أجرت يومية " المساء " الجزائرية ، حوارا مع وزير خارجية جبهة البوليساريو المطالبة بالانفصال عن المغرب ، وتحدث فيه عن أخر تطورات النزاع بين المغرب والبوليساريو حول الصحراء الغربية ، وقبل أسابيع كنا قد أوردنا حوارا لصحيفة الوطن " القطرية " مع خليهن ولد الرشيد ، رئيس المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية ، والذي طالب فيه قادة جبهة البوليساريو بالتحول من تسيير المخيمات إلى تسيير الحكم الذاتي ، وتعميما للفائدة وإفساح المجال للرأي الآخر ، نعيد في " مرايا بريس " نشر حوار القيادي بجبهة البوليساريو ، كما قدمت له وأوردته الصحيفة الجزائرية . كشف وزير الخارجية الصحراوي محمد سالم ولد السالك في حوار خاص أجرته معه المساء عن غضب في أوساط الشعب الصحراوي وقيادته من تقرير الأمين العام الأممي الذي لم يحدد تاريخا لتنظيم الاستفتاء كما يذكر بأن عدم تنظيم هذا الاستفتاء راجع للعراقيل المغربية من جهة، ومن جهة أخرى تجاهل التقرير كذلك قضية انتهاكات حقوق الإنسان التي بلغت حدا لا يطاق بعد أن صعدت أجهزة الأمن المغربية المختلفة من درجة قمعها المواطنين الصحراويين. وحمل المسؤول الصحراوي الأممالمتحدة مسؤولية هذه الوضعية بعدما تهاونت في تحمل مسؤولياتها إزاء تسوية آخر قضية تصفية استعمار في إفريقيا. - جبهة البوليزاريو وفي سابقة هي الأولى من نوعها قررت مراجعة علاقتها مع بعثة الأممالمتحدة إلى الصحراء الغربية لتنظيم استفتاء مينورسو، ما الذي جعلكم تلجأون إلى اتخاذ مثل هذا الموقف وفي هذا الوقت بالتحديد؟ من البداية لابد أن نتفق على أن مهمة بعثة مينورسو كما حددها مخطط التسوية المتوصل إليه سنة 1991 تبقى تنظيم استفتاء عام يضمن للشعب الصحراوي ممارسة حقه المشروع في تقرير المصير، وحدد لتحقيق ذلك مهلة زمنية بمدة ستة أشهر لتنظيم الاستفتاء كما انه حدد كل الخطوات التي تقود إلى تنظيمه الذي كان مقررا خلال شهر فيفري 1992 . وبعد كل هذه المدة ما انفك المغرب ومنذ إنشاء البعثة يضع العراقيل تلو الأخرى أمام إتمام هذه المهمة في وقت قدم فيه الطرف الصحراوي تنازلات بهدف مواصلة العملية السلمية ولكن المرونة الصحراوية لم تلق ردا إيجابيا لا من طرف المغرب ولا من جانب الأممالمتحدة. وكان الفشل الأممي المتواصل سببا في تمادي الرباط في تعنتها والذي ازداد حدة في ظل نظام الملك محمد السادس الذي يحظى بدعم فرنسي لطروحاته الاستعمارية والتي مكنته من التملص من مسؤولياته في تسوية النزاع الصحراوي وفقا لمبادئ الشرعية الدولية المقرة بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. وفي مقابل هذا الرفض فقد واصل المغرب سياسته القمعية ضد الصحراويين ونهب ثرواتهم وخيرات وطنهم بتواطؤ مع الاتحاد الأوروبي الذي أمضى مع الرباط اتفاقية الصيد البحري ومنحه صفة الوضع المتقدم رغم الانتهاكات الفظيعة لأبسط حقوق الإنسان في المدن المحتلة. ولكن يجب الإقرار أن سبب هذا التعنت مرده إلى الأممالمتحدة فرغم كونها راعية الأمن والسلام في العالم إلا أنها لم تضطلع بمهمتها في الضغط الكافي على الطرف المغربي لحمله على الانصياع للإرادة الدولية وخاصة تطبيق ما تم الاتفاق عليه سنة 1991 . وأكثر من ذلك لم تتمكن حتى من فرض احترام حقوق الإنسان في المناطق المحتلة رغم الدعوات والنداءات الملحة التي وجهتها