ستشكل القمة الأولى التي تجمع المغرب بالاتحاد الأوروبي في مدينة غرناطة (جنوبإسبانيا) يومي سادس وسابع مارس الجاري، لحظة قوية لتعزيز الحوار السياسي المنتظم والمضي قدما في مسار التأسيس لشراكة متوازنة ومتعددة الأبعاد بين الجانبين. وتجسد هذه القمة، التي تجمع للمرة الأولى الدول ال27 الأعضاء بالاتحاد الأوروبي ببلد يقع جنوب المتوسط، الطابع المتميز للروابط التي تصل المغرب بالاتحاد، باعتبارهما شريكان يتقاسمان قيم الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان، ويعملان منذ التوقيع على اتفاقية الشراكة في فبراير 1996، والتي دخلت حيز التنفيذ في مارس 2000، على إعطاء دفعة جديدة لعلاقاتهما المتميزة على مختلف الأصعدة. وبالاضافة إلى إرساء حوار سياسي منتظم، يتوخى اتفاق الشراكة، على الخصوص، إحداث منطقة للتبادل الحر بشكل تدريجي، وكذا تعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والمالية والثقافية والاجتماعية. ومن حينها، أعطت كل من المملكة والإتحاد الأوروبي دينامية جديدة لتعاونهما في مختلف القطاعات، من خلال التوقيع على اتفاقية السماء المفتوحة وكذا وضع مخطط عمل متعلق بالسياسة الأوروبية للجوار، وتعزيز التعاون العلمي والتكنولوجي. وهكذا، تم اعتماد حوالي 300 مبادرة في إطار السياسة الأوروبية للجوار، مما مكن من توسيع مجال التعاون الثنائي. وفي الوقت ذاته، ارتقى المغرب إلى مصاف شريك استراتيجي لأوروبا في السياسات والبرامج الجماعية المتعقلة بمختلف المجالات، مستفيدا بشكل تدريجي من المكاسب التي يوفرها السوق الداخلي الأوروبي، من خلال استراتيجيات لتناسق وانسجام السياسات الاقتصادية والقطاعية. وانطلاقا من تثمينه للإصلاحات التي باشرها المغرب في مختلف الميادين، منح الإتحاد الأوربي للمملكة في شهر أكتوبر 2008 وضعا متقدما، اعترافا بالإنجازات التي قامت بها في شتى المجالات. ولكونه يعد أول بلد في المنطقة يستفيد من هذا الوضع لدى الإتحاد الأوربي، أصبح المغرب يحتل موقعا على قدر كبير من الأهمية في إطار السياسة الأوروبية للجوار. وبحصوله على هذا الوضع، حظي المغرب بموقع الشريك المتميز لأوروبا. وهكذا، تشكل قمة غرناطة فرصة للجانبين للوقوف على حصيلة هذا المسار وتعميق الحوار السياسي بخصوص كافة القضايا ذات الاهتمام المشترك ووضع برنامج جديد للتعاون. وفي هذا السياق، سبق لرئيس الوزراء الإسباني خوسي لويس ثاباتيرو، الذى تتولى بلاده الرئاسة الدورية للإتحاد الأوروبي، أن أكد أن هذه القمة ستكون فرصة لتحفيز وتعزيز مسلسل عصرنة المملكة، مضيفا أن هذه القمة، الأولى مع بلد عربي وإسلامي، تعد علامة تقدير للجهود التي تقوم بها المملكة من أجل إرساء دولة الحق والقانون وترسيخ حقوق الإنسان. كما سبق لوزير الشؤون الخارجية الإسباني ميغيل أنخيل موراتينوس، أن أكد أن قمة غرناطة تحمل "قيمة رمزية وتاريخية كبيرة"، معتبرا أن أهمية هذا الحدث تكمن بشكل خاص في النتائج الإيجابية التي ستنعكس على العلاقات بين الجانبين.