ذكرت جريدة (الحياة) اللندنية في طبعتها اللبنانية أن سبقا علميا مهما تحقق على يد العالم المغربي منصف بنكيران، الاختصاصي في المركز الفرنسي للبحث العلمي بمدينة مونبولييه الفرنسية، والذي قدم دراسة تعد بداية حل لغز عدم التوصل إلى علاج شاف ونهائي لداء فقدان المناعة المكتسبة (سيدا) حتى الآن. وأضافت الجريدة، في عددها الصادر اليوم الأحد، أن فيروس السيدا استطاع مقاومة أنواع العقاقير والعلاجات التي استخدمت لمكافحته لعدة أسباب، منها أن الفيروس يعمد إلى نوع من الاختفاء أوالهروب من "ملاحقة" الجهاز المناعي للجسم. وأوضح صاحب المقال أن هذا الفيروس يبدو كأنه "خلية إرهابية نائمة"، تعمد إلى نوع من التخفي لكي لا يتعرف عليها الجهاز الذي يطاردها، مشيرا إلى أنه وفي معظم الأحوال، يشكل الجهاز اللمفاوي في جسد المريض ملاذا مفضلا لهذا الفيروس القاتل، حيث لا تستطيع الأدوية الوصول إليه. وقد توصلت مجموعة عمل قادها بنكيران إلى تحديد طبيعة البروتين الذي يعيق عمل خلايا المناعة في الجسم، أثناء صراعها مع السيدا، والذي يعد أحد الفيروسات الأكثر ضراوة وانتشارا على المستوى العالمي. وتصدت المجموعة لحل الإشكال الذي أرق اختصاصيي السيدا خلال العقدين الأخيرين، والمتمثلة في أن فيروس السيدا يستطيع السيطرة على الخلايا التي يفترض أن تنبه الجهاز المناعي إلى وجوده، ما يجعله في منآى عنه. ولأن معظم أدوية علاج السيدا تعمل على مساعدة جهاز المناعة، فإن سيطرة الفيروس على تلك الخلايا يؤدي إلى بقائه قويا في وجه هذه الأدوية. وبفضل التطور المستمر في بحوث الوراثة والجينوم، انفتح أفق آخر لمحاصرة الفيروس بعد دخوله إلى الجسم، حيث رصد باحثون في ألمانيا شخصا يمتاز بطفرة وراثية نادرة، لأنها أصلا لا توجد إلا في منطقة القوقاز الآسيوية بنسبة تقل عن واحد في المائة. ولقد التقط العالم المغربي هذا الخيط، ليضيفه إلى عمله حول الجينات وقدرتها على التصدي للسيدا. وفي حال نجاح بحوثه، فإنها ستشكل نصرا عمليا مزدوجا، فمن ناحية لا تزال آفاق العلاج بالجينات ضئيلة عمليا، ومن الناحية الثانية، فإن استعمال الجينات في علاج مرض فيروسي فتاك يعد سابقة علمية. وكان بنكيران قد بدأ دراسته الجامعية في المغرب، ثم انتقل إلى فرنسا لاستكمال مراحلها العلمية المتقدمة، إضافة إلى أنه اشتغل أربع سنوات في معاهد الصحة الوطنية بواشنطن، قبل أن يعود إلى فرنسا ليكون فريق عمل متخصصا في البحوث حول فيروس السيدا.