في اختتام الدورة الثانية للجامعة الصيفية لمشروع منبر الحرية2010 اختتمت الخميس بالعاصمة اللبنانية بيروت أشغال الدورة الثانية من الجامعة الصيفية لمشروع منبر الحرية. الجامعة التي عرفت مشاركة أكثر من أربعين باحثا عربيا حملت شعار"العالم العربي وتعثر استراتيجيات التنمية/مقاربات في الفكر والممارسة".وامتدت فعالياتها من السادس والعشرين من أيلول إلى الأول من أكتوبر من الشهر الجاري. وشهدت الجامعة الصيفية في شطرها الثاني بلبنان حضور كل من الخبير الدولي والباحث العربي من مصر البروفسور طارق حجي الذي شارك بمداخلة تحمل الأولى عنوان "جذور العجز العربي عن اللحاق بمسيرة التقدم" . بالإضافة إلى العميد السابق للجامعة الأمريكية بالكويت البروفيسور الكويتي شفيق الغبرا والدكتور إدريس لكريني من جامعة القاضي عياض بالمغرب. كما حضرت الباحثة المصرية سنية البهات والخبير الاقتصادي المغربي نوح الهرموزي. وكانت مداخلات المحاضرين قدر ركزت على أسباب اتساع الفجوة بين البلدان العربية وباقي بلدان العالم. واشتركت المداخلات في التأكيد على أهمية الحرية بكل أصنافها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والدينية في تحرير طاقات الإنسان العربي. وفي هذا السياق، قال البروفيسور طارق حجي أن أسباب عجز العرب اليوم عن اللحاق بركب التقدم الإنساني و قطار المعاصرة يرجع إلى الموقف السلبي لعدة عوامل أهمها الثقافة الدينية غير المتصالحة مع العصر والحياة، بالإضافة إلى تخلف نظم التعليم في المجتمعات العربية وبعدها عن روح نظم التعليم المعاصرة القائمة على قيم التقدم. وحاول الدكتور شفيق الغبرا من جهته، الوقوف على أسباب اتساع الفجوة بين العالم العربي وغيره من الدول المتقدمة فيما يتعلق بالتنمية بمختلف أشكالها، وطرح أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت، والعميد السابق للجامعة الأمريكية بالكويت وفي مداخلة بعنوان" الحداثة بين الدولة المدنية والدينية"، مجموعة من الأسئلة، غير أن السؤال المحوري في المحاضرة ينطلق من: لماذا لم ينجح العرب حتى الآن في الولوج في طريق الحداثة؟ يجد هذا السؤال تبريره، حسب المحاضر، في وجود دلائل تفيد أن العرب جربوا طريق الحداثة على امتداد القرن العشرين، لكنهم لم يوفقوا ولم يحققوا النجاح، بل أصابت محاولاتهم الإخفاقات والتراجعات. وبهدف تمكين المشاركين من الاطلاع على المستجدات العلمية في "القيادة والتواصل مع الآخرين" أدار الدكتور الغبرا جلسة نقاشية عن القيادة ودورها وعلاقتها بالتواصل مع الآخرين كمحاولة لتعريف المجموعة على أساسيات القيادة. حيث تساءل المحاضر عن دور القيادة في التأثيرعلى قيادة الذات لتحقيق حلم شخصي وعلاقتها بالأهداف االموضوعة والتصرفات والسلوك الذي نمارسه على مقدرتنا القيادية، كما كشف العلاقة بين القيادة والحرية و بين القيادة والتفاعل مع الآخرين وتطوير الذات. وفي إطار انفتاح مشروع منبر الحرية على مقاربات متعددة التخصصات قام الدكتور نوح الهرموزي، الاقتصادي والباحث في مؤسسة أطلس للدراسات الاقتصادية، بتسليط الضوء على مجموعة من الأفكار النمطية السائدة في عالمنا العربي وذلك من خلال إبراز العلاقة السببية الإيجابية التي تربط بين الحرية الإقتصادية وعدد من المؤشرات السياسية والإقتصادية. كما توقف على الدور المحوري الذي تلعبه دولة الحق و القانون والمؤسسات الضامنة لحقوق الملكية وحرية المبادرة باعتبارها حجر الزاوية الأساسي لبناء مجتمع قوي اقتصاديا، وعادل ومتماسك اجتماعيا. وغير بعيد عن إشكاليات التنمية العربية خصص الدكتور لكريني مداخلته الثانية لموضوع" الكوتا وتمكين المرأة في الأقطار العربية" معتبرا أن إدماج المرأة ومشاركتها الفاعلة في مختلف المجالات يشكل مدخلا رئيسيا مهما لمعالجة مجموعة من الإشكالات والمعضلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وفي سياق أخر استعرض الدكتور لكريني أحد الأسس المهمة لكل مشاريع التنمية حيث توقف عند أهمية استقلال القضاء في الدفع بعجلة التنمية. ومن جهتها رصدت الصحفية المصرية سنية البهات أسباب"صعود المد الإسلامي في المنطقة العربية وغياب استراتيجيات التنمية". وشكلت ورشة الحرية، التي قام بإدارة وتنشيط أعمالها، فريق مشروع منبر الحرية أحد أهم محطات الجامعة الصيفية لمنبر الحرية . وحملت الورشة عنوان"الأنساق الثقافية وعملية التنمية" حيث تم الوقوف على دور الحرية في التنمية مع التركيز على أهمية الثقافة في النمو الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. وحول اختيار شعار الدورة قال مسؤول العلاقات العامة بمشروع منبر الحرية" إن اختيار شعار الدورة نابع من أن هناك إجماعا عاما حول واقع اتساع الفجوة بين العالم العربي وباقي بلدان المعمور، إلا أن المقاربات السائدة ظلت حبيسة أفكار نمطية. من هذا المنطلق، يقول نفس المتحدث، فإن حضور باحثين مرموقين برؤى ومنهجيات متعددة من مختلف أنحاء العالم العربي، مناسبة لالتقاء منهجيات فكرية وعملية بديلة لتسليط الضوء على أسباب واقع الفجوة من خلال تصورات متكاملةّ (فلسفية-اقتصادية-سياسية-سوسيولوجية) ومعالجة أبعادها المختلفة. يذكر أن منبر الحرية مشروع تعليمي يهدف إلى تقديم أدبيات الحرية والأفكار والدراسات المتعلقة بها لصنّاع القرار، والطلبة والمثقفين والمؤسسات العلمية والأكاديمية، ورجال الأعمال ووسائل الإعلام، وأية شريحة أخرى تعنى بالحرية في العالم العربي. ويشتغل "منبر الحرية" على العديد من مستويات إنتاج المعرفة وترويجها عبر ترجمات لأعمال عالمية، من كتب ومقالات ودراسات أكاديمية، وتقارير، وأبحاث علمية.