لقد أثبت التاريخ ان هناك نوعين من المواضيع التي من شأنها أن تحرك المصريين لتصب أعداد هائلة من المشاغبين في الشوارع ،تحطم السيارات, تهشم النوافد وتتحدى جيشا من شرطة مكافحة الشغب. الأول هو سعر الخبز. الثاني هو كرة القدم ، وقد ظهر هدا جليا مرة أخرى هذا الأسبوع في مصر بعد هزيمة المنتخب الوطني أمام الجزائر منافسه اللدود ،و فقدانه بطاقة التأهل لنهائيات كأس العالم العام المقبل ، وإثارته أعمال شغب خارج السفارة الجزائرية في القاهرة في وقت متأخر من ليلة الخميس الماضي. ولكن كان هناك فرق واضح بين اضطرابات الخبز لعام 1977 وعام 2008 وأعمال الشغب في كرة القدم مساء الخميس : فالحكومة في المناسبتين السابقتين كانت قد أسكتت تلك التأججات في بدايتها بسرعة عبر خفض سعر الخبز ، في حين أن هذا الأسبوع عملت على تأجيج الغضب ضد الجزائر. وكانت مصر هزمت الجزائر 2-0 في القاهرة يوم السبت ليحتكما لإقامة مباراة فاصلة يوم الأربعاء في العاصمة السودانية ، الخرطوم. بعدما خسرت مصر في المباراة الثانية ، سحبت الحكومة سفيرها من العاصمة واتهمت الجزائريين بتهديد أمن المشجعين المصريين بعد المباراة. كما بدا النجل الأكبر للرئيس المصري حسني مبارك ، علاء ،كما لو كان يدعو أمته إلى الحرب عندما قال “لقد تعرضنا للاهانة ، ونحن لا يمكننا السكوت عن ما حدث هناك”. لكن و على الرغم من الشكاوى المصرية ، والتي تشمل اتهامات الرجم والهجمات بالسكاكين ، لا توجد أي أدلة موثقة من المصريين تعرض لاصابات خطيرة في أعقاب مباراة يوم الاربعاء التي فاز بها الجزائريون ، 1-0. فكرة القدم هي قضية وطنية. المرة الوحيدة التي يخرج فيها المصريون الى الشوارع ملوحين بالاعلام في الاحتفال تكون عندما يفوز الفريق.و هنا كلا البلدين كانا قد انتظرا وقتا طويلا للحصول على مكان في نهائيات كأس العالم ، 24 سنة بالنسبة للجزائر ، و 20 لمصر. من البداية و قبل موعد المباراة ، سعت الحكومة المصرية إلى استغلال المباريات مع الجزائر لأسباب سياسية ، حسب قول محللين سياسيين محليين. حيث الاذاعة الحكومية دأبت على بث الاغاني الوطنية, الشوارع ملئت ا ببائعي الأعلام المصرية و نجل الرئيس جمال مبارك ، الذي كثيرا ما تحدثنا عنه كخليفة محتمل للأب دو ال81 عاما حضر مباراتين مع عدد آخر من كبار أعضاء الحزب. واضاف أسامة أنور عكاشة في تصريح ل التلفزيون المصري “انهم يحمسون الناس ، ظنا منهم أن هذا من شأنه أن يبقي أدهانهم مشغولة عن المشاكل الأخرى ، ولكن في نهاية الأمر كانت النتائج عكسية” ، ملقيا باللائمة على القادة في كلا البلدين.فالحزب الوطني الديمقراطي حسب النقاد كان يأمل أن النصر في ملعب الكرة يمكن ان يعزز مصداقية الحكومة في ظل الفقر الطاحن والركود السياسي. إد الاحتقان الذي يطغى على الشارع المصري يجعل الجماهير المصرية تتصيد أية فرصة تجمع جماهيري لتظهر الشخصية الجماعية التي تميز المخيال الشعبي,خصوصا وهو أمر نادر الحدوث في دولة بوليسية تعتبر التجمعات لسبعة أفراد أو أكثر غير مشروعة.