تصادف هذه السنة سنة 2010 الميلادية "الذكرى" الثمانون لإصدار السلطات الفرنسية لظهير 16 ماي 1930 الخاص بتنظيم سير العدالة في المناطق ذات الأعراف الأمازيغية، والتي لا توجد بها محاكم شرعية، وهو قانون أصدره الاحتلال الفرنسي للمغرب ووقعه الملك محمد الخامس في اليوم ذاته. ونص هذا الظهير على جعل سير العدالة في بعض مناطق القبائل الأمازيغية تحت سلطة محاكم عرفية تستند إلى قوانين وأعراف أمازيغية محلية، وفق ما كان الأمرعليه قبل دخول الاستعمار. فيما تبقى المناطق المخزنية السلطانية (مثل فاس والرباط) تحت سلطة قضاء حكومة المخزن والسلطان المغربي. لم يكن ظهير 16 ماي 1930 أول ظهير تصدره السلطات الإستعمارية بالمغرب، فقد كان ظهير 11شتنبر 1914 أول من قنن تنظيم القبائل الخاضعة للسيطرة الفرنسية، وقد تبعته دورية 15 يونيو 1914 التي توصي ضباط الشؤون الأهلية بالمحافظة على الأعراف الأمازيغية، من هنا ندرك أن ظهير 16 ماي 1930 سبقته ظهائر أخرى مثل ظهير 15 يونيو 1922 القاضي بتفويت الأراضي للأجانب، من دون أن يثير ذلك أي رد فعل من طرف من نصب نفسه وصيا على الحركة الوطنية المغربية. وقد وظف ما يسمى( بالحركة الوطنية) الدين من أجل الترويج لأكاذيبها وشحن عواطف المغاربة وحشد الدعم العربي والاسلامي، من خلال إشاعة أسطورة الظهير البربري، وذلك للترويج على أن هذا الظهير جاء لاخراج الأمازيغ من دينهم الاسلامي وتنصيرهم وقراءة اللطيف في المساجد بترديد "يالطيف نسألك اللطف بما جرت به المقادير أن لا تفرق بيننا وبين إخوننا البرابرة" وقد استمد هؤولاء (الحركة الوطنية ) شرعيتهم من هذا العمل المزيف واصبحوا بذلك رموزا للعروبة والاسلام، بيد أن السبب الحقيقي للضجة التي أثارها أعيان مدينة فاس في المساجد حول هذا القانون هي أنهم شعروا بأن الاستعمار الفرنسي لم يعد في حاجة إلى مساعدتهم بعد انتهاء الحرب الأمازيغية الفرنسية وانتهاء المقاومة بداية الثلاثينات. فقاموا بالضغط على الاستعمار بخلق أزمة اجتماعية بأبعاد عاطفية (الوحدة الوطنية) للضغط على الاستعمار الفرنسي ليدمجهم في النظام الحاكم ويشركهم في الحكم الجديد وتجدر الاشارة الى أن المجتمع الامازيغي - ما قبل الاستعمار الفرنسي - كان يتعامل بترسانة قانونية نابعة منهم وليست مفروضة عليهم من خارج ثقافتهم وحياتهم الاجتماعية. فالمحاكم كانت أمازيغية، والقضاة أمازيغيين، والقوانين Izerfan أمازيغية ولغة التقاضي أمازيغية. وبالتالى فالقاعدة القانونية كانت تعبير إجتماعى ومجتمعي. وأصبح تمثل المواطن المغربى للتاريخ الوطني المعاصر مصابا بعياء إيديولوجي وسياسي، ولم يعد هذا التاريخ بمقدوره الاستمرار والصمود أمام النقد التاريخي والسياسي. ويرجع سبب إنهاكه و عيائه إلى العديد من الأسئلة الملحة والمحرجة المطروحة عليه. فإلى متى سيظل هذا التاريخ ومعه أسطورة الظهير البربري على ماهو عليه ؟ ألم يحن الوقت لإعادة كتابة التاريخ الوطنى بأقلام موضوعية ونزيهة ونفض الغبار عن الحقائق تمهيدا للمصالحة مع التاريخ المغربي. * باحث في الشأن الأمازيغي .