فوجئ الكثير من المغاربة بالحديث عن دعوة بلدهم للانضمام إلى مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وهي الدعوة التي أعلنها أول أمس الثلاثاء، الأمين العام للمجلس. وعقد زعماء الدول الخليجية اجتماعا تشاورياً في العاصمة السعودية الرياض، هيمنت عليه أحداث الساعة المتمثلة بالانتفاضات التي تشهدها عدة دول عربية، وكذلك المخاوف من توسع النفوذ الإيراني في المنطقة. لكن المراقبين فوجئوا يوم أمس بالدعوة التي أطلقها قادة المجلس لانضمام كل من الأردن والمغرب إليه، وهما الدولتان العربيتان الوحيدتان خارج منطقة الخليج، اللتان يحكمهما نظامان ملكيان. وفي حديث لإذاعة هولندا العالمية أوضح الصحافي والمحلل السياسي علي أنوزلا أسباب ردود الفعل المتفاجئة، والمتخوفة من هذه الدعوة في بعض الأوساط المغربية . اقتصرت ردود الفعل الرسمية في المغرب حتى الآن على بيان أصدرته وزارة الخارجية أبدت فيه "اهتمام" المغرب بالدعوة الخليجية، واستعداده "لإجراء مشاورات معمقة مع مجلس التعاون الخليجي من أجل وضع إطار للتعاون الأمثل مع هذه المنطقة الهامة من العالم العربي الإسلامي". لكن البيان شدد أيضاً على "تشبث المملكة الطبيعي والثابت بالطموح المغاربي وبناء اتحاد المغرب العربي الذي يعتبر خيارا استراتيجيا أساسيا للأمة المغربية " . " دعوة "غريبة على الصعيد الشعبي يقول علي أنوزلا، مدير موقع لكم. كوم الإخباري ، في حديث لإذاعة هولندا العالمية إن الوقت لا يزال مبكراً لتلمس مدى تجاوب المواطن المغربي مع هذه الدعوة، التي وصفها بالغريبة والمفاجئة. لكن أنوزلا أشار إلى أن عدداً من الناشطين المغاربة سارعوا إلى فتح صفحة على الفيس بوك تحمل اسم "لا لانضمام المغرب لمجلس التعاون الخليجي"، بينما لم تظهر، على حد قوله حتى الآن، مبادرات شعبية مؤيدة لهذه الخطوة . علي أنوزلا نفسه يشكك بحقيقة الدوافع التي تقف خلف الدعوة الخليجية لانضمام المغرب إلى مجلس التعاون: "الفكرة مفاجئة وغريبة، فحتى يوم أمس لم نسمع يوماً بأن هناك طلباً من المغرب للانضمام إلى المجلس الخليجي، وتحقيق الفكرة يتعارض مع الحقائق الجغرافية والإستراتيجية." حسب أنوزلا فإن كثيراً من المغاربة لا يجدون تفسيراً للدعوة إلا بربطها بما "يجري حالياً في المنطقة العربية من حراك شعبي ينادي بالإصلاحات والتغيير، وربما تحسست هذه الأنظمة التي توصف بالرجعية في الخارطة العربية بمخاطر هذا الحراك فأرادت أن تبني تحالفاً على مستوى القيادات." أما على المستوى الشعبي فإن علي أنوزلا يستبعد إمكانية خلق تحالف حالياً بين المغرب ودول الخليج: "بسبب الجغرافيا أولاً، وبسبب اختلاف الثقافات أيضاً " . دعم اقتصادي يرتبط المغرب بعلاقات اقتصادية وثيقة مع دول الخليج. فهو من يستورد معظم ما يحتاجه من النفط الخام منها، كما تشكل الاستثمارات الخليجية في مختلف القطاعات وحركة السائحين الخليجيين، إضافة إلى تحويلات العمال المغاربة المقيمين في الخليج، مصادر مهمة للدخل في المغرب. ومن الممكن أن يؤدي انضمام المغرب إلى مجلس التعاون إلى تقدم سريع في العلاقات على الصعيد الاقتصادي. لكن توقيت الإعلان عن دعوة الانضمام في هذا الظرف الذي تنشغل فيه جميع الدول العربية تقريباً بمواجهة المد الثوري والحراك الشعبي، يجعل التفسير السياسي هو الأقرب إلى المنطق، ولا تعدو الوعود الاقتصادية كونها غطاءً لأهداف سياسية لم تتبين بشكل كامل بعد، على حد قول علي أنوزلا: "كلا الطرفين، المغرب ودول الخليج، بحاجة إلى هذا النوع من التحالف لمواجهة موجة الغضب الشعبي سواء في الخليج أو في المغرب، وبالتالي فهو تحالف أنظمة رجعية ملكية استبدادية في الخليج مع نظام أوتوقراطي في المغرب " . وفي الجانب الاقتصادي يؤكد علي أنوزلا على أن المغرب "بحاجة الآن إلى دعم من هذه الدول النفطية، للخروج من الضائقة الاقتصادية التي تؤجج وتصعد مطالب الحركة الشعبية في المغرب. في المقابل ربما تفكر دول الخليج بجلب المزيد من العمالة المغربية، لخلق توازن طائفي، باعتبار المغاربة سنة، ليوازنوا الحضور الشيعي في الخليج " . حلف عسكري بديل يذهب السيد علي أنوزلا أبعد في تحليله للدوافع الخفية المحتملة لهذه الدعوة الخليجية : " ربما تحتاج دول الخليج في المستقبل إلى مساعدات أمنية أو عسكرية أو لوجيستية من دولة مثل المغرب لقمع المظاهرات التي تشهدها هذه الدول مثلما شهدنا ما حدث في البحرين حيث لجأت هذه الدولة إلى الاستعانة بقوات درع الجزيرة لإحباط كل الأصوات المطالبة بالتغيير " . وفي هذا السياق يشير الصحافي علي أنزولا إلى مخاوف خليجية من تخلي الحلفاء الغربيين عن الأنظمة الخليجية في حالة دخولها في مواجهات مع حركات شعبية، وبالتالي ربما فكرت بحلف أمني وعسكري بديل، يتمثل في الأردن والمغرب اللذين يمتلكان قدرات أمنية وعسكرية يمكن أن تسد النقص الذي تعاني منه دول الخليج . * إذاعة هولندا العالمية