لقد اعتدنا كمغاربة وكمراكشيين أن نسمع الإسم الشائع للساحة الكبرى بمراكش “جامع الفناء” بفتح الفاء لكن هناك صيغة أخرى ” بكسر الميم و الفاء علينا أن لآ نغفلها “جامع الفناء ، فالجامع: هو المسجد الذي تقام فيه الصلاة الجامعة التي تعتبر المؤتمر الإسلامي الأسبوعي المتوجب حضوره على كل مسلم ،وقد سمي جامعا لتميزه عن المساجد الصغيرة التي تنتشر في الحومات أو تتموقع بالأسواق وبعض الدروب الكبرى، في القصور واسوال والمواسين وباب أيلان وروض العروس والقنارية والزاوية العباسية والقصبة إذ يلتقي المسلمون لقاءهم الأسبوعي العام طبقا لتعاليم الإسلآم على أوسع نطاق , بدءا من نطاق الحي، ووصول إلى نطاق المنطقة أو المدينة بأكملها في مسجدها الكبير . والواقع، أنه فيما يخص هذا الإسم المركب “للمسجد الجامع” فقد أسقط منه الإسم وهو “المسجد” واحتفظ بالصفة وهي “الجامع” للدلآلة على الإسم المحذوف . ثم نقلت الصفة الى الإسم , ثم عمم فيما بعد , فصار يطلق على أي مسجد صغيرا كان أو كبيرا اسم” جامع” حتى لو لم يكن مخصصا لإقامة صلآة الجمعة. في حين تعني كلمة الفناء الساحة ، أو الفضاء المكاني , أو المتسع وعادة ما تكون الأفنية و الساحات على أبواب الدور. وقد سميت به هذه الساحة الكبيرة لتميزها عن الساحات الأخرى التي تنتشر في المدينة, وتحمل هذه الساحات كلها أسماء عربية فصيحة تفيد نفس المعنى و المدلول الذي تبينه المعاجم في دلالتها على المكان المتسع، كالرحبة وهي الساحة المخصصة لعرض الحبوب و القطاني و القاعة بالنسبة للساحة المخصصة لتجارة الخضر و الفواكه بالجملة أو المخصصة لعرض التمر و الفواكه اليابسة مثل اللوز و الجوز، أو الزيوت والخل والعسل، والواقع، أن هذه الساحة سميت باسم “الفناء” تمييزا لها عن الساحات المؤثتة لفضاءات البنية المعمارية التي طبعت مدينة سبعة رجال، والتي لاترقى لجامع الفنا، على مستوى المساحة والإشعاع والتموقع،مما جعل المراكشيين يسمونها “وسعة” مثل “وسعة بن صالح”و”وسعة رياض العروس” و “وسعة حارة الصورة و”وسعة بريمة” ... وعبر تاريخها التليد فقد إستعملت جامع الفنا لأغراض سياسية وعسكرية و مدنية , منتظمة أو موسمية أو عارضة، كما كانت سوقا مفتوحا للثقافة وبيع الكتب . من جهة أخرى تتأسس روايات أخرى على كلمة الفناء التي تدخل في اسم “جامع الفناء” تنطق بفتح الفاء و تعني الموت، و إطلآقها على هذه الساحة في إشارة لما كان يمارس بها من إعدامات ومن تعليق لرؤوس القتلى على جوانبها. وتحظى الساحة بشهرتها إلى اليوم لكونها تعج الساحة بالفنون الإستعراضية الجميلة من خلال أولاد “سيدي احماد أو موسى”، وترويض الحيوانات و الرياضات”المشايشة” والملاكمة و الغناء والرقص , و أشكال التعبير الجسدي، والألعاب البهلوانية ، وأنواع العروض المختلفة، فضلا عن كونها معرضا أساسيا ودائما لمختلف إبداعات الصناع التقليديين و الحرفيون . محمد القنور