية هامة ؛ مهدت الطريق لإصدارات قيّمة لقت صداها لدى شريحة عريضة من القراء، وحظيت باحتفاء نقدي هام ؛ " دخان الرماد " سنة 2000، و" توازيات " 2005، و"هيهات"2011 عروسة الحفل التي تشتغل على تيمة "الحلم" وتركض خلف المستحيل ، في قالب فني يتداخل ويتشابك فيه النسق السرد بالنسق الشعري، قالب يتغذى من المنهج التجريبي الحديث. ولعل كلمة الدكتور مصطفى يعلى الذي نوه فيها بالمحتفى به كقاص وفيّ لهذا الجنس الأدبي على سواه من الأجناس الأخرى، ، تغني عن الاستطراد في الحديث عن محمد الشايب الإنسان والقاص، الذي يمنح القصة وقتا كافيا كما هو معلوم من خلال تواريخ إصداراته المتباعدة التي تنم على أن القصة لدى محمد الشايب تولد من رحم صعب بعد مخاض عسير، وليست ذلك الجنس الذي يعتقد البعض أنه جنس هين وسهل. وقد استهلت الروائية زوليخا المساوي مسيّرة هذه الجلسة الحفل الثقافي بتقديم ورقة تعريفية عن المحتفى به، الذي عبر بدوره عن امتنانه وشكره للجنة المنظمة على هذا الاحتفاء الذي يعتبر دعما مهما للمبدع لمسايرة مسار الإبداع الشائك، وأعرب فيها عن انجذابه الشديد لفن القصة وتعلقه بفعل الكتابة الذي يمثل له ذلك الطبيب الشافي الذي يسكّن قلقه اليومي، كما تحدث كذلك عن ظروف الكتابة القاسية. فلا يأتي أي عمل إبداعي عبثا، من فراغ، وإنما بعد معاناة قاسية، "ولا نزع درس أهون علي من نظم بيت من الشعر"، لعل قول النابغة كافٍ لتقريب معاناة الكتابة وصعوبتها. ثم قدم الدكتور مصطفى يعلى ورقة نقدية لتلميذه محمد الشايب خصها بثلاث قصص ؛ ريح يوسف، وهيهات، ونرجس، كان لاختياره مقصدية تتعلق بتيمة "الحلم" الطاغية في هذه النصوص التي تنهل من التراث القديم. هذا بالإضافة إلى كلمة الأستاذة فضيلة الوزاني التي قاربت في مداخلتها ما أسماه رولان بارت ب "لذة النص"، حيث عبرت عن انجذابها إلى كتابات القاص محمد الشايب، التي تتميز بتشابك سردي شعري، كما نوهت بحيلة تنطلي على نصوص الشايب، يتعلق الأمر بالمبالغة في توظيف الوصف الذي يساهم في حركية الحدث، وهذا جانب من جوانب التجريب في قصص محمد الشايب. فيما ختم الأستاذ أحمد الجرطي سلسلة المداخلات بورقة نقدية جرد فيها طرائق التجريب في متن "هيهات". وقد اختتمت هذه الأمسية الفنية البهيجة بتقديم تذكار وفاء وعربون محبة لما قدمه القاص محمد الشايب للخزانة العربية من إسهام إبداعي هام، كما استمتع الحضور بقراءات قصصية أعطيت فيها الفرصة للشباب ليبرهنوا عن كفاءتهم الإبداعية ، وعن استعدادهم المسلح لحمل مشعل الإبداع.