//ى روح الزجال والقاص المهدي الودغيري والمسرحي حوري حسين ************************************************************** مهبول من يحرث الفول/ فشط مالح يلوحه عبد الرحمان المجذوب إشارة مبدئية حينما يطلع المرء على ثقافتنا؛ يندهش من كثرة ووفرة الأسماء والفعاليات؛في شتى أنواع فنون القول والإبداع ؛ وكذا من وفرة الإنتاج والإنتاجية الإبداعية ؛ التي تغطي مساحات الأسواق والصحف الورقية والرقمية( الآن) لكن ينكشف الأمر؛ حينما ينتهي أجل أحد المبدعين [ خاصة الشرفاءٍ]الذين ضحوا تضحيات جسيمة في مجالها؛ وناضلوا نضالات غير مزيفة ؛ بل صادقةعلى كل الواجهات؛ وسعوا إبراز العديد من الطاقات؛ وكشف منتوجها وإبداعيتها للرأي العام؛ بنوع من الإيثار ونكران الذات؛ ورغم ذلك؛ نتنكر وننكر أفاضلها ومثابرتها ووجودها الذي[كان] من أجلنا ومن أجل ترسيخ دينامية ثقافية؛ لها قوامها ومنطلقاتها؛ مما يتضح أن وجودنا في إبداعنا؛ وإبداعنا في وجودنا؛ بمثابة [ عام الفول] إذ المبدع الحق [ذاك] البعيد عن الفكر اللوبي والفكرالإنتهازي والفكرالإقصائي؛ بمثابة[فول] ذاكالمنتوج الطبيعي؛ الذي ينمي الطاقة ويعالج العديد من الآعطاب في جسم الانسان؛ ويحتل في موسمه كلالموائد؛ مهما علا شأنها أوأدناها؛ ورغم ذلك تتنكر له كل الشرائح؛ وتتهمه كتغذية [دونية] لصيقة بالمعوزين والمحتاجين؛ وقرينة التشبيه هاهنا النسيان والتناسي والمجال الثقافي/ الإبداعي/عندنا كعام الفول وبالتالي هناك مبدع [ المهدي الوذغيري] أفنى شبابه في العطاء الإبداعي / قصة/ زجلا/مسرحا/ وكافح في المجال الإعلامي بكل وثوقية وحنكة؛ إذ لم يبخس حق أي تظاهرة أومبدع مهما كان مستواه في المتابعة التعريفية والنقدية لمنتوجه؛قبل أن يرحل عنا في حادثة سير منذ عقد من الزمن؛ رحيله ارتبط بعام الفول؛ بحيث كأنه لم يكن؛ رغم أنه كان عضوا نشيطا في[ اتحاد كتاب المغرب] منذ 1976وعضوا فاعلا في الشبيبة الاتحادية وفي حزبها وصحيفتها؛ وظاهرة النكران والجحود والإهمال واللامبالاة لا ترتبط بالمرحوم المهدي الوذغيري بل ها هنا نموذج ؛ سياقه: إيفاء لروحه وعطائه وتضحياته؛ والمثير جدا أنه أنجز ديوانا زجليا [ عام الفول] 1996ومن خلاله يعري واقعنا وأحوال الزمان/ الثقافي/الاجتماعي/ السياسي/ .*** بأن كل ما كائن بمثابة عام الفول. مدخل للديوان الزجلي مما لاجدال بأن المرحوم[ المهدي الوذغيريٍ] كان دؤوب الحضور في رحاب فنون القول؛من قصة/ مسرح/ مقالة/متابعة/ زجل/رواية/ توثيق/ وهذا التنويع ليس شهوة عنده؛ بل يرتبط بطبيعة المشهد الثقافي المغربي؛ وثانيا هورسالة تضمينية؛ بأن موهبة الإبداع ؛لاتقتصر على التخصص: فالمهدي الود غيري صحافي لايوقع بالضرورة مقالاته ؛ وإنما يعمل مثل جندي مجهول داخل قبائل الكلمات؛ لكنه عودنا من وراء صرامة نظارتيه وحدامة العمل اليومي بجريدة الاتحاد الاشتراكي أن يخرج عن الصواب بنصوص نثرية وأخرى شعرية جميلة تمتزج في نصوصه حكم المجذوب وطراوة الكلمة الشعرية(1)ممكن أن يختلف المرء مع هذا التصور الذي كان يحمله ويؤمن به؛ إذ في مجال التصنيف أين يصنف إذا ما فرزنا إنتاجه؟ * ثلاثية الملأ (1984) جزيرة في الرأس(1988) الخيط والإبرة(1991) موزار في الكنيسة(1995) قصص * عام الفول(1996) عسالة (1997) ديوانين زجليين * بيوت من قلق(1997) قصص * كتاب المغاربة أحداث ووقائع لأول مرة في تاريخ المغرب المعاصر(1998) الجزء الأول * معايير قابلة للتغيير(2000) قصص المارد(2001) رواية فهذا العطاء الإبداعي المتنوع؛ خيطه الرابط النكهة الخاصة للتجارب والذكريات والمعايشة لذاتية الكاتب عبر محيطه الخاص والعام؛ وبالتالي فديوانه الزجلي( عام الفول) فأغلب قصائده نشرت في الجرائد الوطنية بشكل متقطع؛قبل أن تجمع كديوان؛ فما هو المبرر والدافع الذي أدى بالمرحوم المهدي الانتقال من القصة إلى الزجل؟ علما أن التقديم الذي وقعه الفنان [أحمد الطيب العلج] يشير بأن: الرباعيات على بساطتها وسهولة إلقائها؛ ويسر حفظها؛ وسرعة تداولها على جميع الناس؛ ومن جميع المستويات؛ من أصعب ضروب الشعر الشعبي؛ لدى الابتكار عند المبدع(2) فركوب ما هو أصعب عند المهدي الود غيري؛ ناتج عن ترسبات ثقافية ذات طبيعة شعبية؛ منبثقة من المحيط الحرفي والصناعي الذي عايشه وتفاعل معه منذ الصبا؛ وطبيعي جدا لكل من عايش أو جايل الفضاءات الشعبية؛ نظرا لطبيعة الثقافة السائدة من أقوال وحكم وأمثال وخاصة رباعيات [ عبدالرحمان المجذوب] الذائعة والمنتشرة بقوة؛ والت تعد مرجعية للإستشهادات وتدعيم حادثة طارئة أونوع من الترميز لوضعية ما؛ ولاسيما أن الرباعيات لاتخرج عن إيقاع النقد والسخرية أو منح نوع من العبرة والتنبيه بحكم أنها: مشحونة بالرموز؛ مليئة بالمعطيات؛ زاخرة بالأبعاد؛ متنوعة الدلالات في شمولية خارقة تسمعها فتطربك وتمتعك وتفرض عليك استظهارها قهرا؛ وبسرعة لتحملك على التفكير؛ وتدعوك للركون إلى العقل؛ وتحثك على استعماله؛ وهكذا تجد نفسك تلوكها وترددها بلا إرادة؛ لأنها تمكنت منك؛ وفرضت نفسها عليك؛ ولأنك قد تجد فيه أحيانا الخلاصة المطلقة؛ لعقدة طالما راودك التفكير في حلها(3) فمن هذا المنطلق يتمظهر الدافع الأساس الذي أدى بالمبدع المهدي الودغيري؛ لأن يلتجئ لنظم الرباعيات؛ باعتبارها أدبا شعبيا ذو طبيعة تأثيرية وفاعلة؛ وسهل التداول والانتشار عبر قناتي الاسترسال الشفاهي أو الغنائي؛ وذلك بناء على طبيعة الرباعيات التي تؤطر نفسها تلقائيا في القول المأثور الإطار العام لعام الفول تعتبر الرباعيات كلام منسوج؛ بشكل تلقائي/ فطري؛ تفرضه طبيعة الحدث والواقعة؛ التي تنفلت منه وتترصد له ؛ لتتشكل فيه مبادئ التأويل؛ عبر كثافة التعبير البلاغي لإنتاج المعنى؛ الذي هو أس الرباعيات ؛بحيث تلقائيا تمارس عملية الانزياح عبر مفاهيم بلاغية؛ لإبراز اللامتوقع من التعبير للمظاهر السلبية والفاسدة؛ التي تحيط المرء في وسطه الاجتماعي؛ وبالتالي فعملية الانزياح الذي كان يفهم عند العرب القدامى بالتعبيرية؛ يفرض أساسا: أن وجود الصور يعادل وجود الخطاب(4) ويتبين هاهنا بأن لا أحد ممن ترصدوا للرباعيات نقدا ودراسة؛ أن حاول تفنيد أوتغييرالمصدرالأساس في تسمية الرباعيات المنسوبة ل[عبدالرحمان المجذوب] إلا أن التقديم أضاف صفة ذات معنى بليغ ودقيق جدا: وأذكر أن الشريف الحافظ سيدي عبد الواحد العلوي الرخايمي =(حرفة) كان يسمي الرباعيات: مسيمرات(5) وهاته الصفة الرائعة لم تتولد من فراغ؛ بل هي من طيات وثنايا الرباعيات؛ التي تمارس سلطتها الطابية على السامع؛ وذلك من خلال معازلة ومراودة ذهنيته؛ كي ينتبه ويأخذ حذره من عدة عوائق ومطبات وكبوات تلاحق ( أو) ستلاحق المرء في مجتمعه؛ إضافة لغرس والحث على فعل الخير والعمل الصالح للإنسانية وللمحيط المجتمعي؛ نظرا أن الرباعيات: في جوهرها دعوة ضد الظلم وتبشير بالمراجعة وإعمال العقل؛ في النقد الذاتي؛ والرباعيات أيضا نداء يومي مستمر؛ وبلاغ يتردد على ألسنة كافة الناس؛ لإصلاح ما أعوج من التصرفات في مجتمع ينشد التكافل والتعايش والتماسك؛ وتحويل الاحترام من الشكل المظهري إلى الفعل الجوهري(6) فهل رباعيات [عام الفول] انتهجت وسلكت النسق العام؛ الذي تتحرك فيه؛ وتنطلق منه الرباعيات؟ فمن خلال القراءة الأولية؛ فالديوان انتهج عمليتي(أ) التبويب و(ب)العنونة لكل كلام رباعي؛ وهذاغير وارد في رباعيات[ عبدالرحمان المجذوب] كما وصلتنا؛ وبالتالي ما قام به المرحوم المهدي الودغيري في[عام الفول] يندرج في سياق القول الواعي والمقنن؛ وذلك بحكم خضوعه للرقابة الذاتية؛علما أن القول المأثور من طبيعته يتولد عفويا؛ عبر عملية( المثير/ الاستجابة) بحيث يتمظهر لفظيا؛ من ظروف تستدعيه لحاجة ماسة إليه؛ لتدعيم التصور الانتقادي للظواهر المجتمعية ؛ التي طفحت على سطحه؛ ومن ثمة فالرباعيات تنساب بشكل سلس ومشحون بالمعاني والمجاز والاستعارة ....التي تساند القوافي الرصينة والموزونة إيقاعيا؛ولا تبالي أصلا بالحواجز والمعيقات؛ وفي الآن نفسه متحدية كل أشكال الرقابة الذاتية وما يتحكم فيها خارجيا؛ وهنا لاننفي بأن [عام الفول]بعيد كل البعد عن معطيات ومظاهرالرباعيات؛ بل سعى المرحوم[الودغيري]جاهدا تحقيق نوع من الشفافية والقدرة على التعبير التلقائي؛في القول وأبوابه؛ رغم التأثير البين والواضح برباعيات [المجذوب] على مستوى الشكل والإيقاع 1)) باب المجتمع في هذاالباب(33قولا) متنافر الترتيب ومتباعد التسلسل؛ بحيث غير مكون قصيدا متسلسل البنيان والفعل القولي مما انعدمت هرمونية الكلام الرباعي؛ نتيجة العناوين المدرجة؛ التي سعت إذكاء استقلالية كل قول عن لاحقه و سابقه؛ إضافة إلى أنها إحالة واضحة الدلالة؛ لمتن القول؛ التي تعفي القارئ من