وجه العاهل المغربي ، الملك محمد السادس ، خطاباً إلى الشعب المغربي مساء الأربعاء ، تعهد خلاله بإجراء " إصلاح دستوري شامل "، واعتبر أن " المغرب بما حققه من تطور ديمقراطي، مؤهل للشروع في تكريسها دستورياً ، وأن مسودة الدستور ستطرح للاستفتاء . كما أكد العاهل المغربي ، في أول خطاب له منذ اندلاع احتجاجات شعبية في عدد من المدن المغربية مؤخراً ، والذي بثه التلفزيون الرسمي ونقلته وكالة الأنباء المغربية ، " التزامه الراسخ " بإعطاء " دفعة قوية لدينامية الإصلاح العميق ، جوهرها منظومة دستورية ديمقراطية " . واستهل العاهل المغربي خطابه بقوله : " شعبي العزيز ، أخاطبك اليوم ، بشأن الشروع في المرحلة الموالية ، من مسار الجهوية المتقدمة ، بما تنطوي عليه من تطوير لنموذجنا الديمقراطي التنموي المتميز ، وما تقتضيه من مراجعة دستورية عميقة ، نعتبرها عماداً لما نعتزم إطلاقه من إصلاحات جديدة شاملة " . وأشاد الملك محمد السادس بما أسماها " المضامين الوجيهة لتقرير اللجنة الاستشارية للجهوية ، التي كلفناها، منذ 3 يناير من السنة الماضية ، بإعداد تصور عام لنموذج مغربي للجهوية المتقدمة " ، كما دعا " الجميع للانخراط في مواصلة إنضاج ما جاء في هذا التصور العام ، في نطاق نقاش وطني واسع وبناء " . وأشار العاهل المغربي ، في خطابه إلى شعبه ، إلى أنه " في نطاق الإصلاح المؤسسي الشامل " ، فقد قرر أن يقوم " التكريس الدستوري للجهوية " على عدة توجهات أساسية ، في مقدمتها " تخويل الجهة المكانة الجديرة بها في الدستور " ، في نطاق وحدة الدولة . كما أشار إلى أن تلك التوجهات تتضمن أيضاً " انتخاب المجالس الجهوية بالاقتراع العام المباشر ، وعلى التدبير الديمقراطي لشؤونها " ، و" تخويل رؤساء المجالس الجهوية سلطة تنفيذ مقرراتها ، بدل العمال والولاة " ، بالإضافة إلى " تعزيز مشاركة المرأة في تدبير الشأن الجهوي خاصةً ، وفي الحقوق السياسية عامةً . وتابع العاهل المغربي قائلاً : " يظل هدفنا الأسمى إرساء دعائم جهوية مغربية ، بكافة مناطق المملكة ، وفي صدارتها أقاليم الصحراء المغربية ، جهوية قائمة على حكامة جيدة ، تكفل توزيعاً منصفاً وجديداً ، ليس فقط للاختصاصات ، وإنما أيضاً للإمكانات بين المركز والجهات " . وفيما يتعلق بالإصلاح الدستوري ، قال الملك محمد السادس : " قررنا إجراء تعديل دستوري شامل ، يستند على سبعة مرتكزات أساسية " ، أولها " التكريس الدستوري للطابع التعددي للهوية المغربية الموحدة ، الغنية بتنوع روافدها ، وفي صلبها الأمازيغية ، كرصيد لجميع المغاربة " . ويتضمن المرتكز الثاني " ترسيخ دولة الحق والمؤسسات ، وتوسيع مجال الحريات الفردية والجماعية ، وضمان ممارستها ، وتعزيز منظومة حقوق الإنسان ، بكل أبعادها " ، فيما يختص المرتكز الثالث ب" الارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة ، وتعزيز صلاحيات المجلس الدستوري " . أما المرتكز الرابع فيتعلق ب" توطيد مبدأ فصل السلط وتوازنها " ، مشيراً إلى أن ذلك سيكون من خلال برلمان نابع من انتخابات حرة ونزيهة ، وحكومة منتخبة تحظى بثقة أغلبية مجلس النواب ، على أن يتم تعيين الوزير الأول (رئيس الحكومة) ، من الحزب الفائز بالأغلبية في انتخابات مجلس النواب . ويتضمن المرتكز الخامس " تعزيز الآليات الدستورية "، من خلال " تقوية دور الأحزاب السياسية ، في نطاق تعددية حقيقية ، وتكريس مكانة المعارضة البرلمانية ، والمجتمع المدني " ، فيما يتعلق السادس ب" تقوية آليات تخليق الحياة العامة ، وربط ممارسة السلطة والمسؤولية العمومية بالمراقبة والمحاسبة " ، وسابعاً " دسترة هيئات الحكامة الجيدة ، وحقوق الإنسان ، وحماية الحريات " . وكان عدد من المدن الرئيسية في المغرب قد شهد مظاهرات احتجاجية ، في 20 فبراير الماضي ، للمطالبة بسن إصلاحات جذرية في المجالات السياسية والاقتصادية ، وذلك تلبية لنداء مجموعات شبابية على " الفايس بوك "، مسنودة بعدد من الهيئات السياسية والحقوقية .