بفضل اختياراته الاقتصادية والسياسية الصائبة في السنوات الأخيرة، يواصل المغرب تعزيز مكانته داخل المجموعة الدولية كبلد عازم على مواصلة جهوده في تحقيق التنمية على الرغم من ظرفية إقليمية وعالمية مضطربة. آخر اعتراف بهذه الجهود، جاء أمس السبت من (إف دي إي إنتليجانس) التي تعد من أهم أقسام المجموعة الإعلامية البريطانية (فاينانشل تايمز) التي أكدت أن المغرب "بلد إفريقي واعد"، وهو ما يشكل اعترافا مهما يضع المغرب على رأس البلدان الإفريقية على مستوى استقطاب الاستثمارات الخارجية. وأكدت (إف دي إي إنتليجانس) أن الاستثمارات الخارجية المباشرة سجلت ارتفاعا بنسبة 8 في المائة في 2010 وهو رقم مكن المغرب من تجاوز جنوب إفريقيا التي تصنف كأكبر قوة اقتصادية على المستوى القاري. ولم يكن هذا التكريس وليد الصدفة، بل نتيجة لاستراتيجية وضعت بشكل محكم، تقوم على المشاريع التنموية الكبرى والبنيات التحتية، والتي حولت المغرب إلى قطب لجلب المستثمرين الأجانب. فقد مكنت الفرص الكبيرة التي تتيحها المملكة في مجالات متنوعة كالتكنولوجيات الحديثة للاتصال وصناعة الطيران والصناعات الغذائية، بالإضافة إلى موقعها الجغرافي الاستراتيجي، وجهة مفضلة للشركات الدولية، وهي العوامل التي دفعت ثلاثة من أكبر مكاتب المحاماة المتخصصة في مجال الأعمال، وهي آلان أوفري، كليفورد تشانس، ونوتون روز، إلى فتح تمثيليات لها بالمغرب. ويمكن تفسير تحمس هذه المكاتب لفتح فروع لها بالمملكة، بالرغبة في التموقع في السوق المغربية ومواكبة الشركات متعددة الجنسية والمستثمرين الأجانب والتي يزداد عددها بالمغرب الذي يحقق طموحه المشروع بتشكيل أرضية نحو إفريقيا والعالم العربي. وقال عضو مكتب آلان أوفري في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إن المغرب بفضل الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي باشرها، يقدم نفسه كأرضية مناسبة للاستثمار نحو إفريقيا جنوب الصحراء ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وبالإضافة إلى مؤهلاته الجغرافية واستقراره السياسي، يوفر المغرب، حسب المسؤول، مناخا للأعمال يستجيب للمعايير الدولية على مستوى الشفافية والانفتاح. وحسب المحللين، فإن دخول مكاتب المحاماة الأجنبية للمغرب يعود إلى اندماج المغرب في الاقتصاد العالمي. فالبنسبة إليهم، فإن رجال القانون المتخصصين في الأعمال مدعوون للاضطلاع بدورهم في مواكبة الفاعلين المغاربة والأجانب الذين اختاروا الاستقرار بالمغرب. وكان صندوق النقد الدولي، والاتحاد الأوروبي قد نوها بحسن أداء الاقتصاد المغربي مؤكدين على أن المملكة نجحت في رفع تحديات كبيرة بفضل تدبير ماكرو اقتصادي حذر وإصلاحات سياسية. كما اعتبرت مؤسسة (برتون وودز) أن استراتيجية المغرب من شأنها تعزيز الحكامة الجيدة والشفافية وتحسين مناخ الأعمال وهو ما سينعكس إيجابا على مستوى الساكنة وعلى إمكانيات النمو.