لما كانت جماعة العدل والإحسان جماعة مغربية أصيلة، لا شرقية ولا غربية، قانونية دستورية علنية ومتجدرة في عمق الشعب المغربي، يحمل مشروعها آلاف إن لم نقل ملايين من أبناء وبنات هذا البلد المسلم الكريم، بل من مختلف أقطار العالم، لهم غيرة صادقة على دينهم ووطنهم وكرامتهم، ساعين لإيجاد البيئة الإيمانية السليمة والسلمية لممارسة حياة سوية ملؤها الكرامة والحرية والعمل الصالح، والتي توفر للفرد إمكانية عبادة الله ومعرفته، وتوفر للأمة شروط تحقيق الاستخلاف الموعود. جماعة العدل والإحسان مدرسة إيمانية جهادية مهمتها تجديد الإيمان في القلوب وإقامة الحكم بما أنزل الله. إذا كانت كذلك، فلابد أن تنالها الألسنة والأقلام بالنقد، لكن وإن كان النقد مقبولا من باب النصيحة الواجبة بين المسلمين، و "رحِمَ الله مَن أهدى إليَّ عُيوبي"، فإن هناك انتقادات مُغرِضة لا أساس لها من الصحة ولا دليل لها سوى أن أصحابها "يهرفون بما لا يعرفون"، حيث ظهرت مجموعة من الأصوات والكتابات المأجورة والمغرورة والمجرورة، تتصيد الأخطاء إن وُجِدت، وتبتر الكلام من سياقه، وتُحمل الألفاظ ما لا تحملها بُغية إيهام الناس بأن الجماعة على غيرِ هُدى من الله.ومن هذه المغالطات قولهم: -جماعة العدل والإحسان جماعة صوفية!: من يقول هذا إما أنه لا يعرف الصوفية أو أنه لا يعرف الجماعة، نحب الصوفية مثلما نحب المحدثين والفقهاء، ولسنا صوفية، لأننا وجدنا من هم أفضل منهم اتباعا وهم الصحابة الكرام رضي الله عنهم، فجماعة العدل والإحسان اتخذت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيخها ومُعلمها وقُدوتها وإمامها، كما اتخذت من القرآن الكريم دستورها وهاديها.... يقول الأستاذ المرشد: "فالسنة الشريفة وحدها كفيلة أن توحد سلوكنا، وتجمعنا على نموذج واحد في الحركات والسكنات، في العبادات والأخلاق، في السمت وعلو الهمة. فإنه لا وصول إلى الله عز وجل إلا على طريق رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا حقيقة إلا حقيقته، ولا شريعة إلا شريعته، ولا عقيدة إلا عقيدته، ولا سبيل إلى جنة الله ورضوانه ومعرفته إلا بإتباعه ظاهرا وباطنا. فذلك كله برهان عن صدقنا في اتباعه، إذا فاتَتْنا صحبته."([1] #_ftn1 ) -"أعضاء الجماعة يقدسون الشيخ عبد السلام ياسين!": ما يجمع الجماعة بمرشدها هو صفاء المحبة وصدق الصحبة ورسالة القرآن وسنة النبي العدنان، أما التقديس فهو اعتقاد العصمة، والجماعة لا تعتقد ذلك إلا لنبي....بل إن ما يميز الجماعة هو رفضها تقديس الأشخاص كيفما كانوا، في الوقت الذي يدْعن الوراقون لحُكم حامِلِ السيف وينطقون بالباطل فتراهم يرددون: فلان "شخص مقدس" ويشهدون الزور...ولو كانت فيهم بصيص رجولة أوشجاعة لاعترضوا على من يقولها جهارا "أنا مقدس والجحيم هم الآخرون". أما الأخ المرشد فلا يجمعنا معه تقديس ولا تبرك، كيف ذلك وهو يرفض حتى كلمة شيخ!!! إن ما يجمعنا به هو الحب في الله والتربية والجهاد بمعناه الشامل، هو أمر الله في كتاب الله: {واتبع سبيل من أناب إلي} و{الرَّحمن فاسأل به خبيرا}. قال الأخ المرشد في جواب على سؤال حول الحملات التي يقوم بها المخزن -وأعوانه من المتمسلفين والمتمصوفين والسياسويين ومجرمي الشعب ومحترفي الديماغوجيا- ضد الجماعة :"إذا كُنا على نور من ربنا فسيحرق نورنا خفافيش الظلام المحيطة بنا وإذا لم نكن على نور من ربنا فالأَوْلى بنا ألا نكون". وقال في إحدى زياراته لمدينة البيضاء: "دعهم ينشغلوا بكم وانصرفوا أنتم للانشغال بالله". - "الجماعة تقاطع الإنتخابات، وبالتالي فهي خارج الإجماع!": أظن أن الانتخابات المغربية أسقطت هذا الزعم الباطل كلية، فإجماع من بقي الآن؟ وبين مَن و مَن؟ وهل يؤمن المخزن بالإجماع؟ وأين الشعب من هذه الكَوْلسة المقيتة؟ ومتى كان للإجماع شرط وحيد هو الخضوع لقَوْلبة نظام مستبد؟ وما الذي يَجْمع هؤلاء؟ هل هو خدمة الإسلام وإقامة شرع الله؟ هل هو الديمقراطية الحقيقية؟ وأين هو الميثاق الذي يجب أن يناقشوا بنوده على مرأى ومسمع من جميع المواطنين ثم تُترك لهم الحرية في النقاش والاختيار طوعا؟ فقط هناك مَخْزن! وللمخزن أعوان وعيون. لا إجماع حقيقي يا أخي إلا بحضور الشعب و رضا الشرع، ولا إجماع إلا بميثاق متفق حوله، ولا إجماع إلا بدستور شعبي، ولا إجماع إلا بإرادة سياسية حقيقية...وهذا ما لا رائحة له في دولة المخزن...أتريدوننا أن نصدق الأوهام؟ أما تلبد جُوقة الخراب وظنها أنه باستطاعتها القضاء على الجماعة وعلى مشروعها العمراني الأخوي فليس بإمكانه أن يخفي الشمس بالغربال. وحسبنا فيه قول الله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ } ([2] #_ftn2 ) - تعظيم الرؤى والإستبشار بها:الجماعة تصدق الرؤيا الصالحة كما يقتضي ذلك الهدي النبوي، وتؤمن بها وتستبشر. لا تتحدى بها أحدا، ولا تزايد بها على أحد، ولا تزعم أنها حِكر على الجماعة أو تستأثر بها من دون الناس. لاسيما وأن احتفاء المسلمين بهذه السنة النبوية الشريفة قديم وموصول منذ البعثة النبوية إلى اليوم، وعلى ذلك دأبت الجماعة بلا تفريط ولا إفراطومنذ التأسيس. ورؤية2006 التي أحدثت ضجة إعلامية، إنما جاءت من عامة الأعضاء والمتعاطفين مع الجماعة ولم تكن من أعضاء مجلس إرشاد أو المرشد خلافا لما يدّعيه بعض المُغرضين والأفّاكين، وتبقى رؤيا. لا يعلم تأويلها إلا الله ومن شاء سبحانه أن يُطلعه على تعبيرها... وما أُمرنا في دين الله إلا بإتباع الشريعة الإسلامية الواضحة ليلها كنهارها، وما اختلفنا فيه من شيء فلنرده إلى كتاب الله وسنة نبيه وكفى. - الجماعة غير قانونية: الواقع أن الجماعة قانونية منذ أن وضعت تصريحا بتأسيسها لدى السلطات المحلية بالرباط في 26-04-1983 ثم اختارت شعار العدل والإحسان منذ سنة 1987، وقد أثبتت ذلك عشرات المحاكم بالقطر كله بما فيها المجلس الأعلى للقضاء...لكن لما لم يجد أعداء الإسلام حيلة للتضييق على هذه الطائفة المباركة من طوائف المسلمين نظرا لموقفها الرافض للظلم والناصح للظالمين، أخذوا يروجون بسوء قصدٍ أن الجماعة تخرق القانون أو هي جماعة محظورة!!!والحق عكس ذلك. - الجماعة تعقد تجمعات دون ترخيص: الذي يجب أن يعرفه الجميع هو أن "النظام القانوني للحريات العامة هو نظام تصريحي وليس ترخيصي، فلا وجود في قانون الحريات العامة لأي حديث عن الترخيص. وجميع الأنشطة والاجتماعات التي تعقدها جماعة العدل والإحسان هي تجمعات خصوصية، إما خاصة بأعضاء الجماعة أو يستدعى لها أشخاص محددون ومعروفون وليست مفتوحة في وجه العموم، وحتى على فرض أنها كانت مفتوحة للعموم، فإن الفقرة الأخيرة من الفصل الثالث من ظهير الاجتماعات العمومية، والتي يتناساها بعض القانونيين والحقوقيين، وحتى بعض النواب، والتي تعفي من سابق التصريح الجمعيات المؤسسة بصفة قانونية، بخصوص اجتماعاتها القانونية التي تهدف خصوصا إلى غاية ثقافية أو اجتماعية أو تربوية. وحيث أن جماعة العدل والإحسان هي جماعة قانونية، ولم يعد أحد ينازع في ذلك، فلا تحتاج اجتماعاتها العمومية إلى أي تصريح". وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه وسلم تسليما. ------------------------------------------------------------------------ #_ftnref1 [1] #_ftnref1 - الأستاذ عبد السلام ياسين، المنهاج النبوي: تربية وتنظيما وزحفا،ص:139 [2] #_ftnref2 - سورة آل عمران، الآية: 173