تطالعنا الجرائد والمواقع الالكترونية واليوتوب والفايسيوك والمدونات وكل وسائل النشر والدعاية والفضح والتعرية وبشكل يومي ومتواتر وأحيانا بازدحام بطلقات القمع والمنع والاعتقال وكل أشكال التنكيل والتكميم التي ما فتىء يتعرض لها المواطنين ذوي الضمائر الحية في هذا الوطن المثخن وهي طلقات تزداد غزارة يوما بعد يوم مما يجعل بلدنا يعيش فيما يشبه أنفلونزا قمع ومنع مستمر أعراضه بادية لكل متتبع منتشرة في كل شبر من هذه البلاد ,في القرى والمدن ,في الأحياء والمداشر ,في الشمال والجنوب والوسط ,في الشرق والغرب هذا الأنفلونزا الذي أصاب ويصيب البلاد والعباد والمحدق بمستقبلهما لا تجد له أثر من باب التحذير منه أو التشهير به ,أنفلونزا القمع والمنع المتسع الدائرة حذر ويحذر منه الاختصاصيون من فاعليين سياسيين وحقوقيين وإعلاميين من خطورته على صورة البلاد ومستقبل العباد هذا النوع من الأنفلونزا والذي صار مزمنا بالمغرب لم يحظى بمتابعة الإعلام الرسمي كما حدث مؤخرا مع شقيقه لأنفلونزا الخنازير والذي جعل منه غذاء وعشاء وفطور المغاربة وبدا فيها المسؤلون في هذا الوطن أكثر حرصا وخوفا على حياة المواطنين وحراس مستقبلهم من آفة عالمية لم تكن لهم يد في ميلادها وانتشارها رغم أن واقع الحال يبين أن حياة المواطن وطمأنينته ومصيره هو آخر شيء يفكر فيه أصحاب الكراسي وان شغلهم الشاغل هو مصارفهم /أبناكهم وشركاتهم واستثمار كل حدث للاستفادة منه وما بيع الأدوية من اجل محاربة الأنفلونزا المزعوم سوى إحدى هذه الأمثلة ,أليس أنفلونزا الأمية والفقر والبطالة ... اشد مرارة من أنفلونزا الخنازير العابر ؟ إن أنفلونزا الخنازير الذي وصف بداء القرن كان رحيما رغم ذلك اذا ما نحن سلمنا بوجوده فعلا وعادلا لا يميز يصيب الجميع ويخيف الجميع اما انفلونزا القمع والمنع والاعتقال فهو حصرا على فئة خاصة من البشر , فئة جعلت من حناجرها وأقلامها وأجسادها وسائل للاستنكار والفضح والمواجهة والرفض من جهة والبناء والتوعية والتغيير من جهة ثانية, فكان لزاما لن تدفع ضريبة الشجاعة في تعرية واقع الحال والمساس بمصالح أصحابه –الحال – واستنهاض المتضررين منه والوقوف الى جانبهم ,أنفلونزا القمع ومجاوراته لا يخبط خبط عشواء بل يميز في ضربه يوجه ضرباته صوب التلميذ والطالب والمعطل والصحفي والحقوقي والمدون والكادح وكل المكتويين بنار التفقير والتشريد والتجويع والتبطيل والتكميم ,يوجه ضرباته صوب كل الذين يقولون لا وألف لا للسائد ويمنون النفس بالقادم الأفضل فيروسات القمع والمنع والاعتقال قبلتها كل الأجسام الرافضة والحالمة بمغرب غير هذا الذي نعيش أولئك المشرعين عقولهم للأفكار النبيلة النيرة المناهضة للتمييز والزبونية والحرمان والإقصاء والحجر الفكري والإعلامي , داء القمع والمنع والاعتقال موجه لكل المتمردين على خطوط التحرير المسطرة من لدن حكومات الظل وطاقم الكومساريات ولكل الخارجين عن قواعد البناء والتشييد الفكري المتفق عليها الضامنة لسيرورة الخضوع والتبعية والانبطاح والتسلق ... والتي تضمن للمستفدين السائدين السيرورة والرقي في استفادتهم وللمفقرين المسودين والمسحوقين الاستمرار في فقرهم وجراحهم ,داء القمع والمنع والاعتقال يصيب قاع المجتمع ,السفلي من جسم المجتمع وهو شبيه بداء الأمية والبطالة والجوع وكل المبيقات الاجتماعية ومرادفا لها لا يجد راحته ولا يضمن استقراره وترعرعه ونموه إلا في أوساط السفليين الأنفلونزا المتحدث عنه مرض ثابت حتى ولو لم توليه الأبواق الرسمية أي اهتمام انه داء يدفع بمستقبل البلاد الى مزيد من انتهاك الحقوق والحريات والتعثر والتخلف والدركات في سلاليم الترتيب العالمي والإصرار على هذا الخط من لدن المسؤولين في معالجة معضلات المجتمع سيوفر مزيدا من عوامل اليأس والإحباط والعنف والاحتقان الاجتماعي .... ان القضاء على أنفلونزا القمع والمنع والاعتقال وتطويق انتشاره رهين بضخ جرعات التغيير في عقول الماسكين بزمام الأمور في البلاد وتناول حبات اقتناع بأن منهج القمع والمنع والاعتقال لإسكات الأصوات النشاز في نظرهم لم /ولن يجدي بل سيزيد الأمر تعفنا وان المدخل الأساس لإسكاتهم ووقف حركاتهم وشل سلطة أقلامهم وعدساتهم هو الانكباب على معالجة آفات المجتمع المنتجة لهم بكل جدية ومسؤولية وبدلك سنجد أنفسنا قد انتهينا من مرضين بمرجعيتين مختلفتين مرض الاحتجاج والفوضى والإخلال بالنظام العام كما يراه المستفيدون من الوضع السائد ومرض القمع بشتى تلاوينه المادية والمعنوية كما ينظر إليه المتضررون من واقع الحال فهل يكن ذلك بيت القصيد لدى المعنيين ؟