الحركة الشعبية ، الإتحاد الاشتراكي ، الاستقلال ، و حزب العدالة و التنمية هي الأحزاب التي ولدت من رحم الشعب . هذا هو معنى ما ردده زعيم الحزب الإسلامي الوحيد في المغرب و ذلك حتى يدغدغ المشاعر الجياشة للسادة :عباس الفاسي و العنصر و لشكر، و في ذكر الأسماء الثلاثة عبرة لأولي الألباب ، و على ما يبدو فالسيد بنكيران لا يريد أن يعتبر....و بدل أن توصف تصريحاته هرطقة لا معنى لها، قامت الدنيا و لم تقعد ، فقد وجدت الأحزاب الكرتونية الأخرى فرصة سانحة لقتل الفراغ، في التنديد و الشجب ، فسمعنا رجلا في البرلمان يعتبر مثل هذا الكلام إقصاء مبنيا على العنف كما ذهب بعض المحللين إلى سرد سيناريوهات سياسية مبنية على لغة أنا متأكد أن الشخص الذي أثار هذه الضجة لن يفهم فيها شيئا ، بل و اعتبر بعض الذين فهموا أكثر مما يجب أن يفهم أن تصريحات السيد بنكيران تجسد صراعا في الإيديولوجيات الفكرية التي لا تستند إلى عقلية سياسية معتمدين في هذا الطرح على المرجعية الدينية للاستقلاليين التي يتوحدوا فيها مع الإسلاميين . قد يصدقهذا التأويل لحد ما ..لكن ما هي المرجعية التي توحد الاتحاديين بالإسلاميين إذا قبلنا هذا التحليل؟ إذن خلاصة الكلام أن زعيم العدالة و التنمية يتقول فيما لا يتقن فيه القول إذ يجامل من سيديرون له أضهرهم عند أول ابتسامة من كاتب الدولة في الداخلية السابق مما سيجعل حلمه في تذوق الكعكة الحكومية يضيع مع السراب، فالمراهنة على الأحزاب السالفة الذكر هي رهان على الحصان الخاسر، فالرابح هو الأصالة و المعاصرة ،وما كلام السيد بنكيران إلا تنفيس عن حالة الإحباط التي منبعها الفشل في التودد للحزب الذي يمارس المعارضة مع أنه ممثل في الحكومة . فإذا كانت التصريحات الأخيرة اعتبرت إقصاء لهذا الحزب الذي أضحى الأول بفضل ترحال البرلمانيين...فماذا كان سيقول السيد بنكيران لو أسفر عناقه الأخير للشيخ بيد اللهأمام كاميرات التلفزيون عن مولود جديد اسمه تحالف العدالة و الأصالة ، لا شك أن الأمر سيتغير وبدل أن يقبل أعتاب الاستقلاليين و الحركيين و الاتحاديين فإنه كان سيعلن أن أعرق حزب في المغرب هو الأصالة و المعاصرة، إذ أن لغة المصالح تكلف المرء أن يكذب حتى على التاريخ . حزب العدالة و التنمية فقد الكثير من بريقه ابتداء من يوليوز 2008 عقب تعويض السيد سعد الدين العثماني بالزعيم الحالي ، على الأقل فالأول عرف عليه الثبات النسبي في الإستراتيجيات عكس تقلب الثاني بشكل متذبذب، كما أن الأول كان يدرك ما يلفظه اللسان من كلام ، إذ يعبر عن وجه راقي للحزب من حيث السلوك الشخصي أو العام، بغض النظر عن الاختيارات . أما الزعيم الحالي فإن شخصا كذب عليه و أوهمه بأن فن السياسة كفن (الحلقة) ، إذ العربدة و الكلام النابي هما عنوان مداخلاته في مختلف وسائل الإعلام ، فتصريحات السيد بنكيران لا تختلف في العشوائية عما بدر منه عقب التحالف الذي قاد فتح الله ولعلو لعمادة الرباط :( الاشتراكيين رجال و إلى غاب الزين تيبقاو حروفو)، هنا لا نريد أن نعلق على البلاغة في التعبير حيث السوقية لا تناسب زعيما سياسيا المأمول في خطاباته أن تلهب الجماهير، و إنما نعلق على المضمون،فرسالة المحاباة التي يبعثها الإسلاميون للاشتراكيين قد أخذت منحى فيه الكثير من الترجي ، كما أن أي تقارب من هذا النوع يحيل إلى العقل البراغماتي للأحزاب التي لا تعير أي حساب