محاولة فك معاني ومرامي لأقوال؛ علما أن الرباعيات من طبيعتها تعدد المعاني؛ وذلك للدفع بالقول للتأويل والاحتمال؛ من هنا تكمن حلاوتها وروعتها؛ لكن [عام الفول] وانطلاقا من عناوين [باب المجتمع ] تحصرنا في معنى معين وبشكل قصدي؛ رغم التلاعب بالألفاظ؛ فإنها تنطلق من(الوصف) مرتكزة على بعض الظواهر الاجتماعية؛ التي أدت إلى قتامه وسوداوية الحياة المعيشية؛ وإلى غياب الفرحة والبهجة في محيط بني البشر؛وهذا الأخير أمسى يتلذذ بكل أنواع الأقراح والآهات القاتلة لوجوديته؛ إضافة للخديعة والدسيسة والنفاق الاجتماعي والعلائقي؛ وهاته المظاهر في نظر[عام الفول] تؤدي للعديد من الصراعات والاصطدام بين أفراد المجتمع؛ والمحدثة أساسا لخلق اللاتواصل؛ وانعدام التفاعل الاجتماعي؛ بحيث الانحلال الطافح في كينونة المجتمع؛ أفرزسلوكات اجتماعية؛ غير مقبولة؛ وبالتالي فأحوال الزمان وتبدله؛ هو الذي أفرز[عام الفول]تلك هي التيمات الأساس؛لكن الملفت للنظر أن الرباعيات؛ حاولت كشف معاناة أخرى؛ كقرينة ترادفية بين الحواضر والبوادي؛ وضعية واحدة وتفاعل أوحد بحيث تبرز الرباعيات صورا أكثر قتامة؛ نتيجة اللامبالاة والإهمال الجلي في حق[البوادي][ أولاد القرى مطحونين كفة/ اللي شكا ولو على الطريق يبدأ يتجمل](7) وبما أن البادية تلعب دورا إنتاجيا من الزاوية الفلاحية والزراعية والرعوية؛ وتساهم في تنمية الاقتصاد؛ وذلك لإعادة الإنتاج الاجتماعي؛ فهذا الدور لم تعد تلعبه بحكم اللامبالاة والتكالب على خيراتها من لدن البورجوازية المريضة؛ والطبيعة(الطقس) بدورها تمارس قهرها؛ لكي لايتم إعادة الإنتاج الاجتماعي؛ بمنظور تنموي؛ قابل للعطاء؛ لكن الاستغلال البشع على أفراد المجتمع الذي يعلله[عام الفول] بأحوال الزمان؛ والتغيير السلبي الذي أحدثته شلة ولوبيات من الذين لا يرغبون في بناء مجتمع قوي وسليم؛ وبالتالي فالرباعيات تشير[بهاشي ناس عجبهم بزاف/ يشوفوا الفلاح عاجز يصرف](8) مقابل هاته الصورة؛ التي تقابلها صورة الجفاف الذي يعتبر في نظر الرباعيات لعنة طبيعية /ربانية في حق مجتمع سي حقيقة كنهه؛ تقابلهما صورة تحمل لعنة أخرى؛ أكثر ضراوة وشدة[ فاضت ويدان؛جرفت سيول/ وباتت أسر تحت لخيام/ قالوا أسيادنا فعام الفول/ شروق الشمس يتبعوا لغيام](9) فالمعنى هاهنا جلي؛ وتجلياته الإشارية؛ تتحدد بأن الإنتاج الفلاحي لايرجى منه خيرا؛ أو يمكن الاعتماد عليه كقطب إنمائي للاقتصاد؛ فهنا فرباعيات عام الفول يتفاعل و يتقاطع جدليا بالقول المأثور للمجذوب[مهبول من يحرث الفول/ فشط مالح يلوحه] فرغم اختلاف الأزمنة والظروف الاجتماعية؛ فإنه من باب العبث والسخافة، غرس[الفول] في موضع لاينبت فيه؛ وبالتالي فالأمرفيه مضيعة للوقت؛ ونسف صروح المجتمع؛ بحيث [الفول] في القول ها هنا( استعارة مكنية) 2)) باب النساء فيه نجد(15 قولا) كلها في المنحى المضاد[ سلبا] تجاه