انعدام المرافق الصحية و انتشار النفايات و أطر يدخنون المخدرات و آباء يتساءلون: إلى أين نرسل أبناءنا؟ "العطلة للجميع"، "لكل طفل الحق في عطلة مفيدة"، شعارات من بين أخرى ترفعها وزارة الشباب و الرياضة عند اقتراب حلول فصل الصيف، و هي الوزارة الوصية على المخيمات الصيفية الخاصة بالأطفال و الشباب بمختلف مناطق المملكة، هذا إلى جانب تأكيد وزير الشباب و الرياضة منصف بالخياط، على أن هذه المخيمات كلها بدون استثناء مجهزة بكل المستلزمات التربوية و البيداغوجية الضرورية لراحة الطفل، إلا أن واقع حال "المخيم الجماعي" ببوزنيقة يفند كل ذلك. مرحبا بكم ب"المخيم الجماعي" الساعة السادسة و النصف صباحا، عند بوابة المخيم المحاط فقط بسياج حديدي يسهل اختراقه، حارس خاص ببدلته الرسمية يجلس على كرسي متهرئ عند الباب اقتربنا منه، و طلبنا منه الإذن لنا بالدخول للقاء أحد المؤطرين،لم يجبنا سوى ب"ها المخيم قدامك سير قلب عليه"، و لجنا المخيم الذي يوحي لك منذ الوهلة الأولى من ولوجه إلى أنك تجول بين جنابات مخيم تيندوف، إلى أن براءة الأطفال و صفير المؤطرين يوقضك من الحلم،خيام مهترءة يبلغ عددها العشرين، تأوي أزيد من 230 طفل دون الأطر، ساحة كبيرة في الوسط، يتوسطها العلم الوطني، إلى الجانب الأيسر إدارة المخيم و إلى جانبها المرافق الصحية. "شتي الحالة لي فيها حنايا"، هكذا افتتح أحد المؤطرين المشرفين على الأطفال بالمخيم حديثه لمرايا بريس، فور علمه بهويتنا الإعلامية و أصر على مرافقتنا طيلة اليوم، و أضاف مستطردا بحنق شديد "الفضاء غير ملائم بالمرة لأجل احتضان مخيم خاص بالطفل، كما أنه يعاني من انعدام أدوات التنشيط، و كذلك توفره على مرافق صحية رثة و مخربة مع انعدام مجاري الصرف الصحي"، و هو الأمر الذي وقفت عليه مرايا بريس حيث أن المخيم ككل لا يتوفر سوى على 05 مراحيض مخربة، أي بمعدل مرحاض لحوالي 43 طفل. أطر بدون تعويض و تكوين أطر المخيم لا يتوفر معظمهم على تكوين في مجال التربية البيداغوجية، و كيفية التعامل مع الطفل، و هذا ما لمسناه طيلة حظورنا و تتبعنا ليوم من يوميات المستفيدين، كما أنهم و حسب ما وصفهم مرافقنا الحاصل على ديبلوم مدرب، بالمتطفلين على الميدان "كما أنه لا زلنا، يقول مرافقنا، نلاحظ سلوك غير تربوي و تعامل لا أخلاقي مع الأطفال، و التلفظ أمامهم بكلام نابي يندى له الجبين"، هذا و رمقت مرايا بريس بعض هؤلاء المؤطرين و هم يدخنون أمام الأطفال فيما تعدى البعض الآخر ذلك إلى لف لفافات الحشيش و تدخينها. مما يدفع المرء للتساؤل حول مكانة العمل الجمعوي التربوي الهادف الذي تتوخى من خلاله هذه الجمعيات المستفيدة من المخيم، إلى جانب الوزارة الوصية، إعداد جيل قوي، مثقف، واع، قادر علىحمل مشعل الأمة، و أين هم من شعار هذه السنة "المخيم فضاء للترفيه و التربية على المواطنة"؟. هذا وسجلت مرايا بريسشكايات عدة أطر مكوَنين حول إقصائهم من مناصب يستحقونها و كذا حرمانهم من التعويضات. عشوائية في البرنامج بعد استيقاظ الأطفال على الساعة السابعة و النصف صباحا و تناولهم لوجبة الفطور حتى الساعة الثامنة و عشر دقائق و التي تتكون من ربع خبزة و قليل من الزبدة و المربى و كأس قهوة، ينزلون بعد ذلك رفقة مؤطريهم إلى شاطئ بوزنيقة الذي لا يبعد عن "المخيم الجماعي" إلا بأمتار قليلة، ليعودو بعد ذلك على الساعة الثانية عشر و النصف أو الواحدة زوالا، مباشرة إلى مائدة الغداء و الذي هو عبارة عن سلطة و فاصوليا و قليل من الدجاج وياغورت مرفوق بنصف خبزة. بعد الغداء يدخل الأطفال في "قيلولة" استراحة إلى حدود الساعة الثالثة بعد الزوال لتقوم كل فرقة بما يحلو لها بدون برنامج قار منظم لليوم، و يظل الأمر على ما هو عليه حتى الساعة العاشرة ليلا ساعة العشاء، و الذي لا يتعدى هو الآخر ربع خبزة مرفوقة بصحن حساء "حريرية" و ياغورت. و هنا يتضح "النهب المفضوح" حسب تعبير غالبية المستفدين من المخيم، حيث أن المذكرة الوزارية الخاصة بالتغدية بالمخيمات الصيفية تؤكد على أن لكل طفل الحق في "نصف خبزة عند الفطور، و خبزة عند الغداء، و نصف عند العشاء"، أي بمعدل خبزتين لكل طفل إلا أنه لا تتعدى حصة الطفل اليومية خبزة كل يوم مقسمة على ربع خبزة صباحا، و نصف عند الغداء، و ربع ليلا، حول ذلك يؤكد مرافقنا الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن "الدعم موجود، لكن المسيرين يقصرون في أداء مسؤولياتهم كاملة"، و في ذات السياق حاولنا الحديث إلى إبراهيم ممدوح مدير المخيم إلا أنه ظل يتهرب منا طيلة اليوم. في سياق آخر سجلنا انعدام، وسائل التطبيب و الإسعافات الأولية، و أبسط أدوات التنظيف مما أدى إلى انتشار النفايات في كل مكان وحتى الحاويتين المتواجدتين في المخيم ممتلئتين على الآخر. يحز في نفسنا أن نجد مخيمات صيفية تربوية تُسيّي بهذه العشوائية" يقول مرافقنا موجها رسالة واضحة إلى وزارة الشباب و الرياضة باعتبارها المسؤول الأول على المجال قائلا "نهيب بوزارة الشباب و الرياضة، أن تعمل على وضع البنات القوية، و الأسس المثينة، للإقلاع الحقيقي لمخيماتنا التروبية و تأهيلها حتى نكون بحق قد ساهمنا و لو بقسط بسيط في إعداد شخصية طفل نأمل أن يصير رجلا في الغد القريب".