لها جبهة البوليزاريو وأيضا المنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية التي دقت ناقوس الخطر من استمرار تدهور الوضع في الجزء المحتل من الصحراء الغربية. وهو ما خلق جوا من الغضب في الأراضي المحتلة ومخيمات اللاجئين وفي الشتات لأنه لا يمكن قبول الظلم ولا يمكن قبول الانسداد الذي وصلت إليه القضية. - نفهم من كلامكم أن تجاهل الأمين العام الأممي في تقريره الأخير لقضية حقوق الإنسان هو الذي دفعكم إلى اتخاذ هذا الموقف أم هناك أسباب أخرى؟ الأمين العام الأممي تحدث في تقريره عن انشغاله حول الموضوع وقال أن المقاييس الدولية لم تحترم في الصحراء الغربية وطالب الطرفين باحترام حقوق الإنسان، جاعلا إياهما بذلك في كفة واحدة من المسؤولية عن الانتهاكات، وهو ما لا يتطابق مع الواقع. لكن لا يمكن له التغاضي عن حملات القمع التي تمارسها قوات الاحتلال المغربية ضد الصحراويين كما لا يمكن لالمينورسو " أن تسكت عن انتهاكات لم تعد خافية على أحد وبالتالي فإن الهيئة الأممية ملزمة بإدراج مسألة حماية حقوق الإنسان ضمن مهمة بعثتها في الصحراء الغربية على غرار كل بعثاتها في العالم خاصة وان مهمة هذه البعثة أعمق واكبر لأنها تتمثل في تصفية الاستعمار. إذن كيف تفسرون تجاهل هذه القضية في التقرير الأممي؟ هذا هو السبب الذي أثار حفيظة الصحراويين والعديد من المنظمات الحقوقية والإنسانية بعدما تحولت البعثة الأممية إلى حارس للاحتلال المغربي بدلا من أن تعمل على الالتزام بتنفيذ بمهمتها في تصفية الاستعمار. وهو الأمر الذي جعل المغرب يختبئ وراء وقف إطلاق النار، الذي هو مجرد بند من بنود مخطط التسوية، وفي كلمة واحدة فإن المغرب أصبح يتفرعن مما جعل الطرف الصحراوي يقرر مراجعة علاقته مع البعثة الأممية. على أي أساس بنت جبهة البوليزاريو موقفها وهل وجدتم من يدعمكم في ذلك؟ الشعب الصحراوي هو صاحب الحق وهو الذي يدافع عن حقه في تقرير مصيره. فمنذ عقود وخاصة منذ انطلاق الكفاح المسلح ضد الاستعمار الاسباني عام 1973 العالم كله يعترف بشرعية الكفاح الصحراوي من اجل نيل استقلاله. والأممالمتحدة وبلدان حركة عدم الانحياز والاتحاد الإفريقي ومنظمات دولية حقوقية وإنسانية تعترف لهذا الشعب بهذا الحق. والطرف الصحراوي لم يدخر أي جهد من شأنه إحراز تقدم في عملية السلام والتوصل إلى تصفية الاستعمار بأسلوب حضاري وسلمي في الصحراء الغربية. ولكن المحتل المغربي يرفض ذلك ووجد من يدعمه في ذلك بعد تخلي الأممالمتحدة وتهاونها الواضح في تحمل مسؤولياتها لتطبيق مخطط التسوية وعدم إبدائها الإرادة لحمل المغرب على وقف حملاته القمعية ونهب خيرات الشعب الصحراوي. وهو ما جعل هذا الأخير متيقن انه لا فائدة من تواجد الأممالمتحدة وبعثتها ما دامتا لا تمتلكان الإرادة على تطبيق لوائحها والشرعية الدولية في تسوية القضية الصحراوية. - المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي كريستوفر روس وفي آخر زيارة له إلى المنطقة أدلى بتصريحات قال خلالها أن مسألة حقوق الإنسان ستكون مدرجة في التقرير الأممي، ألا تعتقدون بوجود خلاف بين الرجلين في كيفية التعاطي مع ملف الصحراء الغربية ؟ حتى نفهم الموضوع جيدا فإن قضية حقوق الإنسان أدرجت في التقرير، ولكن الأمين العام الأممي لم يخطر مجلس الأمن الدولي بحقيقة ما يجري على ارض الواقع، وحاول بطريقته الخاصة معالجة هذا الموضوع لكنه اخفق بسبب تواطؤ من داخل مجلس الأمن مع الطرف المغربي. ولكن نحن لا نريد إعطاء قراءة أن روس يريد هذا والأمين العام يريد ذلك لأننا ننظر إلى الأممالمتحدة ككل ولا نراها مجزأة كون الأمين العام ومبعوثه والمينورسو هيئة واحدة وتمثل الأممالمتحدة وهي مسؤولة من أمينها العام والى آخر جندي في بعثتها على ما يجري في الصحراء الغربية ومسؤولة عن تصفية الاستعمار في هذا الإقليم المحتل. حتى نختم موضوع حقوق الإنسان لماذا طرحت جبهة البوليزاريو هذه القضية في هذا الوقت رغم أن المسألة طرحت عام 2006 عندما رفضت الأممالمتحدة الإفراج عن التقرير الذي أعدته مفوضيتها السامية لحقوق الإنسان والذي نقل صورة سوداء عن الوضعية في المناطق المحتلة ؟ يجب التأكيد على أن جبهة البوليزاريو لم تتخذ حينها أي قرار على أمل أن تحترم الأممالمتحدة مسؤولياتها لأنها ولأول مرة تتحرك في هذا المجال. ونحن تفاءلنا خيرا عندما جاءت المفوضية وقامت بعملها كما يجب ولكن جهة نافذة في مجلس الأمن، وبالتحديد فرنسا، تدخلت في الموضوع وعملت على منع نشر هذا التقرير، الذي أكد صراحة أن خروقات حقوق الإنسان ستبقى مستمرة إذا لم يتمكن الشعب الصحراوي من ممارسة حقه في تقرير المصير. - الموقف الصحراوي جاء ليؤكد أن مفاوضات تسوية النزاع وصلت إلى طريق مسدود، كيف تتصورون مستقبل هذه المفاوضات بعد اجتماع مجلس الأمن الدولي آخر الشهر الجاري ؟ ستكون الصورة واضحة بعد اختتام الاجتماع وانتهاء مشاورات أعضاء المجلس الاممي. وفي هذا السياق نذكر أن روس أجرى في الأيام القليلة الماضية لقاء أوليا مع أعضاء المجلس بما يؤكد أن الأمور تتجه نحو إعداد لائحة جديدة تصدر نهاية الشهر. ولا شك أن موقف مجلس الأمن سيؤثر بالإيجاب أو بالسلب على موقف الطرف الصحراوي وسيتم على أساسه اتخاذ الخطوات المستقبلية في كيفية التعاطي مع القضية من جميع جوانبها. ولكن المؤكد أنه في الوقت الراهن لا يمكن أن تستمر الأمور على حالها في ظل موقف الأممالمتحدة المخيب للآمال. هل جبهة البوليزاريو مستعدة للعودة إلى التفاوض إذا دعت اللائحة الأممية المقررة نهاية الشهر طرفي النزاع لمواصلة مفاوضات السلام، وهو المرجح ؟ لا يمكن أن نستبق ما سيتمخض عنه اجتماع مجلس الأمن. إلا أننا نقول انه تم اتخاذ القرار بمراجعة العلاقة مع بعثة المينورسو ولابد من التأكيد على ثلاث نقاط مهمة. أولا: أن مهمة المينورسو تكمن في تنظيم استفتاء تقرير المصير ويجب على الأممالمتحدة ومجلس الأمن إعادة القطار إلى سكته بالتأكيد على هذه المهمة والعمل من اجل تنفيذها. ثانيا: أن الشعب الصحراوي وقيادته وصلا إلى قناعة انه لا طائل من وراء المفاوضات إذا كانت تجري في جو من القمع والاضطهاد والظلم. وثالثا: لا بد أن تقوم الهيئة الأممية بالتكفل بمسألة حماية حقوق الإنسان عن طريق بعثتها أو عبر مفوضيتها السامية. ونطالب في هذا السياق الأممالمتحدة بأن تقول للمغرب كفى وان لا تفوت فرص السلام. جبهة البوليزاريو اتهمت فرنسا مرارا بعرقلة مسار التسوية، هل تعتقدون بحكم مكانتكم أن فرنسا تبقى العقبة الرئيسية أمام مواصلة هذا المسار على أساس انه لولا موقفها المنحاز للطروحات المغربية لما صمدت الرباط وأصرت على موقفها المتعنت ؟ رغم أن المغرب مازال محمية من قبل فرنسا فإن الشعب الصحراوي وقيادته ليسوا ضد المصالح الفرنسية لا في منطقة المغرب العربي ولا في إفريقيا ولا في أي منطقة من العالم. ولكن الموقف الفرنسي المؤيد للاحتلال والتوسع المغربي ضد جيرانه يمس في العمق بمصالح جميع شعوب المنطقة وحتى بالمصالح الإستراتيجية لفرنسا. ونحن في جبهة البوليزاريو نستغرب هذا الموقف. فإذا كنا نعرف السبب الكامن وراء الموقف الاسباني الذي يريد أن يبعد اهتمام المغرب عن مشكلة سبتة ومليلية ودفع اهتمام الرباط صوب الجنوب، فإننا نلاحظ مع كامل الأسف أن هناك جهات في فرنسا الحالية مازالت تحن إلى عهد استعماري غابر ونظرة مخالفة للواقع المعاصر في منطقة المغرب العربي. لكن أملنا دائما أن تقوم باريس بلعب دور ايجابي يمكنها قبل غيرها من خدمة مصالحها في المنطقة والمساهمة في إحلال السلام بها على أساس احترام الحدود وحقوق جميع الشعوب وهذا هو التوجه الصحيح الذي نعتقد أن فرنسا يجب أن تسلكه. في نظركم كيف يمكن التأثير على الموقف الفرنسي لحمله على لعب دور إيجابي في تسوية القضية الصحراوية ؟ من جهة نؤكد أن الشعب الصحراوي سيواصل كفاحه بكل الوسائل المتاحة والمشروعة وسنقول هذه الحقيقة لكل العالم وخاصة الفرنسيين. ومن هذا المنبر ندعو فرنسا إلى لعب دور ايجابي ونقول لحكومتها أن مقترح الحكم الذاتي الذي هو في حقيقة الأمر طبخة فرنسية مغربية مرفوض لأنه ولد ميتا ولأنه لا يمكن لأحد مصادرة حق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير مصيره واستقلاله. وفي اعتقادنا أن التعنت المغربي المدعوم من طرف فرنسا يهدف إلى تفويت فرص الاستقرار والسلام والتطور على دول المنطقة عكس ما تروج له باريس. ومن هذا المنبر نقول أنه لحد الساعة ومع كامل الأسف فرنسا توقد النار بمساندتها للاحتلال ولا تساعد منطقة المغرب العربي إطلاقا على الاستقرار والسلام . وأريد أن أذكر هنا أن القيادة الصحراوية قدمت مقترحا للتسوية سنة 2007 أعربت فيه عن استعدادها للاتفاق مع المغرب للذهاب إلى الاستفتاء وتمكين الشعب الصحراوي من الاختيار بين الاستقلال أو الانضمام، بحيث إذا قرر الصحراويون الاستقلال فنحن في جبهة البوليزاريو مستعدون لتقديم مساهمتنا في تسديد فاتورة السلام والاستقرار وإذا قرروا الاندماج فلدينا أيضا مطالب من اجل خلق جو ملائم للتعايش سويا. ماذا تقصدون بدفع فاتورة السلام ؟ الصحراويون مستعدون في حالة الاستقلال للمساهمة بجزء من الخيرات والثروات الصحراوية لفائدة استقرار المغرب، وبناء المغربي العربي كما أنهم مستعدون على غرار دول المنطقة الأخرى، الجزائر وليبيا وتونس وموريتانيا، للعمل الجاد من أجل التوصل إلى تنمية شاملة ومتكاملة لشعوب المنطقة بما في ذلك الشعب المغربي الشقيق. وما هي مطالبكم في حالة الاندماج ؟ في هذه الحالة أيضا نحن مستعدون للتفاوض على مطالب خاصة بالشعب الصحراوي، فكما أن للمغاربة مطالب ربما في المجال الأمني والاقتصادي والاجتماعي في حالة الاستقلال، فنحن أيضا لنا مطالب في حالة الانضمام. لأن الشعب الصحراوي عانى ويلات الاحتلال، قتل وشرد وله قوافل من الشهداء والمعطوبين، والحرب التي قام بها المغرب فوتت فرصا لا تحصى ولا تعد في التنمية والتطور والتقدم. وهو ما يفرض ضرورة خلق جو من الوئام بين الصحراويين والمغاربة، سواء في خيار الاستقلال أو الانضمام.