لم يكن بوسع وكالة الأنباء الرسمية المغربية عرض أخبار مدراء الصحف المغربية المشاكسة إلا بعد أن يقوم القضاء الموجه بتشويه سمعتهم وتصفية الحسابات مع الصحفيين بتلفيق قضايا حق مدني من أجل زعزعة ثقة الرأي العام المغربي فيهم . فقد كتبت الوكالة قائلة " قضت المحكمة الابتدائية بالرباط اليوم الخميس بستة أشهر حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها خمسمائة درهم في حق السيد توفيق بوعشرين بعد مؤاخذته من أجل جنحتي النصب والاحتيال " وأضافت " كما قضت المحكمة بتعويض مدني قدره عشرة آلاف درهم للمطالب بالحق المدني ، فيما أكدت عدم الاختصاص في باقي المطالب خصوصا منها فسخ عقد البيع " . وفي تلخيص الوكالة لملابسات الخبر أوردت رواية الطرف المشتكي بينما لم يتم إيراد رأي بوعشرين ، فقد كتبت الوكالة الرسمية في آخر الخبر " وكان صاحب عقار عبارة عن فيلا قد تقدم بشكاية لدى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالرباط ،مفادها أن السيد توفيق بوعشرين وأحد السماسرة ,قاما بالنصب عليه واستوليا على عقاره المتواجد بحي النهضة بالرباط " . بعدما أوردت الوكالة الناطقة باسم السلطات المغربية بهذه الطريقة المتحيزة ، وأصدر القاضي الحكم الذي يريح السلطات العليا بالبلد ، وسيتبع جزار حرية الرأي والتعبير بلباس صحافي رشيد نيني السلسلة بالتشفي في زميله وتأييد الحكم الصادر في حقه ، ليتضح أن السلطات المغربية نجحت في قتل الصحافة الجادة بطرق أكثر حرفية ، حيث تحويل القضايا المدنية إلى قضية رأي عام . ولكن بعد الحكم ، هل سيصدق قراء صحيفة توفيق بوعشرين قرار القاضي ؟ أم أن طعنة السلطة هذه المرة ستنجح في قتل الدور المتنور للصحافة الجادة بالمغرب ؟ علينا بعد الحكم أن نقول : تعرضت " الجريدة الأولى " للإفلاس لأنها انتصرت للقارئ المغربي ، وتعرضت مدير نشر " أخبار اليوم " للتشويه ، فماذا سيبقى للمغاربة من إعلام حر ؟ طبعا ستبقى اللغة الخشبية والإعلاميين المأجورين وسيضيع حق القارئ في إعلام حر ومستقل .