غير مقبول أن نقحم الدين في كل جدال نظرا لتنوع المضمون وقيمته وذلك حتى لا نخطئ في حق الدين . هذا رأي صواب لكن أنظر لهذا الحوار : انزع الشريط فالموسيقى حرام- استمع وستجدها ملتزمة- كيفما تكون فهي حرام ... حرام... حرام- قل لي ما هو دليلك على ذلك- سآتي لك بشريط لمحمد حسان- هنا سكت الكلام و بدأ حوار من السخرية المتبادلة، لقد رمقني صاحبي بنظرة ازدراء عندما علم جهلي بنجمه القدوة و المثال، وأنا قابلته بنفس النظرة إذ لم تكن ظنوني لتدرك أن رجلا بطول و عرض يزجي وقته كالفتيات في ملاطفة شيوخ الفضائيات، لدرجة قد تجد صورهم على جدران غرف نومهن المعطرة. الحوار كان وقحا فقد بدأ بالتحريم بشكل عنيف في حق مقطع بسيط من موسيقى ملتزمة وانتهى بالاستشهاد بما ينفثه شيخ لا نعرف إلى أي حد يوصف بالمصداقية، أليست هذه سخافة ؟ هكذا إذن نسيء للدين . عندما ذكر اسم هذا الشيخ العلامة على مسمعي تذكرت نواحه وهو يجهش بالبكاء في إحدى برامجه المزدحمة ، حينها تساءلت لماذا يبكي هذا الرجل أمام الملأ إذ حري به أن يصدق بكائه لربه في خلوته، أم أن الخلوة لا تكون إلا بمحضر الناس؟ إلا أني علمت فيما بعد أن صاحبنا ما بكى لربه و لم يكن عويله ليستملني أنا الجوعان، وإنما توردت وجنتاه ليثير نسوة العزيز اللواتي يملئن فراغهن بعد المطبخ بذرف دموع الإيمان رفقة محمد حسان، وقد يكلفهن ذلك مكالمة هاتفية باهظة الثمن لإبداء إعجابهن وغرامهن بالشيخ الفاضل، ولربما راودته واحدة عن نفسها بأن تقول : وهبتك نفسي. وهو نفس الحال مع شيخ بلحية بيضاء يرقص مع الكاميرا في برامجه الراقصة يحث الناس على الزهد في الدنيا و رجاء الآخرة....فما رأيك في عجوز يطلب مني أنا الشاب أن أتعفف عن عشق النساء وهو يملك أربعا ؟ إنه محمد حسين يعقوب . لا شك أنه مارق كاذب، لقد علمنا فيما يعلم السابح في الأحلام أن هذا المتحدث يتنقل في سيارة هوليودية و يملك عمارة خصص فيها كل طابق لإحدى زوجاته المؤمنات، ولا يخجل بوجهه المشحوذ أن يحدث بزوال الدنيا وكيف أن الفقر نعمة يبتلى بها المؤمن حتى يفوز بجنة الآخرة، هكذا يضحك على مريديه الذين قد تجد أكثرهم ممن باع كليته أو فصا من كبده ليعيش في بلد يسمي الخبز ب( العيش)... يروي لمعجبيه كيف أكل سمكا غريبا في أمريكا وعن حواراته في الطائرة وكيف التقى رجلا في مكة و أرشده إلى طريق الهداية، حكايات جميلة و مغامرات مغرية يرويها مقابل الملايين. لهم المال والنساء و السيارات الفاخرات وما لنا نحن حسب رأيهم إلا أن نرضى بالقليل و نتعفف عن الكثير، نشقى في دار الفناء حتى ننعم بالحور العين في دار البقاء، و ننتظر أن يمحق الظالمين بالظالمين ونخرج من بين أيديهم سالمين ، أليس هذا دعائهم ؟ الذي يوظفونه لجعل الأمة أكثر تكاسلا و خنوعا كلما تعلق الأمر بظلم يصيب المسلمين، يصدرون الجبن والضعف، يزبدون في الحديث عن العري و النقاب و أن سبب تأخر الأمة هو الفسق الناتج عن استعمال الهاتف النقال ، يبيعون الدين بمبالغ ضخمة تدك في أرصدتهم السمينة ، عليهم أن يتحدثوا في كل شيء حتى ينالوا كل شيء. قرأت مرة أن عمر عبد الكافي يشبه الدعاة بالأنبياء: (الدعاة ورثة الأنبياء). أصبت بالحمق من سلاطة هذا الرجل، فعلمي البسيط لا يذكر أنبياء يفاوضون على نسبة من الإعلانات كما هو حال الدعاة أو نبيا يحدث الناس في استوديوهات تستعمل لمجون الراقصات كما هو حال الشاب عمرو خالد أو طارق السويدان. وهنا ما على صاحب( الوعد الحق) الذي جنا منه الربح الكثير إلا أن يشرح لنا ما هي العلاقة بين الأنبياء و الدعاة إذا كانوا كاذبين مرتزقين؟ بل و يقتاتون على عائدات القمار عبر قنواتهم التي تسمى دينية، فحسبي أنهم لم يطالعوا الآية التي تم فيها تحريم القمار، فإذا قرؤوها فعليهم أن يخجلوا من أسئلة الإستغباء من قبيل: من هو أول الخلفاء الراشدين: أبو بكر الصديق -1 هارون الرشيد-2 يوسف بن تاشفين -3 للإجابة عن السؤال ابعث برسالة على الرقم التالي و ستربح حاسوبا. ولنا هنا أن نحصي عدد الرسائل التي ستفد على القناة باعتبار غباوة السؤال و كم ستجني القناة أموال، هكذا يشجعون الناس على القمار و إن لم يكن كذلك فعليهم أن يشرحوا لنا ما معنى الميسر. تفتح التلفزيون ستجد إعلانات سخيفة و أنت تتجول بين القنوات: لتحميل دعاء لمحمد حسان ابعث برسالة على هذا الرقم( فالرجل أصبح يبيع الأدعية) لتحميل أدعية بصوت محمد منير أو إيهاب توفيق عليك بهذا الرقم لتحميل أغنية( شخبط شخابيط) لنانسي عجرم لا تتردد فهذا هو الرقم أين هو المشكل ؟ ربما لن تطرح هذا السؤال عندما تعلم أن تكلفة التحميل تعادل الدخل اليومي لأجير لا يملك تلفزيون. إذن ما الفرق بين محمد حسان و محمد منير وما رأيك في نانسي عجرم؟ ما داموا يجسدون مسلكا واحدا للبيع و الشراء يحتل فيها الدين مرتبة تشبه الأغاني و الرنات. فهل لا زلت تعتقد أن هؤلاء الباعة يمارسون الدعوة؟ [email protected]