إن المتتبع لمؤتمر غرناطة بين المغرب والإتحاد الأوروبي يستغرب كيف أن ذلك المؤتمر مر بدون حضور إعلامي يذكر ، وخاصة الإعلام الإسباني الذي كان شبه غائب . لكن ما أثار استغرابي ودهشتي أنا الذي ذهبت بحسن نية لمساندة الوفد الرسمي المغربي للتظاهر ضد أعداء الوحدة الترابية , وكذا دعما للمغرب في شراكته المتقدمة مع الإتحاد الأوروبي , علما أنني ذهبت إلى هناك بإرادة شخصية على نفقتي الخاصة حبا في وطن أريد له كل خير . وحيث لم تكون جنسيتي الإسبانية عائقا في مشاركتي ، لأني أحمل هم الوطن في عروقي , فالوطنية هي اللغة ، هي الدين ، الإنتماء ، مسقط الرأس ، وقناعة راسخة في حواسي ... المهم هو أن ما أثار استغرابي هو المعلومات الصادمة والحقيقة التي يسعون إلى إخفاءها حيث وجدتها بانتظاري . المهم وصلت صباح ذلك اليوم السابع من مارس ، التقيت بوفد دبلوماسي مغربي قدم من إيطاليا الذي دلني على مكان التظاهر " قصر المؤتمرات بغرناطة " ، في ذات الجو المطير ذلك اليوم ، التقيت بعض المغاربة فذهبت لاستفسارهم من أين قدموا ؟ قالوا لي من فرنسا شرحت لهم حالتي أنا الوحيد الذي أختلف عنهم . فأخبروني أنهم قدموا على نفقة الدولة وأن السفارة المغربية هي من تكفلت بكل المصاريف بالإضافة إلى 500 أورو نقدا هي أتعاب الرحلة . كان محدثي من وفد جاء من مدينة بوردو الفرنسية التي قدم منها 200 شخص جلهم شيوخ يتقاضون راتب التقاعد الفرنسي المريح .كانت هناك وفود من مدن فرنسية أخرى , وكذلك وفود أوروبية أخرى ، وكلهم بثمن 500 أورو للفرد ؛ أما وفد إسبانيا فكان أشخاصه من مدريد وبرشلونة ، وبلاد الباسك ، وعرفت لاحقا أنهم تسلموا مبلغ 300 أورو للفرد . أما من المغرب فقد قدمت حافلتين فيها فنانين وفنانات وكذلك بعض البرلمانيين نالوا أيضا نصيبهم من كعكة المساندة المهزلة . كان العدد الحقيقي هو 2000 شخص وليس كما قالت تلفزتنا بأن عددهم 10000 شخص ، وحتى لو صدقنا التلفزة فستكون المهزلة مضاعفة ، نضرا للمبلغ الكبير المخصص . تلك المبالغ المهدورة كان من الأولى أن تذهب إلى منكوبي فيضانات الغرب ، وجبال الأطلس ... ويبقى السؤال عن هذه المساندة المهزلة في الرباط , المساندة التي كلفت دافعي الضرائب الفقراء 500 أورو لكل فرد من أجل المشاركة في الوقت الذي يعاني فيه هؤلاء المواطنون / الرعية قمة الفقر والحرمان .