تتبعت كما تتبع العديد من المغاربة الحوار الذي أجراه صحفي القناة الثانية السيد بناني مع سليلة " الأسرة العريقة " وزيرة الصحة المغربية ورئيسة المجلس البلدي لعمالة أنفافي برنامجه : نقط على الحروف وما أثارني بدرجة خاصةهو طريقة جوابهاعنمسألة احتكار المناصبالعليا من طرف آل الفاسي الفهري الذي عللته بالكفاءة وبالوطنية وكأن باقي الأسر والسلالات المنتمية لهذا الوطن تفتقد لهذه المقومات إذا كانت الوطنيةهي حب الوطن فالحب سيدتي يكون لا مشروطاوهو انتماء وجداني يسري في عروق كل المواطنين لا فرق بينالسلالاتوالمناطق والجهات وإذا كانت الوطنيةهيميزة الدفاع عن حوزة الوطن ضدالحماية الفرنسية منذ 54 فكل المغاربة ساهمواليس فقطبنضالهم النخبويالمريحفوق كراسي المقرات الحزبية على أهميتهابل أيضابدمهم وأرواحهم لأن الجميعيملك إرثا مميزافي"العطاء" ماديا ومعنويا ، فلكل منطقة او جهةمقاوموها ومقاوماتهاعلما ان عددا من المقاومين الحقيقيين والمقاومات الحقيقيات استنكفوا عن المطالبة بالاعتراف الرسمي وما يقابله من استفادات،فقط لأن عزة نفسهمحرمتهم من هكذا مقايضةوأيضا لأن هؤلاء الأشراف الوطنيين لم تكن بحوزتهم و بحوزتهن آليات التوثيق التاريخي لأن ثقافتهم الوحيدة آنئذ هي حب الوطن والدفاع عن مقوماته خارج كل المزايدات . ذلك أن الحب الحقيقي يكون لا مشروطا ،والنضال الحقيقي لا يقوم به أصحابهبهدف الحصول على ريع ما ، لاعتباره نوعا من رد الجميل لوطنيحضنهمبكل دفء وسخاء بارضه وتاريخه وجغرافيته ،بتراثه وثقافته وكل مميزاتهالأصيلة التي تجعلكل مغربي حر أهلا لهذا الانتماء ومستعدا للدفاع عن رايته الوطنية حسب مؤهلاته وإمكانياتهوالمجال الذي يتحرك فيه ، مسترخصا في ذلكدمه وروحه إن اقتضى الأمر . ذلك أن الأوطانلا تبنى عبر تصنيف السلالات إلى "عريقة وأقل عراقة "لأن هذا المنطق يحمل من الخطورة بما قد يفضي للتجزئة والانفصال عوض الاندماج والوحدة والانصهار الذي يشكل في حد ذاته الركيزة الأساسية للقوة والمتانة والتماسك وهو منطق "عنصري"بامتيازلأنه يعتمد "العرق " باعتبارهسمة مميزة في الاتجاه الإيجابي علما أنه منطق بيولوجي محضينتمي للتصورات البدائية التي أكل الدهر عليها وشرب ذلك أن التميز الحقيقيياتي من المميزات الثقافية لا العرقية أي من الحمولة والمضمون التي من المفروض أن ترقى للمرجعيةالكونية التي سطرت على مبدأ المساواة بين الأجناس والأعراق والثقافاتوكل المحددات البشريةمن خلال ترساناتها الأممية وتعتبر أية مخالفة لذلك مس بالحقوق الإنسانية للأفراد أو الجماعات . من هنا يكون اتهام السيدة الوزيرة للمحتجين ضد احتكار آل الفاسي للمناصب بالعنصرية مردود عليها بل تأكيد علىاعتماد وزيرنا الأول على العنصر العرقيكمحدد فيصل فيتعيينات عدد من الوزراء أو المديرين العامينالمنتمين لسلالة الفاسي وأصهارهم وأحفادهم وذويهم ضدا على شروط المواطنة الحقة التي من المفروض أن ترتكز على مباديء تكافؤ الفرص والمساواة والعدل كما تسطرها قوانين الوظيفة العموميةوالقيم العلياالمعمول بها كونيا. هذا الكلام لا يعني سلالة آل الفاسي فقط بل باقي السلالات التي ما فتئتتستثمر انتماءها العرقي او حتى الاجتماعي لتستفردبامتيازات مادية ومعنويةوكان الوطنية سجل تجاري يتم تملك امتيازاتهوتداولها جيلا بعد جيل منذ 54 سنة ومازالت نفس المعزوفة ترن في آذان المغاربة بدون كلل ولا عياء . من هنا يمكن القول بأن سياسةالجهويةقد تكونجوابا عن هذا النوع من الاختلالات عبر إعادة الاعتبارللمناطق المهمشة ولنخبها المحلية ولكفاءاتهاالبشريةومؤهلاتها التاريخية والجغرافية والثقافية وخصوصا للآليات التدبيرية التي من شأنها أن تصب في اتجاه الوحدة والتماسكلا الانشطار والتفتيت . وحده العدل والمساواة قمين ببناء وطن للجميع ،لا إقصاء فيه ولا تهميش ولا تمييز ووحده الحق في تكافؤ الفرص ضمان لبناء قيم مواطنة تعيد الاعتبار للراية المغربيةضد أيانتكاس اوخدوش في حمرتها القانيةكلون للتهوج والعطاء والحماس الوطنية سيدتي ليست سجلا لتوارث الألقاب والمناصب بل حب متجدد لهذا الوطنيتغير بتغير هواجسه الراهنة. ولعل من هواجسهالحالية : ضرورة الإنصاتلجحافل المقصيين من أبنائه وبناته بكفاءاتهم وحماستهم،بانكساراتهم وإحباطاتهم، برغباتهمومطالبهموخصوصا بحبهم لوطنهم فهل يبادلهم الوطن هذا الحب؟؟؟