يتزامن الاحتفال باليوم الوطني للسلامة الطرقية (18 فبراير) هذه السنة في المغرب، مع ظرفية مطبوعة بتبني مدونة جديدة للسير، والتي تمثل نصا يستهدف على الخصوص، وقف مسلسل الرعب الذي تشهده الطرق المغربية. وقد تمت المصادقة على هذا القانون الجديد، الذي سيدخل حيز التنفيذ في فاتح أكتوبر المقبل، بعد نقاش واسع بين الحكومة ومهنيو قطاع النقل والنقابات من جهة، وداخل غرفتي البرلمان من جهة أخرى، وهو يمثل فرصة جماعية لتغيير السلوك وجعل الطرق المغربية أكثر سلامة وأمنا. + حوادث السير.. أرقام مقلقة في سنة 2009 + لقد كانت مسألة السلامة الطرقية على الدوام، محور اهتمام مركزي بالمغرب، اعتبارا لعدد حوادث السير المقلق، المسجل كل سنة في البلاد، مما يحتم التدخل العاجل للتصدي لهذه الآفة. وحسب الإحصائيات المؤقتة لوزارة التجهيز والنقل، فقد تم تسجيل 69 ألف و348 حادث مروري في المغرب، فقط في سنة 2009، مما أودى بحياة 3946 شخصا، وهي أرقام في تصاعد على التوالي من زائد 67ر18 بالمائة وزائد 45ر6 بالمائة مقارنة مع متوسط الفترة الممتدة من 2004 إلى 2008. + مدونة جديدة لتوضيح حقوق وواجبات مستعملي الطريق + ولمواجهة هذه الوضعية المقلقة، وفي إطار استراتيجيتها في مجال السلامة الطرقية، قامت الحكومة ببلورة مدونة جديدة للسير على الطرقات، تشكل إطارا قانونيا مرجعيا يتجه نحو المستقبل، بإدماج المستجدات والإنجازات المرتبطة بالتنقل وحركة المرور في علاقتها بالتكنلوجيا والتعليم والإكراهات. ويستهدف هذا النص كذلك إيضاح حقوق وواجبات مستعملي الطريق، ونشر ثقافة تحث على الاستعمال الآمن والمسؤول للطريق. + العمل برخصة سياقة وفقا لنظام النقط بغية الاستجابة لمتطلبات السلامة الطرقية + ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، تتضمن المدونة الجديدة للسير رزمة من التدابير، من بينها العمل برخصة السياقة وفقا لنظام النقط وكذا الغرامات التصالحية والجزافية، وتأهيل المراقبة الطرقية والوقاية من الرشوة وضمان حقوق المواطنين. كما تنضوي على إجراءات تتعلق بمراقبة تناول الكحول أثناء السياقة، والعقوبات السالبة للحرية في حالة وقوع حادثة، ونشر مبدإ السياقة المهنية، علاوة على تأهيل المراقبة التقنية للعربات وتعليم السياقة، وذلك بهدف حث السائق على الامتثال لمتطلبات السلامة الطرقية. وتتوخى المدونة اتخاذ تدابير جديدة في مجال السلامة الطرقية، بمنح كل رخصة سياقة، رصيدا من النقط قابل للخصم، في حال ارتكاب حامل الرخصة مخالفة يعاقب عليها بخصم النقط. وبموجب هذا النص، تتوفر رخصة السياقة على رصيد 20 نقطة خلال الفترة التجريبية الممتدة على سنتين، و30 نقطة عندما تصبح الرخصة نهائية. موازاة مع ذلك، يتم إقراض رصيد رخصة السياقة في بعض الحالات، على الخصوص، في حال خضوع السائق لدورة تكوينية حول السلامة الطرقية، أو إذا لم يرتكب مخالفة يعاقب عليها بخصم النقط خلال سنة. + الغرامات التصالحية والجزافية تتوزع حسب خطورة المخالفة + تنقسم الغرامات التصالحية والجزافية إلى ثلاث درجات، تبعا لخطورة المخالفة، مع عدم التمييز بين السائق المهني والسائق العادي، ويتعلق الأمر بمخالفات الدرجة الأولى (700 درهم)، والدرجة الثانية (500 درهم) والدرجة الثالثة (300 درهم). ومن بين المستجدات التي جاءت بها المدونة، يتاح للسائق مرتكب المخالفة حق الاعتراض عليها عبر وضع شكاية مبررة، بغية الدفاع عن حقوقه وتجنب كل شطط في استعمال السلطة من طرف الأعوان محرري المحاضر. وتؤكد المدونة من جهة أخرى، على تأهيل المراقبة الطرقية بهدف ضمان شفافية عمليات المراقبة وتمتعها بالكفاءة المطلوبة، من خلال إدخال التكنلوجيات الجديدة للمراقبة، من قبيل الرادارات المثبتة الكفيلة بمراقبة السرعة واجتياز الضوء الأحمر، وكذا الرادارات المتنقلة المزودة بأنظمة التتبع وإنتاج الحجة المادية لتبرير المخالفة. وتندرج ضمن الإجراءات الأخرى المسطرة ضمن المدونة، الوقاية من الرشوة، من خلال العديد من التدابير، من بينها إلزام الضباط والأعوان القائمين على المراقبة الطرقية بحمل شارة تظهر أسمائهم العائلية والشخصية، ووظائفهم وصورهم، زيادة على إلزامية التشوير المتقدم لنقاط التفتيش. من جهة أخرى، تشير المدونة إلى ضرورة استعمال عون المراقبة لجهاز رصد الكحول أو جهاز رصد مادة الإيثيل، بغية التأكد الموضوعي من السياقة تحت تأثير الكحول، والمعاقب عليها، مع عدم التفريق بين حالة الاختمار وحالة السكر. وحسب النص، تعتبر السياقة تحت تأثير الكحول جريمة قابلة لعقوبة السجن من ستة أشهر إلى سنة، أو غرامة تتراوح قيمتها ما بين خمسة آلاف إلى 10 آلاف درهم، إضافة إلى تجميد رخصة السياقة لمدة تتراوح ما بين ستة أشهر وسنة. وتستهدف العقوبات السالبة للحرية، المسطرة ضمن المدونة، زجر السائقين الذين يخرقون عمدا قوانين السير ويرتكبون حوادث بالغة الخطورة. ومن تم فإن النص يحتوي على تدابير تهم جرائم القتل أو الجرح إثر حوادث سير متوالية، ناتجة عن عدم احترام السائقين لقواعد السلامة وحركة المرور. + إدماج مفهوم السائق المهني + إجراء آخر تم اتخاده من طرف المدونة، يتعلق بإدماج مفهوم السائق المهني بغية الحفاظ على حقوق سائقي وسائل النقل العمومية، تثمين عملهم، تحسين أداء المهنة والمساهمة في الرقي بالنقل الطرقي. وتؤكد المدونة كذلك على أهمية تأهيل المراقبة التقنية للعربات بهدف تحسين جودة الخدمات وضمان دينامية القطاع، وكذا الرقي بمؤسسات تعليم السياقة من أجل التماشي مع الإجراءات الجديدة لمدونة السير. من خلال مختلف هذه التدابير، ستمكن مدونة السير مختلف مكونات المجتمع من ضمان الظروف الملائمة الكفيلة بحماية حياة المواطنين أثناء استعمال الطريق العمومية، من خلال إطار تشريعي عصري يستهدف ترسيخ قيم المدنية والمواطنة.