المرأة؛ في تصرفاتها وتفكيرها وعلائقها ومنظورها لذاتها ومحيطها بتصنيف لمراحلها العمرية؛ وهاته الضدية الممنهجة؛ هي مظهرية/ وصفية أكثرمنها تحليلا لأعماقها السيكولوجية والنفسية؛ وهنا نلاحظ التأثير البين لرباعيات[عبد الرحمان المجذوب] على المرحوم [المهدي الودغيري] في زجله[ عام الفول]ولاسيما أنه لم يخف ذلك؛ بحيث صرح باستشهاد في رباعياته (حق النسا) وبالتالي تبنى مغالطات تحليلية لأقوال [ المجذوب] تجاه المرأة؛ فهاته الأخيرة فرضت نفسها جوانية فكر ووجدانية[ المجذوب] ارتباطا بظروف تاريخية / سياسية / فكرية / أنتجت صورة معينة للمرأة أنذاك؛ فالقرن16 الميلادي(القرن الوسيط) الذي عاش فيه[عبدالرحمان المجذوب] يختلف بنيويا عن زمنية [عام الفول] بحيث العديد ممن تناول المرأة في أقوال الرباعيات؛ كان ينظر للموضوع من الزاوية[ الايروسية] ولم يحاولوا موضعة [ القول] في سياقه التاريخي؛ والميكنزمات المتحكمة أنذاك في المرأة؛ ففي هاته المرحلة تمظهرت فكرة[ شيوعية الجنس] وتأسست فرق وطوائف للدفاع عنه وممارسته؛ ومن أهمها فرقة [ العكاكزة] وما ظهور كتابات القاضي عياض حول التربية الجنسية وكتب مجهولو مؤلفيها تترصد للجوانب الجنسية والمعاشرة؛ وكتاب النفزاوي المشهور[ الروض العاطر] وإن كان [تونسي]الأصل؛ فجميعها أنتجت في نفس المرحلة التي عاش فيه الصوفي [عبدالرحمان المجذوب] وعاشت فيها المرأة قهرا اجتماعيا/ جنسيا/ والقهر من نتائجه؛ إما الانتفاضة / الاستكانة / المكر/ الاستسلام/.*** وإذا تمعنا ما قاله[عبدالرحمان المجذوب] [من ازين النسا بضحكات/ لوكان فيها يدوموا/ الحوت يعوم في ألما/ وهما بلا ما يعوموا] يكافئ المحاسن والأضداد والمساوئ بين المرأة والرجل كذلك؛ بخلاف[عام الفول] فكثيراما مارست الرباعيات السخرية و التهكم ؛ في حقها؛ وذلك من خلال التوليدات والاشتقاقات اللفظية( لمرا/ النتوا/ لوليا/....) 3)) باب الثقافة في هذا الباب نجد (15قولا) وهو متكافئ مع (باب النسا) بحيث هذا الباب في تقديري مضاف فقط؛ بغية خلق التنوع والاستملاح لعملية التبويب؛ ولاسيما أن الثقافة بمفهومها الأنتروبولوجي:هي مركب كلي لمختلف المظاهر الفكرية والمادية لمجموعة بشرية؛ تكون مجتمعا، وبالتالي فالظواهر التي أفرزت(باب المجتمع)هي نفس الظواهر المفرزة ل(باب الثقافة) بحيث البعد الضمني وغير المصرح به؛ رغم أن[عام الفول] سعت ممارسة الانزياح والتقليل من كثافة الخطاب؛ لإبراز الكثافة البلاغية؛ بأن المجتمع المنحل والمفكك اجتماعيا وعلائقيا وسلوكيا؛ وفي شكله وجوهره يعيش في براثين آسنة وفاسدة؛ فمن الضروري أن تكون ثقافته كذلك؛ علما أن : الثقافة في المستوى المجتمعي؛ من حيث هي أنها تعكس واقع المجتمع الذي تنتسب إليه؛ تعكس وضعيته ومطامحه واتجاه مسيرته؛ والحق أن الثقافة مرتبطة دوما بوضعية اجتماعية معينة وبمراحل تاريخية محددة؛ ارتباطا عضويا؛ إنها تعبر بشكل ما عن الوضع القائم وعن حركة المجتمع(10) وبناء عليه؛ فالرباعيات تسير في هذا المنحى بوعي وذكاء حاد؛ مما مارست الترميز الموغل في الرمزية؛ و بشكل قصدي؛ لإخفاء المعنى؛ ولايمكن القبض عليه؛ وتأطيره، إلا بالعودة إلى (باب المجتمع) وتفكيك مافي القول 4)) باب الألقاب نستشف في هذاالباب تفاوت القول عن الأبواب السابقة(36قولا) تصب جلها في عوالم القدح والسخرية والذم؛ وتلك لم تخلق من عدم؛ بل انطلاقامن التنابز بالألقاب بين أفراد المجتمع مثل( الخرزي/ خبيط الركابي/ البلدي/ أومن من خلال الصفة مثل/المكرش/ بوفخاد / المخنتر/المغوفل/المنفوخ/..*** لكن أغلب ما جاء في هذاالباب؛ منبثق من فضاء(فاس) وهذا يذكي احتمالين( أ) إما التعلق الوجداني بالفضاء وطبيعة مظاهره؛ وتحقيق تلك النوستالجية من خلالها؛ بحيث نجدرباعيات (باب الوفاء) تشير للبئر المتلاصق بضريح [مولاي ادريس الأزهر] وفي الذهنية الشعبية تقارن ماء( باب الوفاء) بماء بئر(زمزم) بحيث من لم يشرب ماءها؛ فلن ينال بركته وصحته( حاليا البئر تلوث بمياه المجاري و أغلق) أما الاحتمال(ب) خلق نوع من التميز للمدينة وترسيخ فضائلها وإشعاعها؛ من داخل الرباعيات كرباعيات (بيطيط) وهذا لقب لإحدى الشخصيات المشهورة في مجال (الحلقة) منذ الخمسينيات من القرن الماضي؛ بحيث كان متخصصا في فن الغناء والرقص[ فوسط الحلقة ماكينة حشمة/ وإلا بيطيط شطح مخبي](11) لكن الاحتمالين؛ يسعى[ المهدي] إلى إخفائهما؛ من خلال خلق تداخل وتقاطع في عدة ألقاب؛ وماهي بألقاب مثل/ اليتامى/المديون/الراعي/الساكت/.*** إذ هاته الصفات وغيرها أفرزها المجتمع وطبيعة تركيبته المجتمعية؛ فرغم الاحتمالين فالمعنى الرابط بين( باب الثقافة/ باب المجتمع) بأن المجتمع مركب تركيبا طبقيا مشوها؛ تتناسل منه مظاهر اللاسلوك الحضاري؛ إذامانظرنا للرباعيات التي تعلن[ لقوافي ماهي فول منكوب/والملحون ماهو كباب مغدور](12) وعموما؛ فالمرحوم المهدي الود غيري؛ سعى أن يخلق نفسا بديلا للرباعيات؛ وبالرباعيات؛ ونموذجا إلى حد ما مغايرا متمركزا على الذات ؛من خلال المعاش وكذا رؤيته للعالم كيف يراه وتم التعبير عنه بقول مأثور؛ بإبداع شعبي؛ يعبر عما في الوجدان من قهر اجتماعي وسياسي وفوارق طبقية مصنوعة التركيب؛ وبالتالي فالرباعيات ترتبط أساسا بعملية الإنتاج والاستهلاك. الإحالات 1/ موليم العروسي مقدمة لرواية المارد دار القرويين ص 7 /2001 تحت عنوان الكتابة في الخفاء 2/ تقديم الديوان للفنان أحمد الطيب العلج ص 8 3/ نفس التقديم والصفحة 4/ibid. page102 5/ نفس التقديم والصفحة 6نفس التقديم والصفحة 9 7/عام الفول (رباعيات في الشعر العامي) للمهدي الود غيري دار قرطبة البيضاء 1996 ص 13 8/ نفسه ص 19 9/ نفسه ص 17 10/ من أجل رؤية تقدمية لمحمد عابد الجابري الطبعة الثانية ص52 11/ نفس الرباعيات ص 51 12/ نفسه ص 39