يشتد إقبال المغاربة على النوادي والقاعات الرياضية الخاصة بالرشاقة الجسدية و" الفيتنيس" بحلول فصل الربيع واقتراب الصيف، حيث يحرص الشباب والنساء خاصة على اكتساب رشاقة جسدية وقوام ممشوق بعيداً عن ما تسببه البدانة من تشوهات جسمية ونفسية . وانتشرت قاعات الرياضات الوثيرية والرشاقة البدنية بشكل لافت في المجتمع المغربي، وتزايدت الاستثمارات المادية في تأسيس هذه المراكز الرياضية الحديثة، بفضل الإقبال الكبير لفئة النساء من مختلف الأعمار على خدماتها التي تقيهن من البدانة وتمنحهن القدرة على الحفاظ على أزواجهن مدة أطول . وبرر أخصائي اجتماعي تهافت المغاربة رجالاً ونساء على هذا الصنف من الرياضات الرشيقة بهوس البعض بما يمثله الجمال الجسدي الشكلي لديهم، وبتأثير الفضائيات و" الكليبات " الغنائية التي تعرض نماذج جسدية فاتنة، وأيضاً برغبة البعض الآخر في انتماء وهمي لطبقات ميسورة . وتناسلت في السنوات الأخيرة مئات القاعات الرياضية المختصة في الرياضات الرشيقة في المدن المغربية الكبرى بعد أن كانت تُعد على رؤوس الأصابع بسبب التكاليف الباهظة لإنشائها والأجهزة التي تتطلبها . وتعتبر النساء الأكثر إقبالاً على مزاولة رياضات الرشاقة بسبب ما تصفه مريم السعدي، مسيرة أحد أرقى القاعات المختصة بالرباط، بالرعب الكبير من اكتساح السمنة لأجسادهن، والتي أضحت داء يتفشى بسرعة خاصة لدى ربات البيوت والموظفات . وتضيف مريم أنه من بين الأسباب الصحية التي تدفع النساء خاصة إلى ارتياد قاعات رياضات الرشاقة: الرغبة في التخلص من القلق النفسي الذي يصيب المرأة جراء مسؤولياتها المتراكمة يومياً في البيت ومع الأولاد أو بالعمل . وأردفت المتحدثة أن جو الانفتاح في المجتمع المغربي وتحسن الظروف المعيشية لدى الطبقات المتوسطة في السنوات الأخيرة زادت من إقبال النساء على ممارسة رياضات الرشاقة الجسدية، مشيرة إلى أن نسبة هامة منهن نساء متزوجات يرغبن في "الحفاظ" على أزواجهن باكتساب جسد رشيق غير مترهل . ولا تخفي هذه المسيرة أن الرقص الشرقي تحديداً يجذب أكثر النساء من مرتادات هذه الأندية والقاعات الرياضية باعتبار أنه يمنح للحركة انسيابية أكثر وراحة نفسية أكبر رغم التعب، علماً أن الحصص غالباً ما تكون خاصة بالنساء فقط . وزادت بالقول إن الشباب الذي كان يمارس الرياضات الراقصة في الأزقة والشوارع لجأ إلى هذه النوادي والقاعات الرياضية لمزاولتها وفق ضوابط دقيقة بإتباع المدربين الذين يحملون شهادات رياضية احترافية في هذا المجال، وهو الأمر الذي ساعد هؤلاء الشباب على الاندماج أكثر في مجتمعهم . وتتيح هذه الرياضات الرشيقة لممارسيها بالتحرر من ضغط القيود الاجتماعية التي تفرضها عليهم فضاءات العمل والمجتمع والحياة داخل الجماعة، فيحصلون على أوقات تخرجهم من رتابة الحياة اليومية . ويعتبر الدكتور عبد الجبار شكري، أخصائي في علم الاجتماع وعلم النفس، أن الهوس بالحصول على جمال جسدي جعل العديد من المغاربة ينخرطون في مراكز الرياضات الرشيقة بغية تغيير أشكال أجسادهم، باعتبار أن امتلاك جسد جميل بالنسبة للرجل والمرأة أضحى رأسمالاً رئيسياً قد يضاهي أحياناً الرأسماليين المادي والمعرفي . ويرى شكري أنه من بين الأسباب الأخرى التي تفسر تهافت المغربيات على ممارسة الرياضات الرشيقة التأثر بالصور والنماذج البراقة للأجساد النسائية التي تستعرضها القنوات الفضائية وتلك المتخصصة في أغاني الفيديو كليبات، مردفاً أنها أشكال جسدية تمارس الإغواء العاطفي والجنسي لتشكل النموذج الذي يرغب فيه الكثيرون . ولكون الممارسة في بعض مراكز وقاعات هذا النوع من الرياضات يتطلب مستوى معيناً من الإمكانات المادية المتوفرة، فإن الانخراط فيها صار مؤشراً لدى البعض بكونه يلج الحداثة والرقي الاجتماعي من بابهما الواسع، أكثر من رغبته في نيل فوائد صحية محددة من قبيل محاربة السمنة أو التخفيض من الوزن ومن معدلات السكر في الدم مثلا . وفي السياق ذاته، يؤكد الباحث المغربي أن البعض من الفئات الاجتماعية المتوسطة يعتقدون أن مزاولة هذا النوع من الرياضات تجعلهم يشعرون كأنهم أكثر قرباً وانتماء إلى الطبقات الميسورة مادياً، موضحاً أن ذلك شعور نفسي تعويضي لكنه يظل وهمياً وبعيداً عن حقيقية الأمور . المصدر : العربية