أكد السيد أحمد حرزني رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان أن التوفيق بين حماية اللاجئين ومتطلبات حماية مصالح الدولة وأمنها من خلال الحرص على عدم التعسف في استعمال إجراءات اللجوء، تفرض على الجميع التعاون والتشاور لبلورة مقاربة شمولية في مجال الهجرة واللجوء. وأوضح السيد حرزني، في كلمة ألقاها اليوم الجمعة بأكادير خلال الجلسة الافتتاحية لندوة حول موضوع "نحو إطار تشريعي ومؤسساتي ملائم لحماية اللاجئين بالمغرب"، أن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان باعتباره مؤسسة وطنية للنهوض بحقوق الإنسان وحمايتها، يتابع باهتمام كبير مسألة وضع إطار قانوني ومؤسساتي ملائم يأخذ بعين الاعتبار "التزامات بلادنا الدولية خاصة تلك المتعلقة بحماية اللاجئين والممارسات الفضلى في التجارب المقارنة". وأبرز أن المغرب واكب الاهتمام الدولي المتزايد بموضوع الهجرة واللجوء في علاقتها بحماية حقوق الإنسان، وذلك بمصادقته في وقت مبكر على اتفاقية الأممالمتحدة الخاصة بوضع اللاجئين سنة 1957 والبرتوكول الملحق بها سنة 1970، كما عمل على سن قانون في مجال الهجرة واللجوء. وبعد أن أشاد بالمجهودات التي بذلت في مجال النهوض بحقوق المهاجرين بالمغرب، أكد أن الحاجة اليوم ماسة إلى مراجعة القوانين المتعلقة باللجوء وتحيينها، مع الحرص على ملاءمتها مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة، إضافة إلى ضرورة إحداث إطار مؤسساتي يعنى بتطبيق مسطرة اللجوء وتدبير شؤون اللاجئين. ومن جهته، ذكر ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالمغرب السيد يوهانس فان دير كلاو أن هذا اللقاء، الذي دعى له ممثلو عدد من القطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية والأجنبية والمنظمات غير الحكومية إضافة إلى ممثلين عن بعض جمعيات المجتمع المدني، يهدف إلى التوصل إلى تصور مشترك لإطار قانوني ومؤسساتي وعملي لحماية اللاجئين بالمغرب. وأشار إلى أن تعميق البحث حول الموضوع يجب أن يأخذ بعين الاعتبار مختلف جوانب هذه الظاهرة الإنسانية التي أصبحت متشعبة ومتنوعة مع ظهور أشكال متعددة للهجرة من بينها اللاجئون وطالبو اللجوء، والهجرة الاقتصادية، وضحايا الاضطهاد، والقاصرون غير المرافقون، والنساء، والمهاجرون لأسباب بيئية أو دينية أو عرقية أو اجتماعية، والباحثون عن ظروف أفضل للعيش وغيرها. وذكر أن المغرب أصبح قبلة للمهاجرين وطالبي اللجوء الذين شرعوا في الاستقرار فيه مع عائلاتهم، وهو ما يطرح عدة إشكاليات تتعلق بالتدابير القانونية والمؤسساتية لحمايتهم. وأضاف أن ما يلفت الانتباه في ظاهرة الهجرة واللجوء هو ارتفاع عدد النساء والأطفال، حيث تمثل النساء نسبة 17 بالمائة من مجموع اللاجئين، في حين يوجد طفل من بين أربعة أشخاص لاجئين، وهو ما يطرح عدة تحديات حول استقبال هذه الفئة وولوجها للخدمات الأساسية من صحة وتعليم وتربية. وعبر عن الأمل في أن يسفر هذا اللقاء عن تأمل مشترك يخلص إلى تبني إجراءات قانونية ومؤسساتية وسبل عملية تمكن السلطات العمومية مستقبلا من تدبير قضية اللجوء وحماية اللاجئين، مبرزا الدور الهام الذي يمكن أن يلعبه المجتمع المدني في التحسيس بحقوق اللاجئين وتطويرها. أما ممثل المنظمة المغربية لحقوق الانسان السيد عبد اللطيف شهبون فقد عبر عن اقتناعه بأنه لا يمكن دراسة ظاهرة المهاجرين واللجوء بالمغرب بمختلف تعقيداتها استشرافا لبلورة مقترحات دقيقة وواقعية تساهم في التخفيف من حدتها إلا بالإنصات والتشاور، وهو ما يمثله هذا اللقاء الذي يهدف إلى الانكباب على الآليات الواجب اعتمادها لحماية اللاجئين بالمغرب. وبعد أن ذكر باللقاءات السابقة التي نظمت بالتعاون بين المنظمة والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالمغرب، أوضح أن المغرب بحكم موقعه الجغرافي أصبح بحكم تطورات الحركة الهجروية بلد استقبال واستقرار فعلي لكل المهاجرين الوافدين من مختلف الأقطار الإفريقية والآسيوية. وأكد أن الرهان منصب حاليا على العمل والتداول مع مختلف الشركاء ومن بينهم أيضا الشبكة الأورو-متوسطية لحقوق الإنسان من أجل الخروج بجملة من التوصيات الدقيقة والعملية خاصة ما يتعلق منها بالتشريع الوطني وملاءمتها على المستوى المؤسساتي من أجل تحسين شروط إقامة المهاجرين وطالبي اللجوء بالمغرب. وستتناول هذه الندوة، التي تستمر يومين، والرامية إلى تحديد المكتسبات وتقييم الحاجيات وإصدار التوصيات الواجب تفعيلها من أجل المساهمة مستقبلا في تطوير نظام للجوء يقوم على احترام المعايير الدولية في مجال حماية اللاجئين، جملة من القضايا تهم على الخصوص "حماية اللاجئين في حركات الهجرة المختلطة .. نموذج المغرب في منطقة شمال إفريقيا" و"دور السلطات العمومية في حماية اللاجئين" و"الإطار التشريعي والمؤسساتي لحماية اللاجئين" و"مساهمة المجتمع المدني في النهوض بحقوق اللاجئين".