تسعى جزيرة هاينان الواقعة في أقصى جنوب الصين، أو "هاواي الصينية" كما تلقب، لتحقيق طموحاتها في أن تصبح وجهة سياحية عالمية مثل بالي الأندونيسية أو بوكيت التايلاندية، بعد أن وافقت السلطات على ضخ ملايير الدولارات لتطويرها، كأكبر مقصد سياحي دولي بحلول عام 2020. وتتوفر جزيرة هاينان المدارية على كل المميزات لتكون كذلك، من شواطئ لم تلوثها مياه الأنهار الصناعية داخل الصين، وهواء نظيف وخضرة دائمة وجو معتدل طوال السنة، وما يساعد في تحقيق طموحاتها تلك، النمو المتواصل الذي يفوق 30 في المائة سنويا منذ عشر سنوات في تدفقات السياحة الداخلية على الجزيرة، وهو ما رفع أسعار هذه الوجهة ل55 في المائة في ظرف أربع سنوات فقط. وتشمل خطة الصين، التي أعلن عنها مطلع الشهر الجاري، إجراء تحسينات في البنية الأساسية السياحية، وتطوير القطاعات الخدمية واللوجستية والمالية، وبناء موانئ ترفيه ومطارات وطرق جديدة، وتأهيل مراكز الجذب السياحي وفتح مجالات للتعمير السياحي. كما تشمل الخطة تطهير القطاع من خلال الرفع من مستويات جودة الخدمات المقدمة، والضرب بيد من حديد على مخالفي القانون ومنتهكي اللوائح السياحية، وتوفير برامج لتدريب العاملين في القطاع وتعليم اللغات. كما تعتزم السلطات تطبيق نظام الإعفاء من التأشيرات للسياح من بعض الدول في أوربا. وتعرف السياحة في الصين نموا كبيرا سنة بعد أخرى، أساسا بفضل التدفقات السياحية الداخلية، وتوسع قاعدة الطبقة الوسطى التي تقدر حاليا بنحو 300 مليون شخص، غالبية أفرادها يقبلون على الإنفاق على النمط الغربي. فشساعة البلاد وتنوع مناخها وتضاريسها على مدار السنة، وسلة التحفيزات التي تقدمها الدولة لتطوير القطاع السياحي، جعل كل المدن الصينية، بل وحتى القرى النائية الصغيرة، تطور سياحة داخلية على مقاسها، تساهم بحصة ما في نمو دخلها الخام السنوي. وفي هاينان ومدنها الرئيسية هايكو وسانيا، تنتشر كالفطر المنتجعات السياحية الضخمة التي تطورها شركات عالمية من هونغ كونغ واليابان والولايات المتحدةوفرنسا. وبلغ زوار هاينان من السياح المحليين نحو 19 مليون العام الماضي، مقابل 680 الف فقط من السياح الأجانب، ويشكل الآسيويون، خصوصا اليابانيون والكوريون، النسبة الأكبر من السياح الأجانب، الذين يقبلون بالخصوص على رياضة الغولف والرياضات البحرية. وقطاع السياحة الصيني واعد ومفعم بالحيوية، لكنه بخصوصياته المحلية، لعل أبرزها الإقبال منقطع النظير على السياحة الداخلية، التي تولي لها الدولة اهتماما أكبر من الخارجية. كما أن للسياح الصينيين الى الخارج خصوصية، فوفقا للإحصائيات الرسمية فقد بلغ عدد المسافرين الصينيين إلى الخارج أكثر من أربعين مليون نسمة في العام الماضي، لكن نسبة السياح منهم تظل قليلة في الواقع، ومتمركزة فقط في وجهات جنوب شرق آسيا من تايوان الى كوريا والتايلاند واليابان، في حين تظل الوجهات الأوربية ضعيفة ومقتصرة فقط على الطبقات الميسورة. فعدد السياح الذين زاروا فرنسا، التي تعد أكبر وأول وجهة سياحية في العالم لم يتجاوز 600 الف شخص العام الماضي مقابل 70 الف سائح لتركيا و65 الف لمصر و3500 لتونس، وهذه البلدان جميعها تتوفر على مكاتب للاستقطاب السياحي في الصين منذ سنوات. وبعض من هؤلاء السياح المفترضين مكثوا في تلك الدول وأقاموا محلات للتجارة ومارسوا أنشطة مدرة للربح، وهذه أبرز العقبات التي يصطدم بها غالبية الفاعلين السياحيين. وتوقع رئيس إدارة السياحة الصينية شاو تشي وي، في مؤتمر عقد الأسبوع الماضي ببكين، وصول إيرادات صناعة السياحة في البلاد الى 44ر1 تريليون يوان (215 مليار دولار) عام 2010. وقال أمام المؤتمر الوطني لأعمال السياحة للعام 2010 "إن الصين ستشهد تنمية سريعة في سوق السياحة المحلية، وانتعاشا شاملا في سوق سياحة الأجانب وتنمية مستمرة في سوق السياحة الى الخارج". وشهدت الأسواق السياحية الصينية زيادة سريعة ومستقرة في عام 2009، وبلغ عدد السياح من داخل البلاد طوال السنة 9ر1 مليار شخص، بزيادة 11 في المائة على أساس سنوي. وبلغ عدد السياح الأجانب الوافدين على الصين 55 مليون سنة 2007، وإيرادات الصين من السياحة الأجنبية 9ر41 مليار دولار. وحسب المنظمة العالمية للسياحة، ستصبح الصين في العام 2020، أكبر دولة للاستقطاب السياحي ورابع أكبر دولة مصدرة للسياح.