لاختلاف التاريخ و المبادئ، ذلك إذا سلمنا أصلا بوجود مبادئ . فإذا كان الاشتراكيون (رجال) حسب تعبير السيد بنكيران فهذا يعني أن الإسلاميون( ماشي رجال) لأنه لا يمكن توصيف شخصين متناقضين بنفس الصورة ، بناء على التعارض الفكري و التاريخي ، و عليه فكلام الأمين العام للعدالة و التنمية كان مندفعا و مراهقا دون أن يدري أن من يفتح لهم ذراعه بالأحضان قد لا يبادلونه نفس الفعل إذا أحسوا أن ذلك سيغضب الدولة ، و ربما هذا ما سيحدث في المستقبل القريب ، إلا إذا رفع الحزب من حدة تنكره لمرجعيته الإسلامية بالاستمرار في طبع شكله بالحزب السياسي و ليس الإسلامي،حتى يدخل بيت الطاعة آمنا مطمئنا. وبما أن قياديي الحزب لم تغب عنهم هذه الفكرة فقد أرشدوا زعيمهم الحالي لاستغلال اندفاعه المعهود للتعبير عن ثقافة الانبطاح و التودد في مختلف (خرجاته) الإعلامية ، حيث الرجل يجيب دون أن يسأله أحد و يجامل رجال القرار في الدولة في سياق لا يتناسب مع مجرى الحديث ، هكذا يفعل في كل مناسبة أو بدون مناسبة ، إلا أن قيادات الحزب في الآونة الأخيرة قد سئمت اندفاعالرجل في إدارة توجهات الحزب مما دفع بهم إلى اعتبار التصريحات الأخيرة سوءا في التعبير. حزب العدالة و التنمية حمل دائما مشعل المعارضة ابتداء من سنة 1996 و هي فترة التكوين،لكن ليس دائما من يقول( لا) يكون بطلا،خصوصا إذا كانت معارضته مبنية على مواضيع فارغة بشكل نسبي إذا قارناها بالقضايا المصيرية للمغاربة ، التي يلتزم الحزب تجاهها الصمت على غرار جميع الأحزاب ، إذ تستكن الأيادي عن قرع الموائد في البرلمان كلما تعلق الأمر بتجاوزات الدولة وما أدراك ما الدولة ، و على ما يبدو فحتى القضايا الناقصة الأهمية التي يراهن عليها الحزب لتلميع صورته أمام الشعب ستصبح في قادم الأيام من تراث الماضي.....إلا أن المغاربة لن يسلموا من الصراخ و الهيجان الذي يمارسه زعيم الحزب في البرلمان تشبها بما سلكه صديقه فتح الله ولعلو في السنوات التي سبقت تجربة التناوب، حتى يلقى هو الآخر نفس المصير بالاسترخاء على كرسي وثير لا شك أنه لن يكون وزارة المالية باعتبار كثرة الحقائب الفارغة. في حقيقة الأمر من يلاحظ السجال الدائر و تبادل التصريحات النارية التي تصل لحد السب و القذف سيذهب به ظنه الساذج إلى كون هذه الأحزاب تمارس واجبها الديمقراطي لاحتلال مراتب متقدمة في الحكم، في وقت أن هذا الحراك السياسي المفتعل لا يعدو أن يكون هرولة سخيفة لانتزاع لقمة من بقايا التكنوقراط الذين لم يكلفوا أنفسهم عناء الانتخابات أو مهازل المؤتمرات حتى يحصلوا على المناصب النافذة في الدولة، بينما يبقى دور الأحزاب هو ملئ الأرصدة بأموال الدعم و إبداء الرأي . و ربما هذا هو الوضع الذي يناسب هذه المقاولات ما دامت تعتمد على زعامات فاشلة من قبيل ما نراه الآن. هنا نختم بنكتة لعلنا نضحك . لقد سأل مقدم برنامج (نقط على الحروف) ضيفه الأمين العام لحزب العدالة و التنمية:ما هي نظرتكم لإصلاح القضاء في المغرب ؟فأجابه بان لا يعقل أن يركب القاضي الأوطوبيس بمعنى أنه يجب رفع أجور القضاة حتى يتسنى إصلاح القضاء، و كأنه رأى القضاة تزدحم مع الجماهير في محطات الانتظار. هكذا لخص مختلف المساطر القانونية التي من شأنها إصلاح القضاء في جملة واحدة. فعلا شر البلية ما يضحك a tar***"_blank" href="mailto:[email protected]"[email protected]