قال الوزير المكلف بتحديث القطاعات العامة السيد محمد سعد العلمي ، اليوم الخميس بالرباط ، إنه "يجري حاليا الانتهاء من وضع الصيغة النهائية لمشروع نظام أساسي جديد للوظيفة العمومية". وأضاف السيد العلمي الذي كان يتحدث في افتتاح أشغال المناظرة الدولية حول تطوير تدبير الموارد البشرية بالإدارات العمومية، أن هذا المشروع سيكون شاملا ومتكاملا، يأخذ بعين الاعتبار كافة المواضيع المستجدة في مجال تدبير الموارد البشرية. وأوضح أن هذه المواضيع تتمثل أساسا في اعتماد مقاربة الوظائف والكفاءات، ووضع منظومة ناجعة لتقييم الأداء، وتكريس الحقوق والواجبات، وضمان الاستحقاق وتكافؤ الفرص، وتبني التدبير اللاممركز للموارد البشرية، وتشجيع الحركية والانفتاح على باقي المرافق العمومية، وتأطير القواعد المتعلقة بالأجور والتعويضات. وأكد أن النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية الصادر منذ أكثر من خمسين سنة، لم يعد يساير التطورات التي يعرفها محيط الإدارة، كما لم يعد يستجيب لمتطلبات ورهانات التدبير الحديث للموارد البشرية، على الرغم من التعديلات التي سبق أن أدخلت عليه. ومن أجل إقرار منظومة حديثة للأجور تتجاوز الاختلالات التي تعتري المنظومة الحالية وتأخذ بعين الاعتبار عنصري الوظيفة والمردودية، تعزيزا لقيم الإنصاف والشفافية، -يقول الوزير - بادرت الحكومة إلى تكليف مكتب خبرة دولي مختص بإنجاز دراسة شاملة في الموضوع، تفضي إلى اقتراح منظومة جديدة للأجور محفزة ومنصفة. وأوضح أنه بعد الانتهاء من المرحلتين الأولى والثانية من الدراسة، يتم حاليا إنجاز المرحلة الثالثة والأخيرة، وهي مرحلة الإصلاح البنيوي، الذي لن يرتكز فقط على الدرجة أو السلم، ولكن أيضا على أساس مفهوم الوظيفة، أي بناء على الأعباء والجهود المبذولة، والمسؤولية والمخاطر المتحملة، وشروط العمل، وكذا الكفاءات المكتسبة. وبموازاة مع الإصلاح الهيكلي لمنظومة الأجور، أشار السيد العلمي ، بمناسبة انعقاد هذه المناظرة التي تنظمها الوزارة المكلفة بتحديث القطاعات العامة تخليدا لليوم الأممي للوظيفة العمومية ، إلى أنه تتم حاليا مراجعة نظام التقطيع الترابي للمناطق لأجل تحديد معايير أكثر موضوعية لمنح التعويض عن الإقامة. وعلى مستوى آخر، أبرز الوزير أنه تم اعتماد مقاربة الوظائف والكفاءات من خلال انخراط كل الوزارات في إعداد دلائلها المرجعية للوظائف والكفاءات، باعتبارها آلية ضرورية للملاءمة بين المنصب ومؤهلات الموظف الذي يشغله. وفي مجال مقاربة النوع، أعدت الوزارة المعنية برنامجا عاما لمأسسة مبدأ المساواة بين الجنسين في الوظيفة العمومية، يتضمن جملة من التدابير الرامية إلى تحقيق الإنصاف والمساواة بين الجنسين، سواء فيما يخص تدبير الموارد البشرية أو فيما يتعلق بتقوية تمثيلية النساء بمراكز اتخاذ القرار. وقال الوزير إن هذه المناظرة تروم دراسة هذا الموضوع الحيوي الذي يستمد أسسه ومنطلقاته من معطى أساسي يقوم على الارتباط الوثيثق بين تطوير المسار التحديثي للإدارة المغربية ومستوى تدبير الموارد البشرية، بما يقتضيه من تعزيز لكفاءاتها وتدعيم لقدراتها ورفع من مستوى أدائها. وعلى صعيد آخر، اعتبر السيد العلمي أن مشروع الدستور الجديد سينقل المغرب بعد المصادقة عليه إلى عهد جديد بما يكرسه من تحول ديمقراطي واسع ونقلة نوعية متقدمة، ترسخ قواعد بناء الدولة الديمقراطية الحديثة، مبرزا ما يتضمنه من مبادئ قوية في مجال الحكامة الجيدة وتخليق الحياة العامة، بإحداث منظومة مؤسسية وطنية منسجمة ومتناسقة في هذا الشأن. من جهته، توقف السيد فرانسيسكو كاردونا الخبير بمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية عند الأوراش الكبرى التي فتحتها المملكة على جميع الأصعدة، ولاسيما في مجال إصلاح الإدارة العمومية، من خلال تطوير الرأسمال البشري ومكافحة الرشوة وإقرار الحكامة العمومية. وقال إن هذه المناظرة التي تعرف مشاركة خبراء مغاربة ودوليين ولاسيما من منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية وكذا مديري الموارد البشرية بالقطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية، تعد مناسبة لتعميق النقاش بشأن قضايا حيوية تهم قطاع الوظيفة العمومية، ورصد التطور الذي حققه المغرب مقارنة مع بلدان أخرى. كما عبر عن تقديره للمضامين التي تضمنها مشروع الدستور الذي قال إنه يكرس دولة الحق والقانون وينصص على ممارسات الحكامة الجيدة في جميع المجالات. وسيتم خلال هذه المناظرة التي تستمر يوما واحدا، عرض بعض التجارب الإصلاحية الناجحة في عدد من الدول الأوربية، والاستماع إلى شهادات حية حول بعض الممارسات التطبيقية المتميزة في مجال تدبير الموارد البشرية، وذلك بغاية المساهمة في تطوير وتثمين منظومة تدبير الموارد البشرية بالمغرب، وإغناء الأوراش التحديثية التي هي حاليا في طور الإنجاز. وتتوزع أشغال هذه المناظرة التي ينشطها خبراء وباحثون مغاربة وأجانب، على جلستين، الأولى تحمل عنوان "التجارب الإصلاحية الناجحة المعتمدة في مجال تدبير الموارد البشرية"، والثانية "رهانات تطوير تدبير الموارد البشرية وتأهيلها". وتتخلل الجلستان عروض تبحث في "تطوير تدبير الموارد البشرية: آليات الانتقال من تدبير تقليدي إلى تدبير حديث"، و"تحديث الوظيفة العمومية لأجل حكامة جيدة: المسؤولية والرقابة والشفافية"، و"تدبير الوظيفة العمومية وتحديث منظومة تدبير الموارد البشرية: الاستراتيجية والآليات والتتبع"، و"ملاءمة الآليات الخاصة بتعزيز وترسيخ سياسة التدبير التوقعي للوظائف والكفاءات"، و"تقييم الكفاءات"، و"دعم المهنية وتطوير الكفاءات بالإدارة العمومية: الاستقطاب، الترقية بالكفاءة، تدبير النجاعة"، و"عرض الدراسة التقييمية عن طريق التعاضد المعرفي حول آليات تدبير الموارد البشري بالقطاعات العامة بالمغرب خلال سنة 2010".