يتردد خلال الأيام القليلة الماضية حديث عن رغبة الوزير الأول الإستقلالي عباس الفاسي في إجراء تعديل وزاري موازاة مع مرور نصف الولاية على حكومته . و حسب بعض المصادر فإن الفاسي يرغب في السير على منهج الوزيرين الأولين السابقين عبد الرحمان اليوسفي و إدريس جطو في تجديد التشكيلة الحكومية و إضفاء نفس جديد على الأداء الحكومي كلما اجتازت الحكومة نصف مسيرتها . فقد كان عبد الرحمان اليوسفي قد أجرى تعديلا وزاريا على حكومته في منتصف ولايته في 6 شتنبر 2000،كما يشهد له التاريخ أنه هو من أسس مبادرة تقديم تصريح أمام المؤسسة التشريعية لوضع ممثلي الأمة في سياق الإنجازات و المبادرات و المشاريع الحكومية . و نفس الأمر سار عليه إدريس جطو الذي أدخل تعديلا وزاريا في حكومته عند منتصف طريقها في 8 يونيو 2004 . و بحسب ذات المصادر، فإن التعديلين اللذين أدخلا على الحكومة الحالية صيف السنة الماضية و بداية هذه السنة كانا بإرادة ملكية لضبط السياق السياسي و إعادة توزيع الأدوار في إطار نسق حزبي معين ، و قد حان الوقت ، بحسب المصادر ذاتها إلى أن يعيد عباس الفاسي صياغة تشكيلته الحكومية وفق منظور حزبه و عروض حلفائه تأهبا للإستحقاقت الإنتخابية القادمة .و مما قد يعزز هذه الفرضية ، هو هذا المخاض السياسي الجارية أطواره حاليا و الذي يمكن إجماله في الإعتبارات التالية : • رغبة عباس الفاسي في تفادي أي تشويش على تركيبته من جانب الحركة الشعبية التي لا يزال منتسبوها يحتجون على مشاركتهم المحتشمة في الحكومة بمقعدين ، وزير دولة بدون حقيبة في شخص أمينها العام محند العنصر ، و في كاتب دولة في الخارجية في شخص أوزين أحرضان . و قد تؤول الأوضاع نحو مفاجآت غير سارة خصوصا مع قرب عقد الحركة الشعبية لمؤتمرها و تزايد الضاغطين وسطها لإنصاف المشاركة الحركية بتسليمها حقيبتين إضافيتين ؛ • اتجاه نحو إكساب المشهد السياسي نوعا من المصداقية بعيدا عن العبث القائم من خلال تعيين وزير جديد على قطاع التعليم بدلا من أحمد اخشيشن القيادي في الأصالة و المعاصرة الذي لم يكن قرار تجميد عضويته في الحزب إلا ضربا من ضروب الميوعة السياسية التي لا تستقيم مع الإلتزام السياسي و الوضوح الديمقراطي المنشود ، زد على ذلك رغبة الجهات العليا في تعيين شخصية مقربة للإشراف على شؤون التربية و التعليم بعد وفاة المستشار مزيان بلفقيه الذي كان ينسق جهود إصلاح السياسة التعليمية التي لا تزال تعاني الكثير من الإختلالات ؛ • إعادة تقليص عدد الحقائب الوزارية من خلال دمج بعض منها ببعض و حذف بعضها خصوصا كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المجالية التي صارت لا تستقيم مع اللجنة الملكفة بتقديم اقتراحات الجهوية الترابية ،و الوزارة المكلفة بالجالية التي باتت تزاحم مجلس الجالية المحدث من طرف الملك و مؤسسة الحسن الثاني لمغاربة الخارج ؛ و كذا عدم وضوح اختصاصات كل من أوزين أحرضان و لطيفة أخرباش كاتبي الدولة في وزارة الخارجية التي هي مقبلة على إعادة تنظيم هيكلتها الداخلية و إجراء حركة تغيير شاملة في صفوف السفراء الذين قد يتركون مناصبهم لبعض الوزراء المنسحبين ؛ و مهما تكن صحة هذه الأخبار ، فإن إعادة الإعتبار للسلوك السياسي و إشراك المواطنين في السيرورة السياسية لن يتحقق دون إتخاذ إجراءات و قرارات من مختلف المستويات ، على أمل ضمان مشاركة قيمة للناخبين في الإستحقاقات القادمة و عدم تكرار ما حصل في الإنتخابات المنصرمة و ما خلفته من ركود سياسي و تذمر مجتمعي .