على الرغم من دعوة كل الحركات والاحزاب السياسية المصرية للمشاركة في مظاهرة اليوم الجمعة بميدان التحرير تحت شعار "وحدة الصف" لتوحيد المواقف واستعادة التوافق بين هذه الحركات غير أن هذه المظاهرة التي استقطبت بحسب المنظمين نحو مليون مشارك، عكست في الواقع الحجم الحقيقي لائتلاف التيارات الاسلامية ونجاحها في تعبئة الرأي العام . وطغت الشعارات الدينية التي رفعها المتظاهرون على الشعارات التي أطلقتها باقي الحركات السياسية وتركزت بالأساس على تطبيق الشريعة الإسلامية والحفاظ على الهوية الإسلامية لمصر. واحتلت التيارات ذات التوجه الاسلامي معظم منصات ميدان التحرير وأطلقت حملة لجمع مليون توقيع للمجلس العسكرى للإفراج عن المعتقلين السياسيين خلال ثورة 25 يناير والتعجيل بتحقيق مطالب الثورة. ولم تجد باقي التيارات السياسية من بديل سوى إعلان انسحابها من ميدان التحرير بسبب ما وصفته ب "هيمنة بعض التيارات الرجعية التى تستخدم الدين سياسيا على الميدان" ودعت في بيان مشترك المجلس العسكري لحماية مدنية الدولة المصرية ووضع مواد حاكمة للدستور، كما دعت الاحزاب السياسية لتشكيل كتلة وطنية من الأحزاب والقوى السياسية التي تنادي بمدنية الدولة لتوحيد الصف حول القواعد الحاكمة للدستور. واستنكر البيان الذي وقعته 23 حركة وحزبا سياسيا "نقض بعض القوى الاسلامية لما تم الاتفاق عليه بعدم استخدام شعارات دينية ورفعها للافتات دعائية وهو ما مثل انتهاكا صارخا لكافة الإتفاقات بين القوى السياسية". وبالمقابل نظم عشرات من الشباب مسيرة صامتة داخل ميدان التحرير رفعوا خلالها شعارات تدعو لعدم التكفير والتمسك بالدولة الدينية. وأكد ائتلاف التيارات الاسلامية من جهته في بيان أصدره عقب هذه الاحداث أنه لم يوقع على أية التزامات مسبقة تمنع استخدام شعارات تعكس بنظره إرادة الشعب المصري، مبرزا أن اسباب نزول الاسلاميين لميدان التحرير كان هو " انحراف عدد من القوى السياسية عن أهداف الثورة". وكان الائتلاف، الذي يضم الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح والسلفيين والاخوان المسلمين، ، قد انتقد في بيان سابق الطريقة التي تدير بها باقي الحركات المظاهرات بميدان التحرير ووعد بتنظيم مظاهرات "تعكس بحق تطلعات الشعب المصري وتكشف من يحظى بالشعبية والتأييد". كما عبر عن رفضه "توجيه سياسة الدولة من خلال مجموعة من المعتصمين تفرض رأيها على المجتمع وتهدد أمنه ومصالحه" وضرب مثالا بغلق مجمع التحرير والتهديد بغلق قناة السويس مما ألحق ضرارا بالغة بالاقتصاد المصري. واستغلت احزاب سياسية هذه الاحداث للدعوة لتمديد الفترة الانتقالية وتأجيل الانتخابات البرلمانية المزمع تنظيمها في نونبر المقبل وطالبت بوضع دستور للبلاد قبل تنظيم أية انتخابات خوفا من فوز ساحق لجماعة الاخوان المسلمين الاكثر تنظيما واستئثارها بوضع دستور البلاد. ورغم تأكيد جماعة الإخوان المسلمين التي عانت من الحظر لعقود من الزمن أنها لا تسعى لتقديم مرشح عنها للانتخابات الرئاسية وان منافستها على مقاعد مجلسي الشعب والشورى ستكون محدودة، إلا انها توجد، مقارنة مع باقي الاحزاب السياسية ، في وضع افضل يتيح لهم استثمار الحريات الجديدة وحشد الدعم لها بفضل تنظيمها المحكم . وفي محاولة لطمأنة باقي الفاعلين السياسيين أكد محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في تصريحات صحفية أن الإسلام لايعرف إلا الدولة المدنية وأنه لامجال للخوف من نظام الحكم الإسلامي .